نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عبدالله مليطان: «موسوعة الذاكرة الليبية» مشروع العمر.. ومعرض القاهرة للكتاب رافد مكتبتي الأول (حوار), اليوم السبت 1 فبراير 2025 10:02 مساءً
الدكتور عبدالله مليطان، أحد أعمدة الثقافة الليبية، استطاع بجهد دؤوب أن يفتح آفاق المعرفة ويحفظ إرث الكلمة، ليعيد الاعتبار لمنجزات الكُتّاب والمبدعين الليبيين الذين غيّبهم الزمن، لا تقتصر إسهاماته على كونه باحثاً دقيقاً فى الأدب والتاريخ، بل يمتد تأثيره إلى رؤية تنويرية تسعى إلى استنطاق الماضى لفهم الحاضر واستشراف المستقبل.
د. عبدالله مليطان: حرفية الأدباء تنجح بذكاء في الإفلات من قبضة غول الرقابة
وكشف «مليطان»، فى حواره لـ«الوطن»، على هامش مشاركته فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، رؤيته للمشهد الثقافى الليبى، ودوره فى الحفاظ على هذا الإرث الثرى، فضلاً عن التحديات التى تواجه الباحث فى سعيه للحفاظ على ذاكرة الأمة، لافتاً إلى أنه تتلمذ على عدد من قامات الأدب والفكر المصرى كجمال الغيطانى والسيد ياسين وفاروق شوشة.
كيف أثرت خلفيتك الأكاديمية فى الفلسفة والحضارة على منهجك فى توثيق الأدب الليبى؟
- لكل منهما منهج خاص، فالفلسفة لها عوالمها التى ليست فى حاجة لبيان، لكن من درس الفلسفة، لا سيما من تخصص فيها، لا بد له أن يكون على قدر من الكفاءة التى تؤهله لخوض أى تجربة، لم ألجأ لخوض مجال التوثيق والرصد هروباً من الفلسفة، بل لأنى وجدت أن تراث وطنى تذروره الرياح فسعيت للمساهمة فى لملمته.
ما مدى شمولية ودقة «معجم الأدباء والكتاب الليبيين المعاصرين» فى تمثيل المشهد الأدبى الليبى؟ وهل هناك فجوات أو تحيزات محتملة فى هذا العمل؟
- الشمولية فى سياق سؤالك تعنى الكمال، والكمال لا يمكن للبشر إدراكه، العمل فى المجمل يحاكم من خلال منهجه، قد يكون المنهج غير محكم، ولكن إذا التزم الكاتب بمنهجه يكون أدى ما عليه، أنا وضعت منهجاً واجتهدت ما أمكن لتطبيقه، لكننى اكتشف من بعد أن المنهج كان يمكن أن يكون أكثر دقة، ومع ذلك فإن ما فى «معجم الأدباء والكُتاب الليبيين المعاصرين» من تراجم لن تجدها فى غيره.
كيف توازن بين دورك كأكاديمى وإعلامى ومؤرخ؟ وهل يؤثر هذا التعدد فى الأدوار على موضوعية أعمالك التوثيقية؟
- التخصص العلمى والأكاديمى لا علاقة له بالمنجز إلا من حيث المنهجية، فلست وحدى من أنجز فى غير تخصصه الأكاديمى، دائماً أقول إن الشهادات مهما علت ليس لها أهمية بقدر ما للمنجز، ومهما أنت قلت مؤرخ، أنا أرى نفسى باحثاً مجتهداً لا غير، والاجتهاد لا يعنى التوفق، بالتأكيد التركيز على جانب معين والسعى للإحاطة به أجدى.
كيف أسهمت تجربتك فى تشكيل رؤيتك للأدب والثقافة الليبية؟
- عملى فى الإعلام عبر الصحافة والإذاعة والتليفزيون كان مجرد اجتهاد، فأنا لم أدرس لا صحافة ولا إعلاماً، وما كنت أقدمه كان فى إطار الإعلام الثقافى، سواء من حيث التعريف بالكُتاب وتقديم كتبهم أو مناقشة موضوعات وقضايا فكرية، وأى مشتغل فى هذا المجال يُفترض أن تكون له رؤية فى نهاية المطاف، على الأقل من خلال استفادته مما أثير من مناقشات من حوله. لا أذيع سراً إن قلت لك إننى تتلمذت على ضيوفى الذين شرّفونى بقبولهم استضافتى من كل البلدان العربية وفى طليعتهم من مصر، بل من أبرز كُتابها، وأذكر منهم -على سبيل المثال- عبدالقادر القط وجمال الغيطانى والسيد ياسين وفاروق شوشة ومحمود أمين العالم وعلى عفيفى ومى التلمسانى وكمال بشر وشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى، لا أظن أن محاوراتى لكوكبة من أمثال هؤلاء، لم تكن لها آثارها فى تطور ونضج رؤيتى نحو حركة وحركية الأدب الليبى خاصة والعربى عامة.
ما أبرز التحديات التى تواجهها فى توثيق الحركة الثقافية الليبية، خاصة فى ظل الظروف السياسية والاجتماعية المتغيرة؟
- الظروف والمتغيرات، سياسية كانت أو اجتماعية، بالطبع لها تأثيراتها على الواقع، لكن المثقف يفترض أن يتوفر على قدر كبير من الهمة التى يستطيع من خلالها تجاوز قتامة الواقع، أو على الأقل الحد من آثاره السلبية بحكم تكوينه الفكرى، ورؤيته التى تختلف عن الآخرين، إزاء النظر لما يجرى فى إطار محيطه، خاصة من يشتغل بالتوثيق، فعلى عاتقه كمثقف تقع المسئولية الأكبر فى رصد الواقع وما يصاحبه من متغيرات.
