ما أقدم عليه أهل الجنوب عندما واجهوا جيش العدو بصدورهم العارية في البلدات والقرى الحدودية، التي لم ينسحب منها على رغم انقضاء مهلة الستين يومًا على اتفاق وقف إطلاق النار، ليس جديدًا على اللبنانيين، الذين يشهد لهم التاريخ في مراحل مشرّفة من تاريخ نضالهم ضد كل الجيوش، التي حاولت فرض سيطرتها على أجزاء واسعة من الأراضي اللبنانية. ولا تزال المشانق التي علقها جمال باشا السفاح في ساحة البرج شاهدة على أن "العين تستطيع أن تقاوم المخرز"، وأن العكس هو من بين الأمثلة اللبنانية غير المتطابقة مع الواقع ومع طبيعة الشعب اللبناني، الذي قاوم وانتصر في مراحل كثيرة من نضالاته ضد كل أنواع الاحتلالات.
فكما أن أهل الجنوب يسطّرون اليوم ملاحم بطولية على أرضهم الغالية كذلك فعل من قبلهم جميع اللبنانيين الذين صمدوا في مواقعهم من الاشرفية إلى عين الرمانة والحدث وكفرشيما وزحلة وديربلا وشناطا وقنات. هذه هي حكاية اللبنانيين، إلى أي طائفة أو مذهب أو منطقة انتموا، مع بطولات المجد، والتي أجبرت العالم على تغيير جذري في المخططات الدولية والإقليمية.
هذا المشهد الجنوبي الذي كان متوقعًا أحدث صدمة مدّوية لدى المجتمع الدولي، الذي وقف مذهولًا أمام هذه الإرادة الفولاذية لشعب "إذا أراد يومًا الحياة فلا بد من أن يستجيب القدر ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ". وأمام هذه المشهدية وقف هذا المجتمع مندهشًا ومبهورًا، وأعاد إليهم مشاهد مماثلة عبر التاريخين القديم والحديث، سواء أكان في الجزائر أو في براغ أو في أي مكان آخر كان المحتل يفرض ارادته على الشعب، فكان له النصر، على رغم أن التضحيات كانت كبيرة.
لم يستهب أهل الجنوب الرصاص الإسرائيلي ولا دباباته ولا مدافعه ولا قنابله المسيلة للدموع؛ ولم تكن النسوة الجنوبيات في حاجة إلى تلك القنابل لتسيل دموعهن، إذ يكفيهن مشاهدة الدمار الذي أحدثه الحقد الإسرائيلي بمنازلهن وحقولهن وبساتينهن لتمتلئ عيونهن بالدموع والحسرات والآهات.
ومع دخول الأهالي إلى بلداتهم وقراهم المحتلة أعاد إلى الذاكرة ما سبق أن حذّر منه الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم من أن الصبر على الخروقات الإسرائيلية قد ينفد قبل انتهاء مدة الستين يومًا لاتفاق وقف إطلاق النار. وخاطب المنتقدين لصمت "الحزب" على الخروقات الإسرائيلية، وقال قاسم إن قيادة حزبه "هي التي تقرر متى تقاوم، وكيف تقاوم، وأسلوب المقاومة والسلاح الذي تستخدم"؟
وأضاف: “لا يوجد جدول زمني يحدد عمل المقاومة، وصبرنا على الخروقات الإسرائيلية مرتبط بالتوقيت المناسب لمواجهة العدو".
فما أقدم عليه الجنوبيون بالأمس هو نوع جديد من العمل المقاوم. ويعتقد كثيرون أنه لولا وقوف "حزب الله" وراء هذا التحرّك السلمي والمدني لما استطاع الأهالي أن يقدموا على هكذا خطوة، متكلين أيضًا على عناصر الجيش، الذين آزروا تحركهم الشجاع، مع مراعاتهم دقة الموقف وخطورة أي خطوة غير محسوبة وغير مدروسة. وبذلك يكون "حزب الله" قد فرض معادلته الثلاثية "الذهبية" "جيش وشعب ومقاومة"، ولو بلباس مدني، على أرض الواقع، وهو الذي بات متيقنًا أن هذه المعادلة لن تمرّ في البيان الوزاري للحكومة العتيدة، التي لا تزال توضع في طريق تشكيلها مطّبات كان البعض يعتقد أنها قد أصبحت من الماضي.
ولكن، وعلى رغم ما في هذا التحرّك الجنوبي من مواقف بطولية فإن فيه مخاطرة كبيرة كان يُفترض على "حزب الله" أن يتداركها قبل تشجيع الأهالي على اقتحام بلداتهم وقراهم باللحم الحيّ. هذا ما يقوله الذين يراقبون ماذا يجري في المنطقة من متغيّرات تتخطّى بأبعادها إرادة الشعوب والمطالبة بما هو حقّ مطلق. أمّا إذا استطاع الأهالي العزّل من فرض ارادتهم على هذا الواقع، وأجبروا جيش العدو على الانسحاب ليحل مكانه الجيش فسيسجّل لهم أنهم استطاعوا فرض اراداتهم على الآلة العسكرية. ولكن إذا بقي الوضع على ما كان عليه، وقد سقط من بين الأهالي المزيد من الشهداء والجرحى، يكون ما قاموا به مجردّ محاولة جريئة وشجاعة تُكتب وتُعلّم في كتب التاريخ ليس إلاّ.
