لم يغِب لبنان بالمُطلق عن الجولة الخليجية التي يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة، والتي شملت المملكة العربية السعودية ودولتي قطر والإمارات، وإن لم يكن "طبقًا أساسيًا" فيها، إن صحّ التعبير، علمًا أنّ المتابعين أجمعوا على وصف هذه الجولة بالمفصليّة والتاريخيّة، وسط توقّعات بأن تقود إلى تغييرات جوهرية على أكثر من مستوى، حتى إنّ هناك من تحدّث عن "شرق أوسط جديد" يطلقه الرجل من بوابة زيارته هذه.
فقد حضر لبنان في كلام الرئيس الأميركي خلال افتتاح القمة الخليجية الأميركية في الرياض، حيث تحدّث عن "فرصة لدى لبنان للتحرر من قبضة حزب الله"، معتبرًا أنّ هذه الفرصة "تأتي مرة في العمر"، ومشيرًا إلى أنّه يمكن للرئيس جوزاف عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، "بناء دولة بعيدًا عن حزب الله"، وهو ما لاقاه فيه وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع تأكيده على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وكان الموقف نفسه تقريبًا حضر في كلمة ترامب خلال المنتدى الاستثماري السعودي-الأميركي، حين اعتبر أنّ "لبنان كان ضحية لهيمنة حزب الله وتدخلات إيران"، مشدّدًا على أن بلاده "مستعدة لمساعدة لبنان على بناء مستقبل أفضل مع جيرانه"، ومرحّبًا بأيّ جهود إصلاحية تنطلق من سيادة لبنان واستقلاله، فكيف تُقرَأ هذه المواقف في السياق العام، وخصوصًا على المستوى اللبناني، وهل تنعكس جولة ترامب الخليجية إيجابًا على لبنان؟!
جولة "مفصلية" للمنطقة
في المبدأ، وقبل التوقف عند الشق "اللبناني" من مواقف ترامب، لا بدّ من التأكيد على أهمية الجولة التي يقوم بها في المنطقة، والتي يصفها الكثير من العارفين والمتابعين بأنّها مفصليّة، علمًا أن مفاجآتها بدأت من الرياض، مع إعلان الرجل عن رفع العقوبات على سوريا، وهي خطوة يُعتقَد أنّها تمهّد لسلسلة أخرى من الخطوات ستبصر النور تباعًا، في ظلّ انطباع سائد بأنّ الإدارة الأميركية لم تكن لترفع العقوبات لو لم تتوصّل إلى اتفاق "شامل".
وإذا كان ترامب معروفًا برفضه للحروب العسكرية، وهو الذي استبق الوصول إلى البيت الأبيض، بمساعٍ لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، ترجمت بهدنة مؤقتة لم تصمد طويلاً، وكذلك الحرب على لبنان، ترجمت باتفاق لوقف إطلاق النار، ولو بقي أحاديًا، فإنّ جولته هذه تُقرَأ في السياق نفسه، علمًا أنّ بعض التسريبات تتحدّث عن "قطيعة" بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب رفض الأخير التجاوب مع مسعى أميركي لهدنة في غزة.
وبالتوازي، لا يخفى على أحد أنّ ترامب يعمل من أجل تكون جولته الخليجية هذه بابًا للعودة إلى سلسلة الاتفاقات الإبراهيمية التي طبعت ولايته الأولى، والتي يرغب بإطلاق جولة ثانية منها في أقرب وقت ممكن، وهو لا يخفي رغبته أن تنطلق هذه الجولة من المملكة العربية السعودية تحديدًا، بعد نضوج الظروف المناسبة، على أن تشمل بعد ذلك دولاً عربية عدّة، قد لا تكون سوريا بعيدة عنها، ولو أنّ التوقيت لا يزال غير واضح.
دعم للعهد.. ولكن!
بالانتقال إلى "حصّة لبنان" من جولة ترامب، فيمكن الحديث عن عدّة مستويات، منها ما هو سياسي، ربطًا بالمواقف التي أطلقها الرجل، والتي تمحورت برمّتها حول "التصويب" على "حزب الله"، الذي اعتبر لبنان "ضحية" له، واتهمه بـ"نهب" الدولة اللبنانية وغير ذلك، ولكنه انطلق منها ليتحدّث بـ"فرصة تاريخية" للبنان من أجل التحرّر من "قبضة" الحزب، بما يقود إلى الاستقرار، منوّهًا في هذا السياق برئيسي الجمهورية والحكومة.
