Advertisement
هذا التطور الجيوسياسي يفتح الباب لسؤال محوري: كيف ستتعامل السعودية ودول الخليج مع الساحة اللبنانية؟
في الواقع، يظهر أن الاهتمام الخليجي المُركز سيكون في المرحلة المقبلة موجهاً نحو الساحة السورية، لعدة اعتبارات، أبرزها: وجود فرص استثمارية واسعة يمكن البناء عليها، وانخفاض مستوى التعقيدات السياسية مقارنةً بالوضع اللبناني المعقّد، حيث لا تزال التوازنات دقيقة وحساسة. وبما أن الرؤية السعودية تجاه لبنان تمرّ من البوابة السورية، فإن أي انخراط جدي في بيروت سيكون مرهوناً بالتطورات في دمشق أولاً.
لكن رغم ذلك، من المرجّح أن نشهد تحسّناً في الخطاب الإعلامي الخليجي تجاه لبنان، حيث ستتراجع لهجة الحذر التي كانت طاغية في السنوات الماضية، لتحلّ مكانها إشارات إيجابية تعبّر عن استعداد للمساعدة، سياسياً وربما اقتصادياً. وهذا يتماشى مع رغبة الرياض في عدم خسارة الورقة اللبنانية، لكنها في الوقت نفسه لا تبدو مستعجلة على الدخول في أي التزام فعلي.
لن يكون هناك دعم حقيقي في المرحلة الراهنة، لأن المملكة تفضّل الانتظار حتى تتبلور صورة التوازنات السياسية الداخلية في لبنان. وهي تراقب أمرين أساسيين: أولاً، إعادة تشكيل بعض القوى السياسية وتنظيمها لتكون أكثر حضوراً وفعالية؛ وثانياً، نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، والتي ستكون مفصلية في تحديد الاتجاه العام لمجلس النواب: هل سيكون بوضوح في موقع مناهض لحزب الله، أم ستستمر حالة التوازن الهشّ؟
إذا تحقّق هذا التغيير السياسي – أي انتقال لبنان إلى ضفة مقابِلة لحزب الله شعبياً وبرلمانياً – قد تبدأ حينها مرحلة جديدة من الاستثمار الخليجي في لبنان، سواء في السياسة أو الاقتصاد. أما قبل ذلك، فالتريّث سيبقى هو العنوان الرئيسي للتعاطي السعودي مع بيروت.