فالساعات الفاصلة بين إرادة العودة وبين تجبّر الجيش الإسرائيلي كفيلة بوضع الأمور في نصابها الصحيح، خصوصًا أن قيادة الجيش مصممة على حماية أمن أهل الجنوب قبل أي أمر آخر. وهذا هو الأهمّ من المهم في تراتبية الأولويات.
Advertisement
هذا المشهد الجنوبي الذي كان متوقعًا أحدث صدمة مدّوية لدى المجتمع الدولي، الذي وقف مذهولًا أمام هذه الإرادة الفولاذية لشعب "إذا أراد يومًا الحياة فلا بد من أن يستجيب القدر ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ". وأمام هذه المشهدية وقف هذا المجتمع مندهشًا ومبهورًا، وأعاد إليهم مشاهد مماثلة عبر التاريخين القديم والحديث، سواء أكان في الجزائر أو في براغ أو في أي مكان آخر كان المحتل يفرض ارادته على الشعب، فكان له النصر، على رغم أن التضحيات كانت كبيرة.
لم يستهب أهل الجنوب الرصاص الإسرائيلي ولا دباباته ولا مدافعه ولا قنابله المسيلة للدموع؛ ولم تكن النسوة الجنوبيات في حاجة إلى تلك القنابل لتسيل دموعهن، إذ يكفيهن مشاهدة الدمار الذي أحدثه الحقد الإسرائيلي بمنازلهن وحقولهن وبساتينهن لتمتلئ عيونهن بالدموع والحسرات والآهات.
ومع دخول الأهالي إلى بلداتهم وقراهم المحتلة أعاد إلى الذاكرة ما سبق أن حذّر منه الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم من أن الصبر على الخروقات الإسرائيلية قد ينفد قبل انتهاء مدة الستين يومًا لاتفاق وقف إطلاق النار. وخاطب المنتقدين لصمت "الحزب" على الخروقات الإسرائيلية، وقال قاسم إن قيادة حزبه "هي التي تقرر متى تقاوم، وكيف تقاوم، وأسلوب المقاومة والسلاح الذي تستخدم"؟
وأضاف: “لا يوجد جدول زمني يحدد عمل المقاومة، وصبرنا على الخروقات الإسرائيلية مرتبط بالتوقيت المناسب لمواجهة العدو".
فما أقدم عليه الجنوبيون بالأمس هو نوع جديد من العمل المقاوم. ويعتقد كثيرون أنه لولا وقوف "حزب الله" وراء هذا التحرّك السلمي والمدني لما استطاع الأهالي أن يقدموا على هكذا خطوة، متكلين أيضًا على عناصر الجيش، الذين آزروا تحركهم الشجاع، مع مراعاتهم دقة الموقف وخطورة أي خطوة غير محسوبة وغير مدروسة. وبذلك يكون "حزب الله" قد فرض معادلته الثلاثية "الذهبية" "جيش وشعب ومقاومة"، ولو بلباس مدني، على أرض الواقع، وهو الذي بات متيقنًا أن هذه المعادلة لن تمرّ في البيان الوزاري للحكومة العتيدة، التي لا تزال توضع في طريق تشكيلها مطّبات كان البعض يعتقد أنها قد أصبحت من الماضي.
ولكن، وعلى رغم ما في هذا التحرّك الجنوبي من مواقف بطولية فإن فيه مخاطرة كبيرة كان يُفترض على "حزب الله" أن يتداركها قبل تشجيع الأهالي على اقتحام بلداتهم وقراهم باللحم الحيّ. هذا ما يقوله الذين يراقبون ماذا يجري في المنطقة من متغيّرات تتخطّى بأبعادها إرادة الشعوب والمطالبة بما هو حقّ مطلق. أمّا إذا استطاع الأهالي العزّل من فرض ارادتهم على هذا الواقع، وأجبروا جيش العدو على الانسحاب ليحل مكانه الجيش فسيسجّل لهم أنهم استطاعوا فرض اراداتهم على الآلة العسكرية. ولكن إذا بقي الوضع على ما كان عليه، وقد سقط من بين الأهالي المزيد من الشهداء والجرحى، يكون ما قاموا به مجردّ محاولة جريئة وشجاعة تُكتب وتُعلّم في كتب التاريخ ليس إلاّ.
فالساعات الفاصلة بين إرادة العودة وبين تجبّر الجيش الإسرائيلي كفيلة بوضع الأمور في نصابها الصحيح، خصوصًا أن قيادة الجيش مصممة على حماية أمن أهل الجنوب قبل أي أمر آخر. وهذا هو الأهمّ من المهم في تراتبية الأولويات.
0 تعليق