Advertisement
واشنطن، خلافًا لما يروج، لا تبدو مستعجلة لتحقيق مكاسب سياسية كبرى مثل فرض التطبيع الكامل اقله في المرحلة الحالية، لكنها تدرك أن تأسيس لجنة مفاوضات مدنية يوفر لها مكسبًا مهمًا، وهو منع التصعيد العسكري المحتمل. فهذه اللجنة تشكل مخرجًا دبلوماسيًا يمكن للحكومة التلويح به في وجه أي مطالب عسكرية لـ "حزب الله"، ما يساهم في تعطيل أي قرارات تصعيدية يمكن أن يتخذها الحزب. ومن شأن ذلك أن يخفف الضغط الداخلي عن السلطة التنفيذية، التي تجد نفسها بين ضغوط خارجية تدفعها نحو الحوار، وضغوط محلية تتطلب موقفًا متشددًا تجاه إسرائيل، ويعطي تل ابيب ايضا هامشا كبيرا للمماطلة وعدم الانسحاب.
الاستعجال الأميركي في هذا الملف يرتبط أيضًا بحسابات داخلية في واشنطن. فالسياسة الخارجية ليست ثابتة، والتغيرات في أولويات الإدارة الأميركية قد تؤثر على مسار هذا الملف. لذلك، فإن الدفع بتشكيل اللجنة الآن يهدف إلى ترسيخ مسار تفاوضي يصعب التراجع عنه لاحقًا، بغض النظر عن التحولات السياسية.
من جهة أخرى، فإن تسارع وتيرة الحرب في المنطقة يشكل مصدر قلق لواشنطن وتل أبيب. فمع كل يوم يمر، تزداد احتمالية حدوث تطورات عسكرية غير متوقعة، ما قد يخلط الأوراق ويجعل إسرائيل تخسر جزءًا مما حققته حتى الآن. لذلك، فإن تشكيل اللجنة بسرعة يهدف إلى تثبيت مسار تفاوضي يمنع التصعيد ويعزز موقع إسرائيل في أي ترتيبات مستقبلية.
إن واشنطن تدرك أن كل ما يمكن تحقيقه اليوم أفضل مما قد يكون ممكنًا غدًا. فالحزب في سباق مع الزمن لترميم قدراته، وأي تأخير قد يعني مواجهة واقع مختلف يصعب التعامل معه. من هنا، يأتي الضغط الأميركي للاستعجال في تشكيل اللجنة، ليس فقط كخطوة تفاوضية، بل كإجراء استباقي يمنع انزلاق الأمور نحو سيناريوهات غير محسوبة.