هل من الخطأ القول بأن الحكومة الحالية هي كـ "الأطرش بالزفة" حيال ما يحصل في الجنوب، وما يمكن أن تؤول إليه أوضاع البلاد بعدما دخلت في دائرة الخطر الاقتصادي والمالي، على رغم ما تركه تعيين الدكتور كريم سعيد حاكمًا لمصرف لبنان من أجواء إيجابية تشي بأن أموال المودعين لن تُشطب كما يحاول البعض ترويجه؟
بعض الذين يواكبون العمل الحكومي، الذي لا يزال خجولًا بعض الشيء، يؤكدون أن قطار "الإصلاح والإنقاذ" قد وضع على سكتّه الصحيحة، وإن بدا للرائي أن ثمة تباطؤًا في ما يمكن أن يلبي الحاجات اليومية للمواطن، وهي لا تحتاج إلى جهد كبير أو إلى تدابير استثنائية. فجّل ما يطالب به اللبناني أينما كان، وإلى أي فريق سياسي انتمى، هو اتخاذ بعض الإجراءات الكفيلة بوضع حدّ لمعاناته اليومية حتى ولو كانت بحدودها الدنيا.
ويقول كثيرون ممن هم على تماس يومي مع الناس بأن أسوأ ما يمكن أن يواجهه اللبنانيون في حياتهم اليومية هو ذاك الشعور بأن لا شيء تغيّر، وهم الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أن يكون لديهم رئيس للجمهورية بعد سنتين وثلاثة أشهر من الفراغ الرئاسي، وأن تُشكّل أول حكومة في العهد الجديد.
ولكي لا يكون حكم هؤلاء الكثيرين مبنيًا على خلفيات قد يكون لها صلة بالواقع السياسي المتأرجح بين استكمال انتشار الجيش حيثما يتطلب الأمر ذلك، سواء أكان في الجنوب أو البقاع، ليتمكّن من بسط سلطة الدولة وحدها دون سواها ممن يقاسمها هذه السلطة في أكثر من منطقة، وبالأخصّ شمال الليطاني، يكفي أن تكشف الصحافة الاستقصائية ما يدور في الصالونات المغلقة من أحاديث عن بعض خيبات الأمل من أداء بعض المسؤولين الناتجة عن سوء تقدير أو عن قلّة خبرة من قِبل بعض الوزراء، وبالأخصّ أولئك الذين يُفترض أن تلامس دوائر وزاراتهم الشؤون الحياتية للمواطنين من دون تمييز أو تفرقة.
فالذين ينفخون على اللبن لأن الحليب كواهم معذورٌ استعجالهم لرؤية بعض التحسّن بين الأمس واليوم، مع أن ظروف اليوم هي أفضل بكثير من ظروف الأمس، حيث كانت البلاد تعيش في ظل فراغ قاتل، ومع حكومة كانت مكبّلة بتصريف الاعمال بمفهومها الضيق ولكنها استطلعت الابقاء على عجلة الدولة ومؤسساتها . وهذا التحسّن في الأداء مطلوب اليوم أكثر مما كان مطلوبًا بالأمس القريب. فالناس الموجوعون والجائعون والتائهون لا يرحمون، وهم محقّون في ما يطالبون به الحكومة.
في المقابل فإن ثمة من يرى أن ما تقوم به الحكومة من خطوات متقدمة هو أقصى ما يمكن أن يُقدّم حاليًا للناس المتعطشين لرؤية بلدهم وقد استعاد عافيته السياسية والاقتصادية والأمنية، وبالتالي فإنه من المهم أن يُنظر إلى الأمور بعين مجرّدة من أي غاية، وأن يكون حكم الناس على الحكومة موضوعيًا، خصوصًا أن الوزراء الآتين من القطاع الخاص يحتاجون إلى بعض الوقت لكي يستطيعوا أن يمسكوا بملفات وزاراتهم بأدّق التفاصيل قبل المبادرة إلى إطلاق أكثر من ورشة عمل على كافة الأصعدة.
ولكي يكون أي حكم على أداء الحكومة المطالَبة بالكثير موضوعيًا وبعيدًا عن الغوغائية، كما يرى المتفائلون، فإنه يمكن أن يُعطى الوزراء، وكل من موقع وزارته، فترة سماح تُقدّر بمئة يوم على الأقل، قبل إطلاق الاحكام العشوائية. لكن الذين يتعاطون مع الأمور بواقعية وبغير نظرة تشاؤمية يؤكدون أن اللبنانيين الذين أيديهم في النار لا يستطيعون أن ينتظروا حتى نهاية فترة السماح.
