جسّ نبض.. هل تشهر واشنطن الفيتو في وجه التجديد لليونيفيل؟! - خليج نيوز

اعتاد اللبنانيون قبيل شهر آب من كلّ عام، أن يدخل موضوع تجديد التفويض لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) البازار السياسي، إما على خلفيّة رغبة دولة من هنا أو هناك بتوسيع الصلاحيات، أو حتى على خلفية النقاش بدورها ومهامها، لكنّ المفاجأة كانت "صادمة" هذه المرّة، بعد التقارير الصحفية التي تحدّثت عن توجّه أميركي جديد تدعمه إسرائيل بعدم التجديد لها بكلّ بساطة، وبالتالي إنهاء دورها بالمُطلَق.

Advertisement

 
وبمعزَل عن مدى "دقّة" هذه التقارير، في ظلّ انقسام في مقاربتها بين من اعتبرها "جسّ نبض"، ومن رأى فيها "محاولة ضغط" على لبنان الرسمي، وذلك لبلورة رؤية جديدة لهذه القوات تنسجم مع المتغيّرات التي أفرزتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وما أعقبها، فإنّ الثابت أنّها "فتحت" المعركة باكرًا، بل فرضت نفسها على الأجندة السياسية، حيث بات السؤال عن "مصير" هذه القوات عنوانًا مفتوحًا ومشروعًا للنقاش في الصالونات السياسية.
 
وفي وقت تشير المعطيات إلى أنّ لبنان الرسمي بدأ التحضير للرسالة التي سيوجّهها إلى مجلس الأمن من أجل طلب التجديد لليونيفيل، كما جرت العادة في السنوات الماضية، فإنّ السيناريوهات تبدو "غامضة" حتى الآن، فهل ثمّة توجّه أميركي فعليّ لإنهاء تفويض اليونيفيل، ما يعني أنّ الولايات المتحدة بصدد أن تشهر "الفيتو" في وجه التجديد، ولو دعمته أغلبية الدول الأخرى، وهل يعكس ذلك "امتعاضًا" أميركيًا وإسرائيليًا من أداء هذه القوات؟!
 
تقليص نفقات أم امتعاض؟
 
من بوابة الإعلام الإسرائيلي تحديدًا، خرج الخبر "الصادم" حول اتفاق الولايات المتحدة وإسرائيل حول إنهاء عمل اليونيفيل، وفق منطق أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب غير متحمّسة للتجديد لهذه القوات، وأنّ إسرائيل لم تقنعها بعكس ذلك، علمًا أنّها تتصرّف أساسًا كما لو أنّ هذه القوات غير موجودة، ولا تتولى أيّ تنسيق معها، وهي التي انتشرت في جنوب لبنان منذ العام 1978، واستعادت "زخمها" بموجب القرار 1701، بعد حرب تموز 2006.
 
هنا، يتحدّث العارفون عن وجهتي نظر حول الموقف الأميركي، إذ ثمّة من يدرجه في خانة تقليص النفقات التي يعتمدها الرئيس ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض، وسبق له أن أوقف العديد من البرامج التي اعتبر أنّها غير مجدية، أو بالحدّ الأدنى لا تستحقّ هذا الإنفاق، علمًا انّ الولايات المتحدة تتحمّل العبء الأكبر في تمويل اليونيفيل، كما أنّ فكرة تقليص العديد سبق أن اعتُمِدت، وهي غير مطروحة في الوقت الحالي، أقلّه حتى الآن.
 
وإذا كان هذا العامل كافيًا برأي كثيرين ليسحب ترمب يده من تمديد مهمّة اليونيفيل، بالنظر إلى المعارك التي يخوضها على أكثر من مستوى، فإنّ هناك من يلفت إلى أنّ البعد الثاني لا يقلّ أهمية، وهو المرتبط بالمهام المنوطة بهذه القوات، إذ يرى الأميركيون أنّ الهدف الأساسي من وجودها لم يتحقّق، بدليل فتح "حزب الله" لجبهة الإسناد أولاً، ثمّ وقوع الحرب الأخيرة، فضلاً عن المناوشات التي كانت تحصل بين الفينة والأخرى في السنوات السابقة.
 
مصلحة لبنان في بقاء اليونيفيل
 
أبعد من المهام، التي تحوّلت معها اليونيفيل برأي كثيرين إلى "شرطي حدود"، يرى البعض أنّ ما يزعج الأميركيين والإسرائيليين تكمن في بعض المواقف التي تطلقها، ولو حاولت دائمًا البقاء على الحياد، وعدم الانحياز، إلا أنّها لا تصبّ في صالح الأجندة الغربيّة، وآخرها ما كرّره الناطق باسم هذه القوات في أكثر من إطلالة إعلامية في الأيام الماضي، عن أنّ استمرار احتلال أراضٍ لبنانيّة لا يساعد على إكمال انتشار الجيش في مناطق الجنوب.
 
لكن، انطلاقًا من هذه المقاربة، يؤكد العارفون بالموقف اللبناني الرسمي، أنّ بقاء هذه القوات في ظلّ الوضع الراهن، يشكّل "مصلحة وطنية عليا"، يتقاطع عليها كلّ المسؤولين، وهو ما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري خير من عبّر عنه، عندما قال إنّه مع قوات اليونيفيل في الجنوب "ظالمة أو مظلومة"، وذلك انطلاقًا من أنّ وجود هذه القوات يبقى بحدّ ذاته "ضمانة للاستقرار"، ولو بحدّه الأدنى، إن صحّ التعبير.
 
ويشدّد هؤلاء على أنّ لبنان يعتقد أنّ أهمية قوات اليونيفيل تتعاظم اليوم، بعد الحرب الدموية الأخيرة، خلافًا للانطباع السائد بخلاف ذلك، خصوصًا أنّ المعادلات كلّها تغيّرت، فـ"حزب الله" خرج من منطقة جنوب الليطاني، وبدأ الجيش يتموضع فيها، لكنّ العملية لا يمكن ن تكتمل بين ليلة وضحاها، وبالتالي فإنّ وجود هذه القوات يبقى أساسيًا، حتى يصبح الجيش منتشرًا على كامل الحدود، ومجهّزًا للعب الدور المنوط به، في ظلّ المخاطر الجسيمة.
 
يرى البعض أنّ التسريب حول "مصير" قوات اليونيفيل جاء على طريقة "جسّ النبض"، بانتظار أن يحين موعد الاستحقاق، ويرى البعض الآن أنّ هناك من رمى بورقة "إنهاء" اليونيفيل من باب الضغط على لبنان، للقبول بتعديل الصلاحيات والمهام، وربما بلورة رؤية جديدة لدور القوات الدولية في ضوء المتغيّرات التي طرأت على المشهد ككلّ. فهل تكون "اليونيفيل" جزءًا من سيناريوهات "اليوم التالي"؟!

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إيران تُعلن تسلّمها مقترح أميركي بشأن برنامجها النووي
التالى رعاية صحية تنبض بالكفاءة .. قرابة (200) ألف خدمة صحية لضيوف الرحمن في موسم حج 1446هـ بلا تفشيات