نهضة لبنان .. وسلاح حزب الله - خليج نيوز


في ظل التصعيد الأمني المستمر على الحدود الجنوبية واحتدام التوترات الداخلية، أطل نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بخطاب سياسي مفصلي رسم من خلاله ملامح أولويات "نهضة لبنان"، متناولاً الأمن، والدولة، والإعمار، والانتخابات البلدية. وحمل الخطاب رسائل متعددة الأبعاد، لكنه في جوهره أعاد التأكيد على ثوابت الحزب حول المقاومة، ووجه انتقادات لاذعة للقوى السياسية المناوئة التي يتهمها بالتقاعس عن دعم القضية الوطنية الكبرى، ألا وهي مواجهة إسرائيل.

Advertisement


وضع قاسم ثلاثة محاور أساسية لنهضة لبنان وهي: وقف العدوان الإسرائيلي، إعادة الإعمار، وبناء الدولة. لكنه في الوقت ذاته، شدد على أن تحقيق هذه الأهداف غير ممكن من دون المقاومة، مشيراً إلى أن إسرائيل لن تتوقف عن اعتداءاتها ما لم تواجه بردع حقيقي، على حد تعبيره. وذهب أبعد من ذلك حين اتهم بعض الأطراف اللبنانية من دون تسميتهم بإثارة التوترات الداخلية، إذ يرتفع صوتهم فقط ضد المقاومة ويتجاهلون الخروقات الإسرائيلية المتكررة، التي أشار أنها تجاوزت ثلاثة آلاف خرق منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

لم يخلُ الخطاب من توجيه اللوم للدولة اللبنانية، التي اعتبر أن تحركاتها في المحافل الدولية خجولة ولا ترقى إلى مستوى التهديدات، فدعاها إلى التحرك الجدي، عبر استدعاء السفيرة الأميركية ورفع الصوت في مجلس الأمن، وعدم الاكتفاء بـ"النعومة الدبلوماسية"، مؤكداً أن حزب الله أوفى بالتزاماته ولم يخرق وقف إطلاق النار، في حين أن إسرائيل تستمر في اعتداءاتها، حتى بموافقة أميركية علنية.

لكن خطاب قاسم، الذي يظهر الحزب بموقع "الضامن" للسيادة والدولة، يصطدم برؤية القوى السياسية المناوئة له، التي تعتبر ، بحسب مصادرها، أن ازدواجية القرار تقوّض السيادة، حيث يمتلك حزب الله سلاحاً خارج إطار الشرعية اللبنانية، ويتخذ قرارات أمنية وعسكرية دون العودة إلى مؤسسات الدولة. بالنسبة لهذه القوى وعلى رأسها القوات اللبنانية والكتائب وبعض مكونات المعارضة التغييرية فإن بناء الدولة يبدأ بإعادة الاعتبار لسلطة الدولة وحدها، وتطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701.

وتشدد هذه الأوساط على أن المشكلة تكمن في عدم التزام الحزب بالعمل السياسي البحت وفق قواعد النظام اللبناني، ورفضه التخلي عن السلاح الذي تسبّب بأضرار جسيمة على الصعيدين البشري والاقتصادي، وأدخل البلاد في أزمات متتالية.وشدّدت على أن الدولة وحدها هي المخوّلة بتحديد عوامل القوة والضعف، وأن احتكارها للسلاح والقرار الأمني شرط أساسي لقيام دولة فعلية، كما نص عليه اتفاق الطائف. وأشارت إلى أن السعي لعلاقات خارجية متوازنة لا يتعارض مع السيادة، بل هو ضرورة لإعادة إعمار ما تهدم وإنعاش الاقتصاد، مؤكدة أن الاستمرار في الخطابات التصعيدية لا يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة والانقسام.

وترى الأوساط أن تأجيج الانقسامات يعود إلى رفض البعض الالتزام بقرارات الدولة، مما يضع مؤسساتها في مواقف حرجة تتنافى مع التفاهمات الداخلية والدولية مؤكدة أن تجاهل معاناة الشعب، وخاصة في المناطق المتضررة، يظهر انفصالاً عن الواقع وحاجة ملحة لقيام دولة قادرة على الإنقاذ والإصلاح.

وترى هذه الاوساط أن حزب الله يستخدم ورقة "المقاومة" لتبرير استمرار سلاحه، ولتعطيل مسارات سياسية ضرورية، مثل إصلاح الإدارة وتفعيل القضاء. وتعتبر أن تحميل الحزب للدولة مسؤولية التأخر في الإعمار، يتجاهل مسؤولياته هو نفسه، خصوصا أنه السبب في تأخير هذا المسار برفضه إيجاد حل لنزع سلاحه.

وليس بعيداً، فإن الملف البلدي الذي تطرق إليه الشيخ قاسم أيضاً، لم يكن بعيداً عن الصراع السياسي الأكبر. ففي حين أكد أن المشاركة في الانتخابات البلدية واجب لخدمة الناس لا للاستثمار السياسي، فإن المناوئين يرون في هذا التوجه محاولة لإعادة إنتاج حزب الله كقوة خدماتية وشعبية، تغطي على دوره العسكري والسياسي المثير للجدل، خصوصاً في بيئته الحاضنة.

ويبقى الأكيد أن الخطاب يأتي في ظل تحولات إقليمية مع بدء التفاوض الاميركي - الايراني، حيث تسعى بعض القوى اللبنانية إلى استثمار التفاهمات الإقليمية لتحجيم دور حزب الله في الداخل، فيما يعمل الحزب على تثبيت معادلته كأمر واقع لا يمكن القفز فوقه، علماً أن مصادر دبلوماسية تشدد على أن حل مسألة سلاح الحزب لن يتأخر، وأن نزع السلاح حاصل لا محالة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق هل سيرأس البطريرك الراعي القداس غدا؟ - خليج نيوز
التالى طاريا خارج مسار التوافق - خليج نيوز