بينما تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى إحكام سيطرتها على مختلف المحافظات السورية، تبقى السويداء استثناءً لافتاً، عصيّاً على محاولات الإخضاع بالسلاح. هذه المحافظة، التي لطالما عُرفت بمواقفها الصلبة والمستقلة، تواجه محاولات متكررة لدخول القوات الأمنية إليها، لكن دون جدوى. وعلى الرغم من أن الأهالي يرفضون اللجوء إلى القوة كخيار أول، إلا أنهم يظهرون استبسالاً في الدفاع عن مطالبهم، مهددين بالمطالبة بالفيدرالية إذا ما أصر النظام الجديد على استخدام العنف ضدهم.
وعلى الرغم من توجّه النظام الجديد، بحسب قائده أحمد الشرع، نحو حلّ كافة الفصائل، ونزع السلاح وحصره بالدولة فقط، يبقى موضوع السلاح داخل محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، محط جدل وتساؤل، إذ إنّ هناك خصوصية لهذه المحافظة التي كان لها جولات كبيرة مع اللحظات المفصلية التي عاشتها سوريا، بدءًا من المظاهرات، وصولا إلى دخول المجموعات المسلحة الارهابية، وانتهاء اليوم مع سقوط النظام، لا تزال المرجعيات الروحية الموجودة هناك متشبثة بموقفها، والذي يتلخص بأنّ وقت الكلام عن تسليم السلاح الدرزي "مبكر" جدًا.
مصدر سوريّ متابع أشار لـ"لبنان24" أنّ موقف الطائفة واضح، فلا تسليم للسلاح طالما أنّ النظام الجديد يريد استخدام أساليب شبه ملتوية في التعامل مع دروز السويداء، لافتًا إلى أنّه على الرغم من تأكيد الادارة الجديدة أن النظام الذي يتم العمل عليه سيكون مختلفًا عن النظام السابق، أي يتعلق فقط بسوريا المؤسسات وليس سوريا الطائفية والمقسمة، فإنّ العمل على الأرض أثبت العكس، وأبرزها كانت محاولة قوات أمنية تابعة للقوات السورية الجديدة الدخول إلى السويداء عشية رأس السنة الجديدة، حيث اعتبر المصدر أن هؤلاء حاولوا استغلال انشغال الناس بالاحتفالات، إلا أنّ المحاولة باءت أيضا بالفشل.
ويقف دروز سوريا، بقيادة مرجعيتهم الروحية المتمثلة بالشيخ حكمت الهجري، على مفترق حاسم بين التمسك بالهوية الوطنية والمخاوف من تجاهل حقوقهم في النظام الجديد. فعلى الرغم من دعوتهم المتكررة للحوار، الذي يرونه السبيل الأمثل لتحديد موقعهم في سوريا الجديدة، تبقى الهواجس قائمة بانتظار الدستور الجديد وما سيحمله من ضمانات تحفظ خصوصيتهم الدينية والاجتماعية. وفي هذا السياق، تبرز ضغوط إقليمية إضافية، إذ تعمل إسرائيل، مستغلةً حالة الغموض السياسي في سوريا، على مد نفوذها نحو القرى الدرزية الحدودية، محاوِلةً إغراء مشايخ العشائر بالولاء لها عبر وعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية. هذه المحاولات تهدف إلى خلق منطقة عازلة تخدم مصالح إسرائيل الاستراتيجية، ما يضع دروز سوريا أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على هويتهم الوطنية في وجه ضغوط النظام من جهة، ورفض الانزلاق نحو التبعية لأي جهة خارجية من جهة أخرى، ومن هنا يقول المصدر:" هذا المشهد يعكس حالة التوتر التي تعيشها السويداء كجزء من لوحة أوسع تتشابك فيها المصالح الإقليمية والمحلية، ليبقى السؤال: هل ستتمكن الإدارة السورية الجديدة من طمأنة هذه الطائفة، أم ستفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً؟".
بالتوازي، أثار المصدر مسألة الدخول عنوة إلى السويداء، متسائلا عن سبب عدم تنسيق قوات هيئة تحرير الشام مع القيادات الدرزية الموجودة في المحافظة، خاصة الأمنية منها، مشيرًا إلى أنّ هكذا أفعال من شأنها أن تؤجّج الشارع الدرزي بكامله، وهو ما قد يدفعه إلى المطالبة بالفيدرالية، وهذا ما لا يريده أصلاً المكون الدرزي، الذي يطمح إلى المحافظة على دماء الشهداء الذين سقطوا من خلال تأسيس دولة سورية جامعة بكافة المكونات والأطياف، وحافظة في الوقت نفسه بدستورها حقوق الأطراف من دون أي تمييز.
