مختبر سري لتصنيع الكبتاغون في سوريا: دليل جديد على توسع تجارة السموم
يقع مختبر لتصنيع المخدرات أعلى تل على طريق رئيسي في الطرف الغربي لدمشق، المدينة التي كانت مقر حكم عائلة الأسد التي نفت منذ فترة طويلة أي صلة لها بتجارة المخدرات.
واتهمت الولايات المتحدة ودول أخرى حكومة الرئيس السابق بشار الأسد في سوريا بالتربح من إنتاج وبيع منشط مسبب للإدمان معروف باسم الكبتاغون، والذي انتشر في أنحاء الشرق الأوسط بداية من خطوط المواجهة في الحروب إلى مواقع البناء وحتى في الحفلات الراقية.
ويقول خبراء إن تجارة الكبتاغون تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنويا، وربطت حكومات غربية التجارة غير المشروعة في سوريا بشقيق الرئيس المخلوع، ماهر الأسد، والفرقة الرابعة من الجيش السوري التي كان يقودها.
وسمح سقوط بشار الأسد بعد هجوم خاطف لقوات المعارضة للصحفيين لأول مرة بالبدء في البحث في سوريا عن أدلة على إمبراطورية الكبتاغون.
وفي مستودعات مظلمة شاسعة في مكان مهجور بمدينة دوما، قال مقاتلون شاركوا في الإطاحة بالأسد إنهم عثروا على آلاف من حبوب المخدر مخبأة في قطع الأثاث والفواكه والحصى الملون وأجهزة تثبيت الجهد الكهربائي التي شوهدت مكدسة على منصات، فيما تنتظر شاحنة بالخارج.
وحملت العديد من الحبوب شعار الهلال المزدوج أو كلمة “لكزس” التي تميز حبوب الكبتاجون.
وقال أحد المقاتلين الموالين لحكام سوريا الجدد الذي اصطحب مراسلين إلى داخل المختبر ثم فتح أحد الأجهزة المعدة للتصدير، ليكشف عن الحبوب المخبأة في الداخل “هيك عم بيغلفوها.. ويبعتوها لدول بره”.
وفي هذا الصدد، قالت كارولين روز، مديرة مشروع تجارة الكبتاجون في معهد نيو لاينز في نيويورك، إن قيمة التجارة العالمية في الكبتاجون تقدر بنحو عشرة مليارات دولار، وتقدر الأرباح السنوية للقيادة السورية المخلوعة منها بنحو 2.4 مليار دولار.
وأضافت روز، التي ترصد منظمتها جميع عمليات ضبط الكبتاجون ومداهمات المعامل المسجلة علنا، إن هذا الموقع يبدو أنه أحد أكبر معامل الكبتاجون التي تم العثور عليها.
وقالت “من المحتمل جدا أن يكون الأكبر في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة النظام في سوريا”.
كوكايين الفقراء
وفي الداخل كانت هناك آلة لضغط الحبوب، وفي المستودع الذي يقع أعلى المبنى كانت هناك عشرات البراميل والصناديق والزجاجات التي تحتوي على مواد كيميائية مختلفة.
وشملت هذه المواد الكلوروفورم، يوديد البوتاسيوم، محلول الفورمالديهايد، محلول الأمونيا sg 0.91، حمض الخليك، حمض الهيدروكلوريك، سيكلوهيكسانون والأثير البترولي 40-60 درجة مئوية.
وتم إنتاج هذه المواد الكيميائية في دول من بينها بريطانيا والصين والهند ولبنان، بحسب الملصقات.
كان الكبتاغون هو الاسم التجاري لمنشط تم إنتاجه لأول مرة في ألمانيا في ستينيات القرن العشرين للمساعدة في علاج حالات الانتباه بما في ذلك اضطرابات نقص الانتباه والنوم القهري.
توقف إنتاجه بعد ذلك، ولكن استمر إنتاج نسخة غير مشروعة من المخدر تعرف باسم “كوكايين الفقراء” في أوروبا الشرقية وفي وقت لاحق في العالم العربي، وأصبحت بارزة في الصراع الذي اندلع في سوريا بعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2011.
يعمل المخدر على زيادة التركيز ويمنع النوم والجوع، وقد تم حظره في العديد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة وقد يكون له آثار جانبية ضارة.
من كابتن كورن إلى كابتاغون
وقال رجل الأعمال السوري فارس التوت إن عائلته كانت تملك المصنع قبل الحرب الأهلية في سوريا، عندما تم بناؤه لإنتاج رقائق البطاطس ذات العلامة التجارية كابتن كورن.
وأوضح إنه تم الاستيلاء عليها في عام 2018 من قبل رجل الأعمال المقرب من ماهر، عامر الخيطي.
وأضاف توت “لقد حولوها من إنتاج الغذاء إلى إنتاج الكبتاجون الذي قتل أطفال سوريا دعما للفرقة الرابعة”.
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خيطي في عام 2020 بسبب علاقاته بسلطات الأسد. وفرضت بريطانيا عقوبات عليه في عام 2023، قائلة إنه “يدير ويسيطر على العديد من الشركات في سوريا التي تسهل إنتاج وتهريب المخدرات، بما في ذلك الكبتاجون”.
ويقول مقاتلو المعارضة إنهم عثروا منذ سقوط الأسد على عدة مواقع في مختلف أنحاء البلاد لإنتاج المخدرات وإعدادها للتصدير.
وفي بعض الأحيان، أشعلوا النار في الحبوب أو صبوها في المجاري، وذلك وفقًا لمقاطع فيديو تم تداولها عبر الإنترنت من قبل حسابات تابعة لهم.
وأشارت روز إلى أن مؤسستها تتبعت جميع عمليات ضبط الكبتاجون ومداهمات المعامل المسجلة علنًا.
0 تعليق