لكنّ دعم ترامب لـ"العهد الجديد" إن صحّ التعبير، يبدو حتى الآن "نظريًا محض"، وفقًا للعارفين، فلبنان قد لا يكون "أولوية الأميركيين" في الوقت الحالي، خلافًا لسوريا مثلاً، وهو ما أوحت به جولته الخليجية أساسًا، كما أنّ واشنطن تعتبر أنّ الكرة الآن هي في ملعب الدولة اللبنانية، التي ينبغي عليها القيام بخطوات ملموسة لإثبات الجدّية، علمًا أنّ المفارقة التي توقف عنها كثيرون، غياب أيّ حديث عن الاستقرار في لبنان، ووقف الخروقات الإسرائيلية، عن الأجندة.
مع ذلك، يُعتقَد أنّ لجولة ترامب انعكاساتها "الأكيد" على الداخل اللبناني، خصوصًا مع إعلانه رفع العقوبات عن سوريا، وهو قرار كان لبنان الرسمي أول من رحّب به، وسط توقعات بتبعات "إيجابية" له على لبنان، خصوصًا على مستوى حلّ الملفات الشائكة والعالقة، وعلى رأسها ملف النازحين السوريين، الذي كان الرئيس السوري أحمد الشرع دعا للتريّث في معالجته لما بعد رفع العقوبات، فضلاً عن "تنشيط" الحركة الاقتصادية بين البلدين.
لم يغب لبنان بالمُطلق عن جولة ترامب الخليجية. قد يكون ذلك صحيحًا. لكنّ الصحيح أيضًا أن حضوره فيها كان "على الهامش"، وليس "في المقدّمة". هو حضر من خلال قرار رفع العقوبات على سوريا، الذي من الطبيعي أن يتأثّر به لبنان، بالمقدار نفسه ربما الذي ستتأثر به سوريا، المعنيّة به. لكنّه لم يحضر بالمباشر، كملفّات أساسيّة أخرى، الأمر الذي يعزوه كثيرون إلى أنّ لبنان لا يزال بعيدًا عن اتفاق "تطبيع" يريده ترامب قبل كلّ شيء!
Advertisement
فقد حضر لبنان في كلام الرئيس الأميركي خلال افتتاح القمة الخليجية الأميركية في الرياض، حيث تحدّث عن "فرصة لدى لبنان للتحرر من قبضة حزب الله"، معتبرًا أنّ هذه الفرصة "تأتي مرة في العمر"، ومشيرًا إلى أنّه يمكن للرئيس جوزاف عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، "بناء دولة بعيدًا عن حزب الله"، وهو ما لاقاه فيه وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع تأكيده على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وكان الموقف نفسه تقريبًا حضر في كلمة ترامب خلال المنتدى الاستثماري السعودي-الأميركي، حين اعتبر أنّ "لبنان كان ضحية لهيمنة حزب الله وتدخلات إيران"، مشدّدًا على أن بلاده "مستعدة لمساعدة لبنان على بناء مستقبل أفضل مع جيرانه"، ومرحّبًا بأيّ جهود إصلاحية تنطلق من سيادة لبنان واستقلاله، فكيف تُقرَأ هذه المواقف في السياق العام، وخصوصًا على المستوى اللبناني، وهل تنعكس جولة ترامب الخليجية إيجابًا على لبنان؟!
جولة "مفصلية" للمنطقة
في المبدأ، وقبل التوقف عند الشق "اللبناني" من مواقف ترامب، لا بدّ من التأكيد على أهمية الجولة التي يقوم بها في المنطقة، والتي يصفها الكثير من العارفين والمتابعين بأنّها مفصليّة، علمًا أن مفاجآتها بدأت من الرياض، مع إعلان الرجل عن رفع العقوبات على سوريا، وهي خطوة يُعتقَد أنّها تمهّد لسلسلة أخرى من الخطوات ستبصر النور تباعًا، في ظلّ انطباع سائد بأنّ الإدارة الأميركية لم تكن لترفع العقوبات لو لم تتوصّل إلى اتفاق "شامل".
وإذا كان ترامب معروفًا برفضه للحروب العسكرية، وهو الذي استبق الوصول إلى البيت الأبيض، بمساعٍ لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، ترجمت بهدنة مؤقتة لم تصمد طويلاً، وكذلك الحرب على لبنان، ترجمت باتفاق لوقف إطلاق النار، ولو بقي أحاديًا، فإنّ جولته هذه تُقرَأ في السياق نفسه، علمًا أنّ بعض التسريبات تتحدّث عن "قطيعة" بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب رفض الأخير التجاوب مع مسعى أميركي لهدنة في غزة.
وبالتوازي، لا يخفى على أحد أنّ ترامب يعمل من أجل تكون جولته الخليجية هذه بابًا للعودة إلى سلسلة الاتفاقات الإبراهيمية التي طبعت ولايته الأولى، والتي يرغب بإطلاق جولة ثانية منها في أقرب وقت ممكن، وهو لا يخفي رغبته أن تنطلق هذه الجولة من المملكة العربية السعودية تحديدًا، بعد نضوج الظروف المناسبة، على أن تشمل بعد ذلك دولاً عربية عدّة، قد لا تكون سوريا بعيدة عنها، ولو أنّ التوقيت لا يزال غير واضح.
دعم للعهد.. ولكن!
بالانتقال إلى "حصّة لبنان" من جولة ترامب، فيمكن الحديث عن عدّة مستويات، منها ما هو سياسي، ربطًا بالمواقف التي أطلقها الرجل، والتي تمحورت برمّتها حول "التصويب" على "حزب الله"، الذي اعتبر لبنان "ضحية" له، واتهمه بـ"نهب" الدولة اللبنانية وغير ذلك، ولكنه انطلق منها ليتحدّث بـ"فرصة تاريخية" للبنان من أجل التحرّر من "قبضة" الحزب، بما يقود إلى الاستقرار، منوّهًا في هذا السياق برئيسي الجمهورية والحكومة.
لكنّ دعم ترامب لـ"العهد الجديد" إن صحّ التعبير، يبدو حتى الآن "نظريًا محض"، وفقًا للعارفين، فلبنان قد لا يكون "أولوية الأميركيين" في الوقت الحالي، خلافًا لسوريا مثلاً، وهو ما أوحت به جولته الخليجية أساسًا، كما أنّ واشنطن تعتبر أنّ الكرة الآن هي في ملعب الدولة اللبنانية، التي ينبغي عليها القيام بخطوات ملموسة لإثبات الجدّية، علمًا أنّ المفارقة التي توقف عنها كثيرون، غياب أيّ حديث عن الاستقرار في لبنان، ووقف الخروقات الإسرائيلية، عن الأجندة.
مع ذلك، يُعتقَد أنّ لجولة ترامب انعكاساتها "الأكيد" على الداخل اللبناني، خصوصًا مع إعلانه رفع العقوبات عن سوريا، وهو قرار كان لبنان الرسمي أول من رحّب به، وسط توقعات بتبعات "إيجابية" له على لبنان، خصوصًا على مستوى حلّ الملفات الشائكة والعالقة، وعلى رأسها ملف النازحين السوريين، الذي كان الرئيس السوري أحمد الشرع دعا للتريّث في معالجته لما بعد رفع العقوبات، فضلاً عن "تنشيط" الحركة الاقتصادية بين البلدين.
لم يغب لبنان بالمُطلق عن جولة ترامب الخليجية. قد يكون ذلك صحيحًا. لكنّ الصحيح أيضًا أن حضوره فيها كان "على الهامش"، وليس "في المقدّمة". هو حضر من خلال قرار رفع العقوبات على سوريا، الذي من الطبيعي أن يتأثّر به لبنان، بالمقدار نفسه ربما الذي ستتأثر به سوريا، المعنيّة به. لكنّه لم يحضر بالمباشر، كملفّات أساسيّة أخرى، الأمر الذي يعزوه كثيرون إلى أنّ لبنان لا يزال بعيدًا عن اتفاق "تطبيع" يريده ترامب قبل كلّ شيء!