الخوف الأردني
ومنذ اندلاع الحرب السورية، كانت للأردن النصيب الكبير من المواجهات ضدّ الخارجين عن القانون الذين استغلوا نفوذ النظام السوري السابق ونفوذ بعض الشخصيات داخله. وقد هدد النظام السابق السويداء مراراً باستخدام القوة، مما عمّق حالة التوتر بين هذه المنطقة والإدارة المركزية في دمشق، وخلق تداعيات سلبية أثّرت بشكل مباشر على الأردن، الذي كان يواجه في الوقت نفسه تحديات متعددة على حدوده الشمالية.
ووفقاً للمصدر فقد أكّد لـ "لبنان24"، أن السويداء تمثل اليوم فرصة جديدة للنظر في سياسات النظام السوري الجديد تجاهها، خاصة بعد أن أثبتت السياسات السابقة فشلها. فبينما استقبل الجيش الأردني اللاجئين السوريين بحفاوة إنسانية لافتة، وجد نفسه في حالة حرب مستمرة مع عصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة التي اخترقت الحدود من هذه المنطقة، ما أدى إلى سقوط عدد من الجنود الأردنيين شهداء خلال هذه المواجهات.
وظلّت السويداء في قلب التحديات التي واجهت النظام السوري، حيث دفعت سياسات الإهمال السابقة الأهالي إلى الشعور بالتهميش، وزادت من احتمالية المطالبة بحلول سياسية جذرية، كالفيدرالية أو حتى الاستقلال. هذه المنطقة، التي تتمتع بخصوصية دينية وثقافية، لعبت دورًا تاريخيًا في النسيج الوطني السوري، لكنها تحمل اليوم مخاوف مشروعة تجاه النظام الجديد، وإن معالجة هذه المخاوف تبدأ من صياغة دستور جديد يضمن حقوق السويداء وسكانها، ويرسّخ مبادئ المساواة والعدالة. كما أن تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، من خلال دعم مشاريع تنموية وفتح قنوات للحوار المباشر، سيشكل خطوة أساسية لتجديد الثقة بين السويداء والنظام الجديد.
Advertisement
وعلى الرغم من توجّه النظام الجديد، بحسب قائده أحمد الشرع، نحو حلّ كافة الفصائل، ونزع السلاح وحصره بالدولة فقط، يبقى موضوع السلاح داخل محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، محط جدل وتساؤل، إذ إنّ هناك خصوصية لهذه المحافظة التي كان لها جولات كبيرة مع اللحظات المفصلية التي عاشتها سوريا، بدءًا من المظاهرات، وصولا إلى دخول المجموعات المسلحة الارهابية، وانتهاء اليوم مع سقوط النظام، لا تزال المرجعيات الروحية الموجودة هناك متشبثة بموقفها، والذي يتلخص بأنّ وقت الكلام عن تسليم السلاح الدرزي "مبكر" جدًا.
مصدر سوريّ متابع أشار لـ"لبنان24" أنّ موقف الطائفة واضح، فلا تسليم للسلاح طالما أنّ النظام الجديد يريد استخدام أساليب شبه ملتوية في التعامل مع دروز السويداء، لافتًا إلى أنّه على الرغم من تأكيد الادارة الجديدة أن النظام الذي يتم العمل عليه سيكون مختلفًا عن النظام السابق، أي يتعلق فقط بسوريا المؤسسات وليس سوريا الطائفية والمقسمة، فإنّ العمل على الأرض أثبت العكس، وأبرزها كانت محاولة قوات أمنية تابعة للقوات السورية الجديدة الدخول إلى السويداء عشية رأس السنة الجديدة، حيث اعتبر المصدر أن هؤلاء حاولوا استغلال انشغال الناس بالاحتفالات، إلا أنّ المحاولة باءت أيضا بالفشل.
