من زحلة إلى جزين.. "القوات" تقلب تفوّقها إلى خسارة؟! - خليج نيوز

قبل أسبوع واحد، صُنّفت "القوات اللبنانية"، عن حقّ، "الرابح الأكبر" من "موسم" الانتخابات البلدية والاختيارية، خصوصًا بعد ما وُصِف بـ"التسونامي" الذي حقّقته في مدينة زحلة، ذات الثقل المسيحي، والذي أعاد إلى الأذهان ذلك الذي جسّده "التيار الوطني الحر" في فترة "ذروته" عام 2005، خصوصًا أنّها خاضت وحيدة مواجهة "صعبة" مع تكتّل واسع ضمّ في لائحة واحدة حلفاء مفترضين وخصومًا سياسيّين، فتفوّقت عليهم بأشواط.

Advertisement

 
اتّفق الجميع حينها على أنّ "القوات" كسبت الرهان، وكرّست "زعامتها" على الساحة المسيحيّة، حتى إنّ "التيار الوطني الحر" نفسه أقرّ بهذا الفوز، ولو اعتبر نفسه "محيّدًا" عن الهزيمة، باعتبار أنّه نأى بنفسه عن المعركة ولم يدعم اللائحة المضادة، إلا أنّ "القوات" رفعت يومها السقف، فخرج رئيسها سمير جعجع بخطابٍ عُدّ "تصعيديًا"، خصوصًا بقوله: "ع زحلة لا فاتو ولا رح يفوتو، لا هلق ولا بعدين"، معتبرًا أنّ "زحلة قوات، والقوات هي زحلة".
 
كان يمكن للأمور أن تقف عند هذا الحدّ، فمعركة زحلة وضعت "القوات" في الصدارة، وبمسافة بعيدة نسبيًا عن كلّ منافسيها، وحتى "رفاقها"، وهي معركة كافية لرسم الكثير من المعادلات في السياسة، إلا أنّ هناك من اختار "نقل" المعركة إلى جزين، رغم اختلاف الظروف والمعايير، لتأتي النتيجة "معاكسة" في نهاية اليوم الانتخابي، فتخسر "القوات" رهانها، ويسجّل "التيار الوطني الحر" نقطة عليها، فهل يمكن القول إنّ "القوات" قلبت تفوّقها إلى خسارة؟!
 
صراع "التيار" و"القوات"
 
قد تكون نقطة "التقاطع" الوحيدة بين "معركتي" زحلة وجزين، تكمن في عامل "التسييس" الذي طغى على كلّ الأبعاد الأخرى، التي طبعت الانتخابات البلدية والاختيارية في الكثير من محطاتها وجولاتها، حتى في قضاء جزين نفسه، فتمامًا كما "سُيّست" الانتخابات في زحلة، وتحوّلت إلى معركة سياسية بين "القوات" وجميع القوى الأخرى، ثمّة من قرّر "تسييس" المعركة في جزين، لتتحوّل إلى معركة "سياسية" بالدرجة الأولى، خصوصًا بين "التيار" و"القوات".
 
ثمّة من يرى أنّ "القوات" تتحمّل مسؤولية أساسية على هذا المستوى، فنائبتها غادة أيوب مثلاً اختارت رفع السقف ضدّ "التيار"، في "ذروة" اليوم الانتخابي، متجاوزة الصمت الانتخابي الذي ينصّ عليه القانون، ويحظر على السياسيّين أيّ كلام انتخابي مباشر، بقولها "خليهن يلاقوا لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل شي قرنة يشكوا فيها العلم"، ولو أنها برأي مؤيّديها، كانت تردّ على هجمات "التيار" ضدّها، والتي وصلت حدّ وصفها بـ"نائبة الصدفة".
 
أشعل كلام أيوب الذي بدا "مستفِزًّا" للقواعد "العونيّة"، "سجالاً ناريًا" بين "التيار" و"القوات" في غير أونه، ولكنّه رفع عمليًا من "حماوة" المعركة في ساعاتها الأخيرة، إذ ثمّة من يعتبر أنّه لم يفتح "الجبهة العونية القواتية" على الإعلام فحسب، بعدما اختار باسيل أن يردّ عليه، من قلب جزين، التي وصلها قبل إقفال صناديق الاقتراع، بل أدّى إلى "استنفار" ترجم بنسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، التي سجّلت أعلى مستوياتها على الإطلاق.
 
خسارة "القوات"
 
استنادًا إلى هذا السياق، لا يمكن مقاربة نتيجة معركة جزين إلا بوصفها "خسارة" لـ"القوات"، بمعزل عن كلّ "الأسباب التخفيفية" التي قد تكون مُحِقّة، ومن بينها أنّ المعركة مثلاً قد لا تكون متكافئة، خصوصًا أنّ "القوات" كانت تواجه عمليًا تحالفًا "مصلحيًا"، وفق توصيف خصوم "التيار"، بين الأخير والنائب إبراهيم عازار، رغم كل الحملات المتبادلة سابقًا بينهما.
 
وفي السياق نفسه، تندرج محاولة "القوات" التقليل من وقع الخسارة، بعد "المعركة الإعلامية" التي خاضتها، سواء من خلال الحديث عن "المعركة الأكبر" على صعيد اتحاد البلديات، بعيدًا عن المدينة، أو من خلال الاكتفاء بالدعوة إلى "طيّ" صفحة الانتخابات، كما فعلت النائبة غادة أيوب، قافزة فوق "التحدّي" الذي أطلقته بوجه باسيل في مسألة "العلم"، وهو ما طرح تساؤلات حول "الازدواجية" في الموقف، خصوصًا بالمقارنة مع كلام جعجع عالي السقف في زحلة.
 
إلا أن خسارة "القوات" بهذا المعنى، والتي تتحمّل هي جانبًا منها على مستوى إدارة معركتها إعلاميًا، لا يقابلها بالضرورة "انتصار مدوّ" لـ"التيار"، يرقى لمستوى "تسونامي زحلة"، وفق ما يقول العارفون، فالأخير لم يخُض المعركة وحيدًا، حتى يكرّس معادلة أنّ جزين "قلعة عونية"، كما قال، وحتى يصحّ حديثه بالحدّ الأدنى عن أنّ خسارة 2022 النيابية "خطأ لن يتكرّر"، باعتبار أنّ طبيعة النظام تختلف، وكذلك التحالفات، وهنا بيت القصيد.
 
لا شكّ أنّ المعركة الإعلامية تلعب دورًا أساسيًا على خطّ المعركة الانتخابيّة، بل هي تتقدّم عليها في بعض الأحيان، لكن لا شكّ أيضًا انّها كما يمكن أن تساعد على الربح، بما تنطوي عليه من استقطاب وتجييش، يمكن أن تؤدي دورًا معاكسًا. ولعلّ هذا بالتحديد ما حصل مع "القوات" في جزين، فقلب "تفوّقها" إلى "خسارة" لا يمكن تجاهلها، بل ربما حوّل ربحًا "عونيًا" كان يمكن أن يكون عاديًا، إلى "انتصار" أكثر من "رمزيّ"!

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق دراسة جديدة تكشف: اختبار سريع لتشخيص أمراض الطفولة النادرة - خليج نيوز
التالى قصة أزمة داخل "حزب الله".. تقريرٌ إسرائيلي يكشفها - خليج نيوز