وعليه، فإن الحكومة مطالَبة بأن تقوم خطّتها على مراكمة الخطوات الصغيرة قبل الوصول إلى الخطوات الكبرى. وبهذه الخطوات الصغيرة يكمن الفرق. وهذا الفرق يمكن أن يطمئن النفوس القلقة في أدّق تفاصيل يومياتها. ومتى ساد هذا الاطمئنان يمكن الانتقال عندها إلى المعالجات الكبرى، التي تحتاج إلى دعم خارجي، وبالأخص في ما له علاقة بالسيادة وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
فما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس هو قليل من كثير. وبهذا القليل يمكن الوصول إلى الكثير.
Advertisement
ويقول كثيرون ممن هم على تماس يومي مع الناس بأن أسوأ ما يمكن أن يواجهه اللبنانيون في حياتهم اليومية هو ذاك الشعور بأن لا شيء تغيّر، وهم الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أن يكون لديهم رئيس للجمهورية بعد سنتين وثلاثة أشهر من الفراغ الرئاسي، وأن تُشكّل أول حكومة في العهد الجديد.
ولكي لا يكون حكم هؤلاء الكثيرين مبنيًا على خلفيات قد يكون لها صلة بالواقع السياسي المتأرجح بين استكمال انتشار الجيش حيثما يتطلب الأمر ذلك، سواء أكان في الجنوب أو البقاع، ليتمكّن من بسط سلطة الدولة وحدها دون سواها ممن يقاسمها هذه السلطة في أكثر من منطقة، وبالأخصّ شمال الليطاني، يكفي أن تكشف الصحافة الاستقصائية ما يدور في الصالونات المغلقة من أحاديث عن بعض خيبات الأمل من أداء بعض المسؤولين الناتجة عن سوء تقدير أو عن قلّة خبرة من قِبل بعض الوزراء، وبالأخصّ أولئك الذين يُفترض أن تلامس دوائر وزاراتهم الشؤون الحياتية للمواطنين من دون تمييز أو تفرقة.
فالذين ينفخون على اللبن لأن الحليب كواهم معذورٌ استعجالهم لرؤية بعض التحسّن بين الأمس واليوم، مع أن ظروف اليوم هي أفضل بكثير من ظروف الأمس، حيث كانت البلاد تعيش في ظل فراغ قاتل، ومع حكومة كانت مكبّلة بتصريف الاعمال بمفهومها الضيق ولكنها استطلعت الابقاء على عجلة الدولة ومؤسساتها . وهذا التحسّن في الأداء مطلوب اليوم أكثر مما كان مطلوبًا بالأمس القريب. فالناس الموجوعون والجائعون والتائهون لا يرحمون، وهم محقّون في ما يطالبون به الحكومة.
في المقابل فإن ثمة من يرى أن ما تقوم به الحكومة من خطوات متقدمة هو أقصى ما يمكن أن يُقدّم حاليًا للناس المتعطشين لرؤية بلدهم وقد استعاد عافيته السياسية والاقتصادية والأمنية، وبالتالي فإنه من المهم أن يُنظر إلى الأمور بعين مجرّدة من أي غاية، وأن يكون حكم الناس على الحكومة موضوعيًا، خصوصًا أن الوزراء الآتين من القطاع الخاص يحتاجون إلى بعض الوقت لكي يستطيعوا أن يمسكوا بملفات وزاراتهم بأدّق التفاصيل قبل المبادرة إلى إطلاق أكثر من ورشة عمل على كافة الأصعدة.
ولكي يكون أي حكم على أداء الحكومة المطالَبة بالكثير موضوعيًا وبعيدًا عن الغوغائية، كما يرى المتفائلون، فإنه يمكن أن يُعطى الوزراء، وكل من موقع وزارته، فترة سماح تُقدّر بمئة يوم على الأقل، قبل إطلاق الاحكام العشوائية. لكن الذين يتعاطون مع الأمور بواقعية وبغير نظرة تشاؤمية يؤكدون أن اللبنانيين الذين أيديهم في النار لا يستطيعون أن ينتظروا حتى نهاية فترة السماح.
وعليه، فإن الحكومة مطالَبة بأن تقوم خطّتها على مراكمة الخطوات الصغيرة قبل الوصول إلى الخطوات الكبرى. وبهذه الخطوات الصغيرة يكمن الفرق. وهذا الفرق يمكن أن يطمئن النفوس القلقة في أدّق تفاصيل يومياتها. ومتى ساد هذا الاطمئنان يمكن الانتقال عندها إلى المعالجات الكبرى، التي تحتاج إلى دعم خارجي، وبالأخص في ما له علاقة بالسيادة وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
فما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس هو قليل من كثير. وبهذا القليل يمكن الوصول إلى الكثير.