Advertisement
في الأساس، فإنَّ تحالف "حزب الله" مع "حماس" لا يُعتبر مارقاً بل له جذورٌ تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، وإذا كانت العلاقة تجذرت كثيراً، فالأساسُ في ذلك يعود إلى ما أفرزته الأحداث في المنطقة من وحدة حالٍ بين الطرفين، عسكرياً وسياسياً.
صحيحٌ أن "حماس" باتت مُطوّقة في لبنان، إلا أن هذا الأمر لا يرتدّ سلباً على "حزب الله"، ذلك أن الأخير لديه قاعدته الخاصة به والتي لا ترتبطُ مع "حماس"، كما أنَّ هامش تحركه لا علاقة له مع الأخيرة حتى وإن كان هناك تنسيق مشترك سابق على الصعيد العسكري.
حالياً، تكشف المعلومات أن "غرفة العمليات" المشتركة بين "حماس" و "حزب الله" باتت "هامشية" وذلك في حال ما زالت قائمة وموجودة، باعتبار أن دورها لم يعد مطلوباً وتحديداً حينما أصبحت "حماس" تحت الرصد والمراقبة.
لا يمكن لـ"حزب الله" في ظل هذا الواقع أن يُغامر بأي تصرف لصالح "حماس"، فالمسألة لم تعد كما السابق، كما أن أي عملية "إقحام" لبيئة الحزب بخطوة تقوم بها "حماس"، من شأنه أن يرتد سلباً على الطرف اللبناني وليس على الطرف الفلسطيني بشكلٍ مباشر.
تقول معلومات "لبنان24" إنَّ ما دفع "حزب الله" للتعاون مع الدولة اللبنانية بشأن متابعة قضية حوادث إطلاق الصواريخ التي تورطت بها "حماس"، هو الضغط المتزايد من بيئته عليه لضبط نفوذ الحركة أكثر، لاسيما أن أي عمل عسكريّ يتم تنفيذه، سينتهي برد إسرائيلي يطالُ الجنوبيين. لذلك، فإن المتضرر الأول ستكون بيئة الحزب، وهذا ما يسعى الأخير إلى تجنب تكراره رغم أن إسرائيل تعتدي على لبنان من دون أي مبررات ومقدمات، وفق ما تقولُ مصادر معنية بالشأن العسكري لـ"لبنان24".
وفي ظل ضعف قوة "حماس" في لبنان، فإنَّه من مصلحة "حزب الله" أن تسود سلطة رسمية على المخيمات الفلسطينية في لبنان، بمعنى أن يكون الجيش هو المسؤول عن أمن المخيمات وليست الجهات الفلسطينية، الأمر الذي ينزع فتيل فتنة فلسطينية – فلسطينية، ويسحب "حجة السيطرة" من أي طرفٍ على حساب طرف.
في الماضي، جرى اتهام "حزب الله" بدعم "حماس" لكي تزيد من نفوذها وسيطرتها داخل مخيم عين الحلوة في صيدا، لكن هذا الأمر لم يتحقق ولم يحصل، علماً أن الهدف المخفي كان لدى "حماس" هو الإنقلاب على حركة "فتح" المسيطرة على المخيم وتكريس سلطة جديدة خلافاً لكل ما هو سائد بين الفلسطينيين والدولة اللبنانية.
أمام كل ذلك، فإن مصلحة "حزب الله" لا ترتبط بوجود قوة لـ"حماس" يتم استغلالها لتكريس سلطة ما، فالتحجيم خارج المخيمات وداخلها يعتبر مفتاحاً لاستقرار ما يطلبه "حزب الله" اليوم قبل الغد. كل ذلك يسحب فتيل توترات أمنية داخل المخيمات، أقله قبيل تسلم الجيش أي مهمات أمنية عليها، ما يضعُ تلك الأماكن في موضع مُستقر ذلك أن الدولة اللبنانية أحكمت قبضتها على أي نفوذ غير مرحب به، وبالتالي إعطاء الشرعية الكاملة لحركة "فتح" بالحفاظ على "الستاتيكو" القائم داخل المخيمات.
في خلاصة القول، يتبين بشكل قاطع أن تراجع نفوذ "حماس" في لبنان سيخدم "حزب الله" أقله على طريق الجنوب، ذلك أن أي توترات في المخيمات هناك ستنعكس على بيئته التي تواجه الكثير من الضغوط. ولهذا، فإنَّ تذليل العقبات والإشكالات سيكون أساساً عند الحزب لتنفيس أي مشكلة يواجهها.