التخطي إلى المحتوى

فلنتابع معاً عبر موقعكم ” خليج نيوز ” التفاصيل المتعلقة بخبر

في لحظات التحولات المُجتمعية مثل الاستعداد للحرب ينبت أيضًا الحب في القلوب.. ففي سبعينيات القرن الماضي عندما كانت القاهرة تستعد لبزوغ فجر جديد بعد أن استقرت شمس المغربية على دروبها بعد نكسة 1967 لسنوات؛ التقت ليلى عبد المجيد بالشاب الأسمر الجذاب محمود علم الدين في الجمعية الأدبية التي كان يشرف علها الدكتور عبد العزيز شرف.. وقتها كانت ليلى طالبة بالسنة الأولى في معهد الإحصاء، وكان محمود علم الدين في السنة الثانية.. وحينما استمعت إليه للمرة الأولى أثناء حديثه في لقائهما بالجمعية لفت نظرها؛ حيث كشفت كلماته عقلية مبدعة ومرتبة، ووجدت فيه الشخص المقتنع بما يقول، بل والشاب الذي يشع حيوية.. ومن هنا وبدأت صداقتهما التي دعمتها طبيعة العمل في المعهد – الذي أصبح بعد ذلك كلية.. كان ذلك في سبعينيات القرن الماضي.

كلية الإعلام

من الجمعية الأدبية للدور الرابع بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية

انتقل الزميلان والصديقان ليلى ومحمود للدور الرابع بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ولمدة ٢٥ سنة؛ في الحجرة المخصصة لجريدة صوت الجامعة التي صدرت في ديسمبر ۱۹۷۲ بإشراف الأستاذ الراحل العظيم جلال الدين الحمامصي والتي اعتبرتها مؤسسة أخبار اليوم – تقديرا له خصوصا بعد أن عاد رئيسا التحرير جريدة الأخبار إحدى إصداراتها؛ وخصصت لهم غرفة صغيرة لتكون صالة تحرير صوت الجامعة.. هنا توطت علاقة الصداقة لتتحول إلى حب بين ليل ومحمود؛ خاصة وأنهما كانا يقضيان فيها ساعات طويلة من العمل.. كل الأيام تقريبا وخصوصا يوم السهرة الأحد حيث كانا يتحركان بين الحجرة والمطبعة التي تنفذ فيها الجريدة.

كلية الإعلام

محمود علم الدين الطالب الذى مال له قلب زميلته ليلى عبد المجيد؛ استطاع بموهبته وتميزه وقدراته أن يستميل بل يستحوذ على إعجاب أستاذهما الحمامصي؛ وأن يحظى طيلة الوقت باحترام وتقديره  والإشادة به في اجتماع التحرير المشترك بين دفعة ليلى ودفعة محمود الأكبر منها سنا.. ومن هنا ابتدى المشوار بين محمود وليلى.. ولم يفترقا أبدًا حتى رحيله؛ وبعد أن أصبح هو من أوائل أساتذة كلية الإعلام في تخصصه “تكنولوجيا الصحافة”، وأصبحت ليلى عبد المجيد أستاذة في تخصصها بالإعلام لها تلاميذها..عن الزمالة والصداقة والحب والزواج والأبناء ورحلتهما العملية أهدت الأستاذة الدكتورة ليلى عبد المجيد، أستاذة الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة سيرة أستاذ وعالم جليل وحبيب جمعتهما رحلة من المحبة والاحترام طيلة خمسين عامًا في كتابها الصادر حديثًا عن دار “السحاب” للنشر؛ تحت عنوان “محمود علم الدين.. العالم والإنسان.. سيرة ومسيرة”؛ حيث تقول: “مع (محمود) عرفت المعنى الحقيقي للحب.. فالحب ليس مجرد عواطف جياشة وكلمات رقيقة تقال.. بل هو مواقف يقفها كل حبيب إلى جانب حبيبته سواء في الفرح أو الألم والحزن.. هكذا كان محمود.. سندا حقيقيا لي وأنا أيضا كنت له السكن والدفء.. كنا نختلف في بعض تصوراتنا وآرائنا في الحياة.. ولكنني كنت آراه نصفي الآخر به وبإنتاجنا الإنساني المشترك (مروة بنتنا) اكتملت فعلا.. كإنسان.

كلية الإعلام

وتتابع ليلى عبد المجيد: “عشنا معنا رحلتنا.. كل لحظة كانت تحمل جمالا وتحققا… كل المعاناة والتعب والمصاعب التي واجهناها… مرت واستطعنا تخطيها بفضل الفهم المشترك.. فكلا منا كان يعرف الأخر جيدا. ويستوعب مزاياه وعيوبه ولا يحاول تغيير الطرف الآخر.. أو أن يفرض عليه ما لا يحتمله أو يقبله ولكننا وصلنا إلى مرحلة اندماج كامل إذ كان يأتي أحيانا ليحدثني في موضوع ما وأكون أنا أفكر فيه في الوقت نفسه وهو كذلك كثيرا ما كان يقول لي أن ما أحدثه فيه كان يفكر فيه في اللحظة نفسها”.