ويقف دروز سوريا، بقيادة مرجعيتهم الروحية المتمثلة بالشيخ حكمت الهجري، على مفترق حاسم بين التمسك بالهوية الوطنية والمخاوف من تجاهل حقوقهم في النظام الجديد. فعلى الرغم من دعوتهم المتكررة للحوار، الذي يرونه السبيل الأمثل لتحديد موقعهم في سوريا الجديدة، تبقى الهواجس قائمة بانتظار الدستور الجديد وما سيحمله من ضمانات تحفظ خصوصيتهم الدينية والاجتماعية. وفي هذا السياق، تبرز ضغوط إقليمية إضافية، إذ تعمل إسرائيل، مستغلةً حالة الغموض السياسي في سوريا، على مد نفوذها نحو القرى الدرزية الحدودية، محاوِلةً إغراء مشايخ العشائر بالولاء لها عبر وعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية. هذه المحاولات تهدف إلى خلق منطقة عازلة تخدم مصالح إسرائيل الاستراتيجية، ما يضع دروز سوريا أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على هويتهم الوطنية في وجه ضغوط النظام من جهة، ورفض الانزلاق نحو التبعية لأي جهة خارجية من جهة أخرى، ومن هنا يقول المصدر:" هذا المشهد يعكس حالة التوتر التي تعيشها السويداء كجزء من لوحة أوسع تتشابك فيها المصالح الإقليمية والمحلية، ليبقى السؤال: هل ستتمكن الإدارة السورية الجديدة من طمأنة هذه الطائفة، أم ستفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً؟".
بالتوازي، أثار المصدر مسألة الدخول عنوة إلى السويداء، متسائلا عن سبب عدم تنسيق قوات هيئة تحرير الشام مع القيادات الدرزية الموجودة في المحافظة، خاصة الأمنية منها، مشيرًا إلى أنّ هكذا أفعال من شأنها أن تؤجّج الشارع الدرزي بكامله، وهو ما قد يدفعه إلى المطالبة بالفيدرالية، وهذا ما لا يريده أصلاً المكون الدرزي، الذي يطمح إلى المحافظة على دماء الشهداء الذين سقطوا من خلال تأسيس دولة سورية جامعة بكافة المكونات والأطياف، وحافظة في الوقت نفسه بدستورها حقوق الأطراف من دون أي تمييز.
الخوف الأردني
ومنذ اندلاع الحرب السورية، كانت للأردن النصيب الكبير من المواجهات ضدّ الخارجين عن القانون الذين استغلوا نفوذ النظام السوري السابق ونفوذ بعض الشخصيات داخله. وقد هدد النظام السابق السويداء مراراً باستخدام القوة، مما عمّق حالة التوتر بين هذه المنطقة والإدارة المركزية في دمشق، وخلق تداعيات سلبية أثّرت بشكل مباشر على الأردن، الذي كان يواجه في الوقت نفسه تحديات متعددة على حدوده الشمالية.
ووفقاً للمصدر فقد أكّد لـ "لبنان24"، أن السويداء تمثل اليوم فرصة جديدة للنظر في سياسات النظام السوري الجديد تجاهها، خاصة بعد أن أثبتت السياسات السابقة فشلها. فبينما استقبل الجيش الأردني اللاجئين السوريين بحفاوة إنسانية لافتة، وجد نفسه في حالة حرب مستمرة مع عصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة التي اخترقت الحدود من هذه المنطقة، ما أدى إلى سقوط عدد من الجنود الأردنيين شهداء خلال هذه المواجهات.
وظلّت السويداء في قلب التحديات التي واجهت النظام السوري، حيث دفعت سياسات الإهمال السابقة الأهالي إلى الشعور بالتهميش، وزادت من احتمالية المطالبة بحلول سياسية جذرية، كالفيدرالية أو حتى الاستقلال. هذه المنطقة، التي تتمتع بخصوصية دينية وثقافية، لعبت دورًا تاريخيًا في النسيج الوطني السوري، لكنها تحمل اليوم مخاوف مشروعة تجاه النظام الجديد، وإن معالجة هذه المخاوف تبدأ من صياغة دستور جديد يضمن حقوق السويداء وسكانها، ويرسّخ مبادئ المساواة والعدالة. كما أن تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، من خلال دعم مشاريع تنموية وفتح قنوات للحوار المباشر، سيشكل خطوة أساسية لتجديد الثقة بين السويداء والنظام الجديد.
0 تعليق