عندما قدّم النائبان وضاح الصادق ومارك ضو اقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل قانون الانتخابات البلدية والاختيارية، قوبل برفض سياسيّ وشعبيّ، أقلّه في الظاهر وفي العلن، بعدما فُهِم أنّ "الإصلاحات" التي يطالب بإدخالها على القانون لا تهدف عمليًا سوى لتأجيل الانتخابات المقرّرة في شهر أيار، حتى شهر تشرين الأول المقبل، تحت عنوان "تقني"، وبالتالي لتمديد جديد للمجالس البلدية والاختيارية التي باتت مشلولة بغالبها الأعمّ.
لكن، خلف الكواليس، بدأ الحديث "الجدّي" عن بعض الإصلاحات التي نصّ عليها اقتراح القانون المذكور، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، اعتماد "الميغاسنتر" للمدن والبلدات الجنوبية، وإن أفادت المعطيات بأنه اصطدم بـ"فيتو" الثنائي الشيعي، وكذلك باعتماد "اللوائح المقفلة"، وهو ما حصره الاقترح في المدن التي يتألف مجلسها البلدي 18 عضوًا وأكثر، على أن تضمّ ما لا يقلّ عن ثلث أعضائها من النساء أو الرجال.
لم يكن صعبًا استنتاج أنّ المقصود بهذا الاقتراح تحديدًا هو بلدية بيروت، في ظلّ قلق سياسيّ واسع من أن تطيح الانتخابات البلدية المقبلة بالمناصفة التاريخية فيها بين المسلمين والمسيحيين، باعتبار أنّ القانون البلدي لا ينصّ على معايير "طائفي" مثلما يفعل القانون النيابي مثلاً، وأنّ الضمانة "السياسية" هي التي كانت تحفظ هذه المناصفة على الدوام، فهل باتت الأرضية جاهزة لاعتماد اللوائح المقفلة في الانتخابات المقبلة، وما المحاذير في هذا السياق؟
توافق على "اللوائح المقفلة"؟
صحيح أنّ هناك من قرأ في تضمين "اللوائح المقفلة" في اقتراح وضاح الصادق ومارك ضو، محاولة لـ"دغدغة المشاعر" بما يسمح بتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية لعدّة أشهر، لأسباب ليست لوجستية بالضرورة، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ هذا الاقتراح وجد صداه بالفعل، ولا سيما أنّ النقاش حول "اللوائح المقفلة" التي تسمح بالحفاظ على التوازن في بلدية بيروت تحديدًا، كان قد بدأ عمليًا منذ ما قبل تقديم النائبين "التغييريين" لاقتراحهما.
وليس خافيًا على أحد وجود خشية حقيقية لدى الكثير من الأفرقاء، من أن تفضي الانتخابات البلدية في بيروت مثلاً، إلى مجلس بلدي "من لون طائفي واحد"، وهو احتمال وارد، خصوصًا إذا ما غابت الأحزاب الكبرى عن المنافسة، ولم تعمد إلى تشكيل لوائح "متوازنة" كما كان يحصل في السابق، ولا سيما أنّ قانون الانتخابات البلدية الأكثري الطابع، يسمح بالتشطيب، كما يتيح للمرشحين خوض السباق من دون الانخراط في لوائح بالضرورة.
من هنا، يتحدّث العارفون عن توافق "ضمني" بين القوى السياسية الأساسية، وبين رؤساء الجمهورية والحكومة ومعهما مجلس النواب، على هذا التعديل على القانون، من أجل ضمان التوازن والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وإن كان النقاش مفتوحًا حول ما إذا كان سيسري على كل البلديات التي يزيد عدد أعضائها عن 18 كما جاء في الاقتراح، أم يتمّ حصرها بالمدن الكبرى المؤلفة من 24 عضوًا، على غرار بلدية بيروت.
"محاذير وتحفّظات"
لكنّ التوافق "الضمني" على تمرير بند "اللوائح المقفلة" لا يعني عمليًا أنّها سلكت طريقها نحو التنفيذ بحسب ما يقول العارفون، إذ تشير المعطيات إلى بعض "المحاذير" التي لا تزال تحول دون إتمام الأمر، أو تتركه قيد البحث والنقاش، ومن بينها ما يرتبط بالقانون، وحتى لا يكون التعديل عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري، وبينها ما هو سياسيّ، ربطًا بالتحالفات الممكنة، وبينها ما هو لوجستيّ، ربطًا بمدى القدرة على التطبيق السريع للتعديل.