حياتي معه.. منذ أن عرفته كانت ممتعة بعقله وفكره فهو بحق خزينة أفکار إبداعية لا تنضب.. هو دوما متحمسا لعمله.. فالعمل بالنسبة له كان هو الحياة نفسها.. وللحظاته الأخيرة ظل يعمل ويعمل رغم ما كان يعانيه وربما كان هذا من أسباب نجاحه وتميزه وتأثيره اللا محدود على كل من كانوا حوله من طلاب وزملاء وأصدقاء.. وإذا كانت إرادة الله قد قضت أن يرحل بجسده فأنه باق بكل ما قدمه للإنسانية من إنتاج علمي متميز ومبدع ومن إنتاج بشري من طلابه الذين يدينون له بما حققوا وكل ما قدمه للوطن من مواقف شجاعة تتسم بالوطنية والاستعداد للتضحية خالدة.. سيرته العطرة.. وهو بالنسبة لي.. غائب إلى حين.. حتى نلتقي، ويجتمع النصفان مرة أخرى”.

رحلة العلم والعمل.. حلم.. طموح.. تحدى

فى هذا الكتاب؛ وضعت أمامنا أستاذة الصحافة الأستاذة الدكتورة ليلى عبد المجيد، ورفيقة درب العالم الراجل الدكتورة محمود علم الدين كل ما أنجزه طوال مسيرته العلمية من مؤلفات في تخصصه، وقائمة بالرسائل العلمية والأكاديمية التي أشرف عليها في غالبية كليات الإعلام وأقسامه بالجامعات المصرية؛ وتدرجه الأكاديمي في الجامعات المصرية والعربية الحافل بالمنجزات الأكاديمية، وخبراته، وبحوثه من فن المجلة إلى صناعة النجاح، وهي بحوث جمعها همًا واحدًا إلا هو مشاكل مهنة الصحافة ورسالتها النبيلة ومستقبلها في ظل تطورات سريعة ومتلاحقة شهدها عالمنا في الربع الأخير من القرن العشرين؛ مدركًا تأثيراتها الإيجابية والسلبية انطلاقًا من اهتمامه في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، والإعلام الرقمي ومتطلباته وإيجابياته وسلبياته.

موعد ومكان عزاء محمود علم الدين عضو أمناء الحوار الوطني | بوابة أخبار اليوم الإلكترونية

وتنوعت دراساته أيضًا ما بين الكتابة والتحرير الصحفي، والإخراج، وفنون التحرير وتطوراتهما، وبين معايير الصحافة والإعلام المهنية والأخلاقية وتجارب التنظيم الذاتي لها، كما كان من بين اهتماماته العلمية إدارة الصحف واقتصادياتها، بالإضافة إلى اهتمامته بالصحافة العلمية بحثًا وتدريسًا؛ حتى كتابه الأخير الذي صدر عام 2022، والذي يمثل رسالته إلى الأجيال القادمة، ووصاياه العشر التي قدمها فيه تحت عنوان “صناعة النجاح”.

هكذا عرفنا.. ولمسنا صفاته

في هذا الجزء من الكتاب؛ شارك عدد كبير من أساتذة الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وأقسام الإعلام في الجامعات المصرية والعربية، ورؤساء تحرير الصحفي والممارسين المهنيين العديد من المحطات الإنسانية والعلمية التي جمعتهم بالدكتور محمود علم الدين..فمنهم من كتب من منطقة الزمالة له، ومنهم من شارك بقلمه كلماته فيه كأستاذ أكاديمي تتلمذ على يديه، ومنهم من عرفه ككاتب في الصحف والمجلات ومتخصص، ومن أبرز من شاركوا في هذا الجزء من الكتاب شهاداتهم في أستاذ الأجيال الدكتور محمود علم الدين كل من الدكتورة ثريا البدوي عميدة الكلية حاليا، وعدد كبير من أساتذة الكلية كل من الدكتور محمود خليل، الدكتورة نجوى كامل، الدكتورة أمل دراز، الدكتورة إيمان خطاب،  الدكتور محمود مسلم، الدكتور فاطمة الزهراء السيد، الدكتورعصام فرج، وغيرهم.

واختتمت رفيقة درب أستاذ الأجيال كتابها عنه بعدد كبير من مقالاته التي نشرها في الصحف والمجلات المصرية.