ذكرت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أن "وصول الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو، لإحياء ذكرى يوم النصر في أوروبا في روسيا، في 9 أيار، بعد يوم من وصول أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، لم يكن مجرد إجراء شكلي، بل كان عرضًا علنيًا ومتعمدًا للدعم من أقرب حلفاء روسيا. نعلم بالفعل أن الصين جزءٌ أساسيٌّ من "محور الدول الشمولية"، الذي يضم الصين وكوريا الشمالية وروسيا وإيران. وقد قدّمت دول هذه المجموعة، بتحريضٍ من الصين، دعمًا كبيرًا لروسيا في غزوها لأوكرانيا، ويشمل ذلك عددًا كبيرًا من الطائرات المسيّرة من إيران في المراحل الأولى من الحرب، والآن أسلحةً وذخائر من كوريا الشمالية".
Advertisement
وبحسب الصحيفة، "كانت الصين هي التي ساهمت في ترتيب التقارب بين كوريا الشمالية وروسيا، مما فتح الباب أمام دعم عسكري ضخم. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت آنذاك تواجه صعوبات، وبدأت ذخيرة المدفعية وغيرها من الأسلحة تعاني من نقص حاد. ولعل أفضل مثال على هذا الدعم هو تسليم ما يزيد على خمسة ملايين قذيفة مدفعية من كوريا الشمالية، ناهيك عن آلاف الجنود الكوريين الشماليين المنخرطين الآن في القتال إلى جانب القوات الروسية في منطقة كورسك. وبحسب مصدر في الجيش الأوكراني، فإن القوات الكورية الشمالية أثبتت أنها أكثر فاعلية من القوات الروسية الموجودة حاليا".
وتابعت الصحيفة، "لا بد من العودة إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين عام 2022. ففي الرابع من شباط، وصل بوتين، وكان من الواضح أنه سيناقش الغزو المقبل مع شي. وبعد عشرين يومًا فقط، غزت قوات بوتين أوكرانيا. من الواضح تمامًا أن روسيا ما كانت لتغزو أوكرانيا لولا موافقة شي. وفي 22 آذار 2023، قدّم شي لبوتين أعلى مستويات الدعم عندما قال: "التغيير قادمٌ ولم يحدث منذ 100 عام. ونحن نقود هذا التغيير معًا". تُعيد زيارة شي التأكيد على هذا التحالف القوي بينهما".
وأضافت الصحيفة، "في النهاية، ليس التحالف مجرد كلام، فالصين تشتري الآن حصةً هائلةً من النفط والغاز الروسيين، وفي المقابل تدعم روسيا في الأمم المتحدة. وقد ازدادت مشتريات النفط والغاز الروسيين بشكلٍ كبيرٍ في العام الذي تلا الغزو، كما شجعت الصين مجموعةً من الدول الأخرى على أن تحذو حذوها. وعندما غزت روسيا أوكرانيا، لم يقم الغرب بتجميد الأصول الروسية فحسب، بل قام أيضاً بقطع وصول المؤسسات المالية الروسية إلى شبكة سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك)، العمود الفقري للمعاملات المالية العالمية. ردًا على ذلك، تدخلت الصين على الفور وسهّلت المعاملات المالية عبر نظامها الخاص، نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود (CIPS). هذا التدخل وحده أنقذ روسيا من أزمة تدفق نقدي".
وبحسب الصحيفة، "ما لا ينبغي إغفاله هو أن للصين طموحاتها الإقليمية الخاصة في تايوان. ويعود دعم الصين لروسيا أيضًا إلى أن ما يحدث في أوكرانيا سيؤثر على ما يحدث في تايوان. ويراقب شي بعناية مدى قوة عزم الغرب على أوكرانيا، لأن هذا سيعطيه مؤشرًا قويًا على كيفية رد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في حال حصار تايوان أو غزوها. وحتى الآن، ما رأته الصين من الغرب عزز موقفها تجاه تايوان بشكل ملحوظ. فمنذ بداية هذا الصراع، اتضح أن أوروبا، في المقام الأول، غير مستعدة لأي نوع من الصراع، وعاجزة عن دعم أوكرانيا كما كان ينبغي عليها. حتى في عهد الرئيس جو بايدن، لم تتمكن الولايات المتحدة من حسم أمرها بشأن فوز أوكرانيا أو فقط عدم خسارتها. وقد تجلى ذلك في رفضها المبكر تزويد أوكرانيا بطائرات إف-16 المقاتلة، وفي القيود المفروضة على استخدام أوكرانيا للصواريخ الأميركية لاستهداف مواقع داخل روسيا".
وختمت الصحيفة، "لا بد أن شي يفكر الآن في بداية نظام عالمي جديد".