فعلى المستوى السياسيّ مثلاً، ثمّة نقاش قائم حول "جدوى" تحويل قانون "غير طائفي" إلى قانون "طائفي" إن صحّ التعبير، فمثل هذا "الإصلاح" وإن كان مبرَّرًا بدواعي تأمين التوازن، قد يبدو تراجعًا للخلف وليس تقدّمًا للأمام، علمًا أنّ هناك خشية أخرى يستولدها هذا الاقتراح لدى الأحزاب المسيحية الأساسية، من أن يؤدي إلى تسمية بعض الأحزاب لمرشحين مسيحيين لا ينتمون للأحزاب، ما يؤدي لفوزهم على حساب مرشحي الأحزاب.
أما على المستوى القانوني، فثمّة نقاش قائم حول المعايير التي يمكن اعتمادها من أجل منع الطعن بالتعديل، ومنها مثلاً ضرورة اعتماد مبدأ المساواة، فحصر الأمر ببلدية بيروت مثلاً دون غيرها لا يستقيم، باعتبار أنّه سيؤدي إلى "خلل" بين المجالس البلدية، التي يُنتخَب بعضها وفقًا لنظام، وغيرها وفقًا لنظام آخر، فضلاً عن أنّ هناك من سيسأل عن "ضمانات" التوازن في بعض المناطق الأخرى، خارج إطار العاصمة بيروت.
عمومًا، يمكن القول إنّ الأرضية باتت جاهزة سياسيًا إلى حدّ ما لتبنّي اقتراح "اللوائح المقفلة" في بيروت وبعض البلديات الكبرى، فعلى الرغم من بعض "التحفظات" التي يمكن أن تظهر هنا وهناك، تتّفق القوى السياسية على أنّ التوازن في بلدية بيروت يبقى خطًا أحمر. لكن، ماذا لو كان هذا الأمر مجرّد غطاء آخر لتأجيل الانتخابات، خصوصًا أنّ طرحه في ربع الساعة الأخيرة مرّة أخرى يثير اللبس، ولو أنّ التطبيق لا يتطلّب عمليًا أي تمديد؟!
Advertisement
لكن، خلف الكواليس، بدأ الحديث "الجدّي" عن بعض الإصلاحات التي نصّ عليها اقتراح القانون المذكور، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، اعتماد "الميغاسنتر" للمدن والبلدات الجنوبية، وإن أفادت المعطيات بأنه اصطدم بـ"فيتو" الثنائي الشيعي، وكذلك باعتماد "اللوائح المقفلة"، وهو ما حصره الاقترح في المدن التي يتألف مجلسها البلدي 18 عضوًا وأكثر، على أن تضمّ ما لا يقلّ عن ثلث أعضائها من النساء أو الرجال.
لم يكن صعبًا استنتاج أنّ المقصود بهذا الاقتراح تحديدًا هو بلدية بيروت، في ظلّ قلق سياسيّ واسع من أن تطيح الانتخابات البلدية المقبلة بالمناصفة التاريخية فيها بين المسلمين والمسيحيين، باعتبار أنّ القانون البلدي لا ينصّ على معايير "طائفي" مثلما يفعل القانون النيابي مثلاً، وأنّ الضمانة "السياسية" هي التي كانت تحفظ هذه المناصفة على الدوام، فهل باتت الأرضية جاهزة لاعتماد اللوائح المقفلة في الانتخابات المقبلة، وما المحاذير في هذا السياق؟
توافق على "اللوائح المقفلة"؟
صحيح أنّ هناك من قرأ في تضمين "اللوائح المقفلة" في اقتراح وضاح الصادق ومارك ضو، محاولة لـ"دغدغة المشاعر" بما يسمح بتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية لعدّة أشهر، لأسباب ليست لوجستية بالضرورة، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ هذا الاقتراح وجد صداه بالفعل، ولا سيما أنّ النقاش حول "اللوائح المقفلة" التي تسمح بالحفاظ على التوازن في بلدية بيروت تحديدًا، كان قد بدأ عمليًا منذ ما قبل تقديم النائبين "التغييريين" لاقتراحهما.
