تركيا بعد إيران: تسريبات إسرائيلية تفتح باب الاحتمالات - خليج نيوز

في ذروة المواجهة المشتعلة بين إسرائيل وإيران، ومع تزايد الحديث عن اقتراب الحسم العسكري أو الاستراتيجي، بدأت دوائر القرار في تل أبيب وبعض مراكز الأبحاث الغربية تطرح سؤالاً أبعد من حدود الصراع الحالي: من التالي؟ وفي هذا السياق، تتجه الأنظار نحو تركيا بوصفها القوة الإقليمية الوحيدة المتبقية التي لا تزال تحتفظ بهامش استقلالية خارج الفلك الإسرائيلي والأميركي.

Advertisement


رغم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية التي استعادت بعض حيويتها بين أنقرة وتل أبيب، إلا أن مصادر إسرائيلية مطلعة تعتبر أن المشروع السياسي التركي، يحمل في جوهره نزعة مضادة للهيمنة الغربية، ويستند إلى خطاب إسلامي قومي قد يتصادم مستقبلاً مع رؤية إسرائيل للشرق الأوسط.

التسريبات الصادرة عن دوائر بحثية إسرائيلية قريبة من الأجهزة الأمنية تحدّثت بوضوح عن ما تسميه التهديد التركي الصامت، مشيرة إلى أن تركيا تمتلك قدرات تكنولوجية متقدمة في الصناعات الدفاعية والطائرات المسيّرة، وتُحافظ على موقف شعبي رافض للتطبيع، فضلاً عن طموحها الواضح في لعب دور مرجعي في العالم الإسلامي السني، بما يتجاوز دور الأنظمة الحليفة لواشنطن وتل أبيب في الخليج.

في حين ترى بعض هذه الأوساط أن أي ضربة ناجحة ضد إيران قد تُعيد رسم خارطة الردع في المنطقة، فإن المرحلة التالية قد تفتح الباب أمام مواجهات غير تقليدية مع قوى أخرى توصف بـالطموحة وغير المنضبطة. وبالتالي، فإن تركيا، رغم عضويتها في حلف الناتو، قد تتحول في لحظة ما إلى خصم استراتيجي ينبغي تحجيمه أو تطويقه.

من جهة أخرى، تُشير المصادر إلى أن هذا السيناريو لن يتخذ بالضرورة شكل مواجهة عسكرية مباشرة، بل قد يأتي عبر أدوات ناعمة تشمل إثارة النزعات الداخلية، ومحاصرة أنقرة في ملفات الطاقة شرق المتوسط، إلى جانب تنشيط الحرب النفسية والإعلامية، واستخدام أدوات التجسس والتخريب الاقتصادي. كما لا يُستبعد تصعيد التوتر مع حلفاء أنقرة مثل قطر، أو الدفع بتسويات إقليمية تُقصي تركيا تدريجياً من معادلات التأثير.

في السياق ذاته، تُقرأ بعض مؤشرات التنسيق المتزايد بين إسرائيل وكل من اليونان وقبرص ومصر في إطار محاولة لتقليص هامش التحرك التركي في المتوسط، خصوصاً بعد أن أظهرت أنقرة استعداداً لاستخدام القوة لحماية مصالحها البحرية ومشاريع الغاز.

في المحصّلة، قد لا تكون تركيا هدفاً عاجلاً ضمن خطط إسرائيل الأمنية، لكن وضعها في خانة التهديد المؤجل بات واضحاً في أدبيات بعض النخب الإسرائيلية. فبعد إيران، يبدو أن المشروع الإسرائيلي يسعى لتفكيك ما تبقّى من المراكز السياسية المستقلة ذات الخلفية الإسلامية، سواء أكانت شيعية أم سنية، ما يعكس تصوراً أكثر اتساعاً للصراع، يتجاوز ميدان المعركة إلى معركة الهويات والنفوذ الإقليمي. 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق في لبنان: نغني كأننا شعب واحد.. ونكره كأننا لم نلتق يوما - خليج نيوز
التالى اعتصام في طرابلس رفضاً لعرض كوميدي - خليج نيوز