"حزب الله" ثابت على موقفه.. ماذا بعد انتهاء مرحلة "الصبر"؟! - خليج نيوز

لبنان 24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في الأيام الأخيرة، كسر "حزب الله" الصمت الذي التزم به بالتوازي مع اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، على الرغم من الخروقات الإسرائيلية اليومية والمتكرّرة، فرسم معادلة جديدة قوامها "الصبر" حتى انتهاء مهلة الستين يومًا التي نصّ عليها الاتفاق، على أن يكون "اليوم التالي"، أو اليوم الحادي والستّين إن صحّ التعبير، مفصليًا، بحيث يعتبر أيّ قوات إسرائيلية تبقى على الأرض اللبنانية، "قوات احتلال"، ويبني على الشيء مقتضاه.

Advertisement

 
ورد هذا الكلام بصراحة على لسان العديد من قياديي ونواب "حزب الله" الذين أدلوا بتصريحات إعلامية في الأيام القليلة الماضية، ومنهم نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي الذي أكد أنّ المقاومة "جاهزة وقوية ومستعدة"، وأشار إلى أنّها التزمت "بالصبر" طيلة ستّين يومًا، لكن "في اليوم الـ61 الموضوع سيتغيّر"، قائلاً: "صبرنا على الخروقات لأجل البيئة التي عادت الى قراها في الجنوب واليوم هم يطالبوننا بالرد على هذه الخروقات".
 
لكنّ هذا التلويح بالردّ لم ينعكس صراحةً في أول خطابات الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم للعام الجديد، حيث جدّد القول إنّ الدولة اللبنانية هي "المسؤولة" عن متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، معتبراً أنّ الخروقات تشكّل "اعتداء على الدولة وعلى المجتمع الدولي"، قائلاً: "نحن نصبر ‫في هذه المرحلة، ونعتبر أن المسؤولية على الدولة"، فهل يستعدّ الحزب لمرحلة "ما بعد الصبر"، وما هي المقاربات المحتملة لها؟!
 
"اختبار وترقّب"
 
تتعدّد التفسيرات لمفهوم "الصبر" الذي يتحدّث عنه "حزب الله" في هذه المرحلة، ويلتزم به حتى الرمق الأخير رغم الاستفزازات الإسرائيلية التي تكاد تتجاوز كلّ الحدود، وهو ما يقرّ به الحزب أساسًا حين يقول إنّ إسرائيل تنفّذ في زمن "وقف النار" ما لم تستطع تنفيذه في زمن الحرب، إذ ثمّة من يضع هذا المبدأ في خانة "ضبط النفس" من جانب الحزب، حتى لا يوفّر ذريعة لإسرائيل للعودة إلى الحرب، وليثبت للعالم من هو الذي يخرق الاتفاق، الذي رعته دول كبرى.
 
وفي السياق نفسه، ثمّة من يدرج سياسة "الصبر" الغريبة نوعًا ما عن أدبيّات "حزب الله" التاريخية، في مواجهة خروقات أقلّ بكثير ممّا ترتكبه إسرائيل هذه الأيام، في خانة "الاختبار والترقب"، الذي يوجّه من خلاله رسائل واضحة لخصومه، ممّن يؤكّدون دومًا أنّ المجتمع الدولي يحمي لبنان، وأنّ المقاومة لم تعد ضرورية، ولذلك فهو يتنحّى جانبًا، ليضع هؤلاء أمام الاختبار، وليثبت لهم ربما أنّ المقاومة وحدها التي "تردع" إسرائيل، بدليل ما يحصل اليوم.
 
لكن، في مقابل وجهتي النظر السابقتين، ثمّة من يفهم سياسة "الصبر" هذه على أنّها تكريس لتغيّر المعادلات، فما بعد 27 تشرين الثاني ليس كما قبله بالنسبة إلى "حزب الله"، الذي يدرك أنّه بات أضعف بكثير من السابق، وهو لم يعد قادرًا على التصدّي للخروقات الإسرائيلية، ولذلك فهو يرمي الكرة في ملعب الدولة، على الرغم من أنّه في الأيام الأولى "أنذر" بالردّ على الخروقات إذا ما استمرّت، لكنّها استمرّت، فغيّر الحزب تكتيكه ومقاربته.
 
ماذا بعد اليوم الـ60؟
 
استنادًا إلى كلّ القراءات السابقة، على اختلافها وتناقضها ربما، فإنّ أداء "حزب الله" في هذه المرحلة، بما في ذلك سياسة الصبر التي يعتمدها، يصبّ في خانة "الضغط" على الدول التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار، وفي مقدّمها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، من أجل أن تتحمّل مسؤولياتها في ضمان تنفيذ الاتفاق، ووضع حد للانتهاكات المستمرّة له، والتي تخطّى عددها المئات، وبالتالي إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية قبل انقضاء المهلة.
 
لكنّ السؤال الذي يُطرَح بقوة في الأوساط السياسية، ماذا لو لم تستجِب إسرائيل للضغوط، وماذا لو قرّرت أن تواصل "استفزازاتها" حتى ما بعد اليوم الستّين، وهي التي بدأت تسرّب عبر إعلامها أنّ هذه المهلة "غير مقدّسة"، وأنّها قد تبقى في لبنان لفترات أخرى، من أجل "ضمان" تطبيق الاتفاق كاملاً من الجهة اللبنانية؟ هل سيبقى "حزب الله" ملتزمًا سياسة "الصبر" في هذه الحالة، أم سيضطر لتغيير تكتيكه، من باب أنّ أرضًا لبنانية أصبحت تحت الاحتلال؟!
 
حتى الآن، يبقى الأمر مجرّد "فرضية" بحسب ما يقول العارفون، ممّن يراهنون على أنّ الاتصالات السياسية ستفضي إلى إنجاز الانسحاب الإسرائيلي قبل الموعد المحدّد، لتفادي أيّ إشكالية من هذا النوع، علمًا أنّ إسرائيل التي تسعى لتكريس مبدأ "حرية التصرف" الذي لم ينصّ عليه الاتفاق، تستقوي ربما بجاهزيتها لكل الخيارات، لكنها تضع في حال عدم تقيّدها بالمهلة، "حزب الله" في موقف المحرج، المضطر للتصرف، حتى لو لم يكن راغبًا في ذلك.
 
لعلّ هذا السيناريو هو ما يخشاه الكثيرون، فإذا كان الانطباع السائد بأنّ "حزب الله" لا يريد العودة إلى الحرب، وقد تعرّض لضربة مضافة بعد سقوط النظام في سوريا، وخسارته طريق الإمداد، فإنّ الأكيد أنّ الحزب الذي تبنّى سردية "انتصار" رغم أنّ الإسرائيلي لا يزال على أرض لبنان، قد لا يجد ما يبرّر سياسة "الصبر" عندما تنتهي مهلة الستين يومًا، إذا لم تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل، ولو أنّ الرهان يبقى على معالجة الأمر في الوقت المناسب!

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق