لبنان في عين العاصفة... مسار التعافي والاستقرار على المحك - خليج نيوز

تظهر تصريحات مسؤولي حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم إدراكهم لخصوصية المرحلة الجديدة التي أعقبت انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان ويدركون حجم التحديات التي تواجههم في هذه المرحلة خاصة وأن التغيرات التي أصابت الساحة السورية قلبت المشهد رأسا على عقب، حيث باتت إسرائيل تتصرف من دون رادع وبطريقة استفزازية، وتمعن في أعمالها العدائية من خلال انقضاض مسيراتها على عناصر حزب الله وهم يتواجدون بصفتهم المدنية في القرى الجنوبية هذا بالإضافة في استمرارها باحتلال نقاط استراتيجية وإقامة مناطق عازلة.

Advertisement

لقد وافق حزب الله على ورقة الاجراءات التنفيذية للقرار الدولي1701، لكن ذلك حصل قبل انهيار النظام السوري، لكن مع الذي حصل في سوريا افتقد حزب الله العمق الاستراتيجي الذي كان بمثل له عنصر توازن استراتيجي شديد الأهمية في الصراع مع إسرائيل .
يتعاطى حزب الله، بحسب مصادر مطلعة، مع هذه التطورات من زاوية تسليم دفة المعالجة للحكومة اللبنانية، وهو أعلن إلتزامه بالانسحاب العسكري من جنوب نهر الليطاني، أما ما يتصل بشماله فيعتبره الحزب خارج عن نطاق القرار1701، وهو شأن سيادي لبنان يعالج بالتفاهم بين الحزب والحكومة اللبنانية، لكن المشكلة تكمن، في أن إسرائيل تتصرف متجاوزة كل القواعد التي ينص عليها القرار الدولي، ومستندة إلى التفاهم الجانبي بينها وبين الولايات المتحدة.
من الواضح أن هذا المسار، بحسب مصادر مقربة من الحزب، لا يزعج الأميركيين بتاتا، بل يسعون إلى استثمار التصعيد الإسرائيلي في الملفات اللبنانية التي تخص الحزب. وفي هذا السياق، تربط إسرائيل استمرار احتلالها للأراضي اللبنانية بمعالجة نهائية لسلاح حزب الله، بينما يربط الأميركيون ملف إعادة الإعمار والمساعدات الخارجية للبنان بمعالجة موضوع حزب الله في شمال النهر.
من الواضح، بحسب التصريحات الإسرائيلية، أن إسرائيل واميركا على حد سواء يعملون على استكمال اندفاعتهم والاستفادة من لحظة الذروة لاستكمال ضغوطاتهم لبنانيا وإقليميا.
بعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على انتهاء فترة الستين يوما لا يبدو ان الدور الذي تقوم به الحكومة اللبنانية قد اثمر في الضغط على الإسرائيليين للالتزام بورقة الإجراءات التنفيذية وإيقاف الاعتداءات على لبنان كما أن الآلية التي نصت عليها الورقة لا تتحرك بالفعالية المطلوبة، بالإضافة إلى أن الانتقال من الاجتماعات العسكرية إلى الاجتماعات ذات الطابع الدبلوماسي تثير مخاوف كثيرة من أن تنحرف هذه الاجتماعات باتجاه أشكال غير مباشرة من التطبيع.
حزب الله ، بحسب هذه المصادر، يراقب كل ذلك بكثير من الصبر والتأني في مواجهة هذه المعضلة التي تعبر عن نفسها بحراجة التسليم بالواقع القائم نتيجة عجز الحكومة من ناحية، و ناحية أخرى محاذرته العودة إلى الحرب مجددا، لكن من الواضح، أن هذا المسار لن يقتصر بتأثيراته السلبية على الحزب وبيئته فقط إنما سيهدد كل مسار التعافي والاستقرار الذي شكل عنوانا للعهد والحكومة على حد سواء.

إذا كان في ظن الأميركيين، وفق المصادر، أن تأجيل ملف إعادة الاعمار من شأنه ان يشكل ضغطا على حزب الله على النحو الذي يتيح استثماره في الانتخابات النيابية المقبلة، فإن ثمة وجهة نظر أخرى ترى أن هذه لعبة خطرة مزدوجة الوجه، لأنها من ناحية أخرى تزيد البيئة الشيعية احتقانا وتوترا وتحولها إلى قنبلة اجتماعية قابلة للانفجار بوجه الحكومة بما يهدد الاستقرار الداخلي، لأن هذا الجمهور يعي جيدا أن الحكومة رضخت للضغوطات الخارجية وأقفلت الباب أمام المبادرة الإيرانية وربما العراقية للمساهمة الفاعلة في إعادة الاعمار دون ان تتمكن من تأمين البدائل التي تضع الملف بصورة ملموسة وعاجلة على سكة الحلول.
يجري كل ذلك، في ظل بيئة إقليمية متفجرة سوريا من خلال المشروع الإسرائيلي التقسيمي والمجازر التي أصابت العلويين والاقليات في الساحل السوري ومناطق أخرى، وفلسطينيا من خلال التصعيد الإسرائيلي الضاغط بهدف تهجير الفلسطينييين، وإيرانيا من خلال السياسات الأميركية التي خيرت طهران بين مساري التفاوض على اتفاق جديد أو الحرب. ولهذا يمكن القول إن المعطيات التي تفترض التصعيد هي أقوى من المعطيات التي تفترض التهدئة، وكل ذلك يضع لبنان في عين العاصفة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حرب بوتين لن تنتهي قريباً.. تقرير لـ"The Telegraph" يكشف السبب - خليج نيوز
التالى تسليم 330 وحدة سكنية ممولة من الصندوق السعودي للتنمية في تونس - خليج نيوز