Advertisement
من بين أبرز الأسباب التي تجعل من هذه الانتخابات محطة استراتيجية، هو سعي المعارضة الشيعية الداخلية، المتمثلة ببعض الشخصيات والقوى المستقلة، إلى تسجيل خرق رمزي أو عملي في "الاحتكار التمثيلي" الذي يفرضه الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، منذ عقود. فالمعارضة تعتبر أن أي إنجاز في صناديق الاقتراع البلدية قد يتحول إلى قاعدة انطلاق لخرق أكبر في الانتخابات النيابية المقبلة، حيث تسعى إلى انتزاع مقعد نيابي واحد على الأقل في دائرة يغلب عليها اللون الشيعي.
لكن رغم هذا التحدي، فإن الجنوب، وبخاصة مناطقه التي لطالما اعتُبرت خزّان المقاومة، يأخذ أهمية مزدوجة لحزب الله. أولًا لأنه الأكثر تضررًا من الحروب الإسرائيلية، لا سيما العدوان الاخير، وما خلفه من دمار واسع في البنى التحتية والمنازل. هذا الدمار، الذي لم تُفلح الدولة اللبنانية ولا مشاريع الحزب المحلية في اعادة اعماره، بات معيارًا أساسيًا في تقييم فعالية الحزب داخل بيئته. وثانيًا، لأن الجنوب هو ميدان الشرعية الشعبية الفعلية التي يعتمد عليها الحزب لتبرير سلاحه ونفوذه.
من هنا، سعى حزب الله إلى تحقيق هدفين متوازيين: الأول، حسم أكبر عدد ممكن من البلديات عبر التزكيات، وهو ما تحقق فعليًا في نحو 50% من قرى الجنوب، مع احتمال اتساع هذه النسبة خلال الساعات المقبلة. أما الهدف الثاني، فهو رفع نسبة المشاركة إلى مستويات عالية جدًا في البلدات التي ستشهد انتخابات فعلية، بهدف إظهار التفاف شعبي واسع حول خيارات الحزب.
نجاح الحزب في تحقيق هذين الهدفين قد يؤدي إلى تكريس هيمنته داخل البيئة الشيعية، ويمنحه شرعية مضافة تُستثمر لاحقًا في الاستحقاق النيابي. وعليه، فإن الانتخابات البلدية لا تبدو اليوم مجرد محطة محلية، بل تمهيد لإعادة رسم التوازنات داخل الساحة اللبنانية.