تضطلع الإدارة الجديدة بمسؤولية التخلص من السلاح المنفلت ومحاولة ضبط الأمن وفق شروط العدالة الانتقالية وتسليم الضالعين في جرائم الإبادة التي حدثت زمن بشار الأسد، باعتبار المحاسبة على الانتهاكات جزءاً لا يتجزأ من تحقيق العدالة، وضماناً لئلا تقع البلاد في مستنقع أخذ الثأر والجرائم الفردية، ما يجعل من سن قوانين للمعاقبة على الانتهاكات ضرورة ملحة تفرضها المرحلة، من شأنها أن تعيد الثقة المفقودة بين أفراد الشعب والأجهزة الأمنية، خصوصاً أولئك الذين تعرضوا للانتهاكات بشكل مباشر.
ولا تقتصر المسؤولية في هذا السياق على الأجهزة الأمنية وحسب، بل إن رواد مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً هم من المؤثرين في هذه المرحلة، إذ يقوم فلول الأسد ومؤيدوه بالتجييش على صفحات تلك المواقع وتلفيق الأكاذيب والأخبار العارية عن الصحة، ونشر أخبار حول جرائم يقوم بها السنة بحق الطائفة العلوية دون وجه حق والاعتداء على العزل منهم، فيما يرد البعض على هذه الدعوات بنشر الطائفية أيضاً كشكل من أشكال الدفاع عن النفس، وتأخذ هذه الدعوات بالانتشار كالنار في الهشيم، وتأخذ شكل التجييش الطائفي والدعوات لحرب أهلية ضمناً. أضف إلى ذلك أن ما يقوم به فلول النظام من نصب كمائن لعناصر الأمن العام وقتلهم والتنكيل بهم يعتبر محرضاً مباشراً على الفتنة والطائفية، والدعوات للثأر، التي يساهم انتشار السلاح بتغذيتها والعبث بأمن البلاد، ما يجعل من مشاركة العقلاء والوجهاء من كل الطوائف والمكونات في الحد من هذه السلوكيات وإعلان رفضها أياً كان القائمون بها أمراً ضرورياً لوقفها والقضاء عليها.
وفيما تقوم دول إقليمية عبر أذرعها بدعم الفلول وحياكة المؤامرات وتقديم السلاح والدعم اللوجستي للإطاحة بالإدارة الجديدة وتأجيج الأوضاع، رغبة بإعادة بسط سيطرتها ونفوذها على سورية، وعدم قدرتها على استيعاب خسارتها موطئ قدمها في سورية ولبنان، تلعب المملكة العربية السعودية بالمقابل دوراً محورياً في دعم الإدارة الجديدة منذ سقوط نظام الأسد، بهدف تحقيق الاستقرار ورفض أي محاولات للعبث بأمن وسلامة سورية أرضاً وشعباً، عبر تقديم كافة أشكال الدعم اللازم في المرحلة الراهنة.
وفي هذا السياق، أعربت الخارجية السعودية عن إدانة المملكة للجرائم التي نفذتها مجموعات خارجة عن القانون في سورية نتج عنها استهدافها للقوات الأمنية.
وشددت في بيان صدر الجمعة على وقوف المملكة إلى جانب الحكومة السورية فيما تقوم به من جهود لحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي.
المرحلة الحساسة التي تمر بها سورية، ولضمان عدم انزلاقها أو تكرار سيناريو 2011، ما قد يجر الويلات على المنطقة بأسرها، بحاجة إلى صياغة موقف عربي جامع للتصدي للمؤامرات التي تهدد سلامة ووحدة الأراضي السورية، من خلال محاولات العبث بالأمن ومحاولات إسرائيل قضم الجغرافية السورية، وتأجيج الصراعات المذهبية والطائفية في الداخل، وتصوير ما يجري من محاولات لردع الفلول والحفاظ على وحدة الأراضي السورية على أنها اعتداءات على خلفية طائفية لا أساس لها من الصحة.
وكانت المملكة العربية السعودية ضمن جهودها الحثيثة لدعم الاستقرار على الأراضي السورية أول الداعمين والمبادرين من خلال تبادل الزيارات الرسمية على مستوى رفيع بين مسؤوليها والإدارة الجديدة إلى جانب الدعم وتقديم المساعدات الإنسانية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، للنهوض بالواقع المعيشي المزري الذي خلفته سنوات الحرب وفساد النظام السابق، فكانت أيضاً زيارة الرئيس أحمد الشرع الأولى نحو الرياض، ما أضفى على شرعيته في الخارج والداخل شرعية على المستوى العربي، كون السعودية صمام الأمان الإقليمي للمنطقة، والذي ينعكس عبر ما تقدمه من دعمها لاستقرار سورية، ورفضها لأي محاولات للعبث بأمنها، كما أكدت من خلال احتضانها لمؤتمر الرياض حول مستقبل سورية بحضور مسؤولين عرب وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، إذ قامت بأخذ المبادرة من خلال المؤتمر لتنسيق الجهود الإقليمية لدعم تعافي سورية والتعامل بإيجابية مع الإدارة الجديدة لتجاوز تبعات الحرب التي أرهقت الشعب السوري، والحد قدر الإمكان من انعكاساتها.
أخبار ذات صلة