وليس خافيًا على أحد وجود خشية حقيقية لدى الكثير من الأفرقاء، من أن تفضي الانتخابات البلدية في بيروت مثلاً، إلى مجلس بلدي "من لون طائفي واحد"، وهو احتمال وارد، خصوصًا إذا ما غابت الأحزاب الكبرى عن المنافسة، ولم تعمد إلى تشكيل لوائح "متوازنة" كما كان يحصل في السابق، ولا سيما أنّ قانون الانتخابات البلدية الأكثري الطابع، يسمح بالتشطيب، كما يتيح للمرشحين خوض السباق من دون الانخراط في لوائح بالضرورة.
من هنا، يتحدّث العارفون عن توافق "ضمني" بين القوى السياسية الأساسية، وبين رؤساء الجمهورية والحكومة ومعهما مجلس النواب، على هذا التعديل على القانون، من أجل ضمان التوازن والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وإن كان النقاش مفتوحًا حول ما إذا كان سيسري على كل البلديات التي يزيد عدد أعضائها عن 18 كما جاء في الاقتراح، أم يتمّ حصرها بالمدن الكبرى المؤلفة من 24 عضوًا، على غرار بلدية بيروت.
"محاذير وتحفّظات"
لكنّ التوافق "الضمني" على تمرير بند "اللوائح المقفلة" لا يعني عمليًا أنّها سلكت طريقها نحو التنفيذ بحسب ما يقول العارفون، إذ تشير المعطيات إلى بعض "المحاذير" التي لا تزال تحول دون إتمام الأمر، أو تتركه قيد البحث والنقاش، ومن بينها ما يرتبط بالقانون، وحتى لا يكون التعديل عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري، وبينها ما هو سياسيّ، ربطًا بالتحالفات الممكنة، وبينها ما هو لوجستيّ، ربطًا بمدى القدرة على التطبيق السريع للتعديل.
فعلى المستوى السياسيّ مثلاً، ثمّة نقاش قائم حول "جدوى" تحويل قانون "غير طائفي" إلى قانون "طائفي" إن صحّ التعبير، فمثل هذا "الإصلاح" وإن كان مبرَّرًا بدواعي تأمين التوازن، قد يبدو تراجعًا للخلف وليس تقدّمًا للأمام، علمًا أنّ هناك خشية أخرى يستولدها هذا الاقتراح لدى الأحزاب المسيحية الأساسية، من أن يؤدي إلى تسمية بعض الأحزاب لمرشحين مسيحيين لا ينتمون للأحزاب، ما يؤدي لفوزهم على حساب مرشحي الأحزاب.
أما على المستوى القانوني، فثمّة نقاش قائم حول المعايير التي يمكن اعتمادها من أجل منع الطعن بالتعديل، ومنها مثلاً ضرورة اعتماد مبدأ المساواة، فحصر الأمر ببلدية بيروت مثلاً دون غيرها لا يستقيم، باعتبار أنّه سيؤدي إلى "خلل" بين المجالس البلدية، التي يُنتخَب بعضها وفقًا لنظام، وغيرها وفقًا لنظام آخر، فضلاً عن أنّ هناك من سيسأل عن "ضمانات" التوازن في بعض المناطق الأخرى، خارج إطار العاصمة بيروت.
عمومًا، يمكن القول إنّ الأرضية باتت جاهزة سياسيًا إلى حدّ ما لتبنّي اقتراح "اللوائح المقفلة" في بيروت وبعض البلديات الكبرى، فعلى الرغم من بعض "التحفظات" التي يمكن أن تظهر هنا وهناك، تتّفق القوى السياسية على أنّ التوازن في بلدية بيروت يبقى خطًا أحمر. لكن، ماذا لو كان هذا الأمر مجرّد غطاء آخر لتأجيل الانتخابات، خصوصًا أنّ طرحه في ربع الساعة الأخيرة مرّة أخرى يثير اللبس، ولو أنّ التطبيق لا يتطلّب عمليًا أي تمديد؟!