ما يواجهنى فعلياً ليس الظروف المحيطة بى فى مجتمعى، بل ندرة المصادر التى يُفترض أن تكون متاحة لدعمى فى رصد وتوثيق الحركة الأدبية والثقافية فى ليبيا، فبسبب التحولات السياسية والتغيرات المصاحبة لها، تفتقر ليبيا إلى أرشيف وطنى يوثق المشهد الأدبى والثقافى، ما يحرم الباحثين من مصدر موثوق للمعلومات، ونتيجة لذلك تعتمد أعمال الرصد على جهود فردية، والتى رغم أهميتها، تظل محدودة وغير قادرة على تحقيق التوثيق الشامل والمثالى.
كيف يمكن تقييم تأثير أعمالك على الأجيال الجديدة من الباحثين والكُتاب الليبيين؟ وهل هناك دلائل على استمرارية تأثيره فى المشهد الثقافى الليبى؟
- ما أستطيع قوله فى مسألة التأثير -وبكل تواضع- أن كل الرسائل الجامعية والأطروحات العلمية التى قُدمت للجامعات الليبية والجامعات العربية بعد عام 2001، وهو العام الذى صدرت فيه معاجمى التوثيقية للمشهد الأدبى فى ليبيا، تعود فى رصد وتوثيق تراجم وسير الكُتاب الليبيين إليها، إذ لا تخلو مصادر رسالة أو أطروحة من ذكرها، أما ما يتصل بالشطر الآخر من سؤالك بشأن الدلائل على استمرارية تأثيرها، فذلك ما لا أستطيع الفصل فيه، ذلك أن ثمة جهوداً فردية أخرى صاعدة تسعى إلى تقديم منجزها الذى أثق كثيراً به، والذى سيكون بهمتهم أكبر عون للباحثين فى هذا الإطار، مع سعيى إلى تتمة مشروعى فى هذا الاتجاه، إن كان فى العمر بقية.
«موسوعة الذاكرة» مشروع ينجزه باحثون في كل فروع المعرفة
بالنظر إلى «موسوعة الذاكرة الليبية».. ما المنهجية التى تتبعها فى جمع وتصنيف المعلومات؟
- هذا مشروع من مشاريع العمر الذى لا أملكه، فالأعمار بيد الله وحده، لكن إن كان ثمة فى العمر بقية فإن إنجازه سيكون العمل الرائد فى موضوعه، هو رصد وتوثيق للذاكرة التاريخية فى ليبيا، سيتابع بحسب أيام السنة ما حدث فى ليبيا عبر تاريخها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، وهو بالطبع ليس عملاً فردياً، بل سيشارك فى كتابة مداخله مجموعة كبيرة من الباحثين المختصين فى كل فروع المعرفة.
كيف أسهم الأدب الليبى فى توثيق التغيرات السياسية والاجتماعية بالبلاد؟
- كمّ الدراسات النقدية، سواء ما أنجزه نقاد الأدب من الكُتاب أو البُحاث الدارسين للأدب الليبى من الأكاديميين، والتى تناولت مختلف القضايا والأفكار التى عالجها الكُتاب فى ليبيا، يتجلى فيها بشكل لافت مدى عمق تأثير تلك المتغيرات التى شهدتها ليبيا عبر حقب تاريخها المتعاقبة، بل إن كثيراً من الجيل الجديد من المبدعين الليبيين تجاوز اهتمامهم بالشأن الليبى وقضايا مجتمعهم للولوج إلى قضايا ذات أبعاد إنسانية كثيرة.
إلى أى مدى استطاع الكُتاب الليبيون التعبير عن هذه التحولات دون قيود أو رقابة؟
- غول الرقابة الذى يعانى تبعاته أغلب الكُتاب فى البلاد العربية لا يقيّد المبدع الليبى فحسب، لكن حرفية بعض المبدعين الليبيين استطاعت أن تتسلل بذكاء من قبضة ذلك الغول وتنفذ من تلك القيود بتمرير ما أمكن من أفكار ورؤى، سواء بتجاوز تلك القيود للكتابة فى صحافة المهجر أو بالاختباء وراء أسماء مستعارة.
ماذا تمثل لك المشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب؟
- معرض الكتاب هو رافد مكتبتى الأول، منذ أكثر من عشرين عاماً وأنا أزوره، للتزود بما تنتجه دور النشر العربية التى لا تجتمع دفعة واحدة إلا فى هذا المعرض، لم آتيه بشكل رسمى، بل أحرص على حضور دوراته السنوية بشكل شخصى سعياً إلى الاستفادة من فعالياته وأنشطته.
النقد الموجه
لن تستطيع تصور سعادتى بما يوجه لى من نقد، أن أسعى إلى الكمال وبالطبع لا أستطيع أن أدركه إلا إذا ما استمعت إلى الآخر، سواء كان من عامة القراء أو مختصاً فى مجال الرصد والتوثيق عارفاً بالمنهج، أو مختصاً فى المحتوى والمضمون، ولعلك لو تابعت المشروع فى طبعتيه اللتين صدرتا بين عامى 2001 و2008، ستجد ثمة ملاحظات واستدراكات بينهما، بل ستجد إشارات واضحة للتصحيحات، منسوبة إلى بعض القراء من خلال رسائل شخصية منهم، فى دليل على مدى قبولى للنقد الذى أثق تماماً بجدواه.
0 تعليق