Advertisement
وبحسب الصحيفة، "إن رد الفعل المحتمل من جانب السكان العرب والمسلمين على نطاق أوسع، نظرا للأهمية الدينية والثقافية للمملكة العربية السعودية، يشكل خطرا كبيرا ما لم يتم إرساء مسار واضح بشأن الدولة الفلسطينية. إن الحجة الاقتصادية لصالح التطبيع أقل إقناعا مما قد يعتقد البعض. ويشير المدافعون إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتوسيع الشراكات التجارية كفوائد للانضمام إلى الاتفاقيات، لكن المملكة العربية السعودية مندمجة بالفعل بشكل جيد في الأسواق العالمية، حيث ارتفع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر لديها بنسبة 37٪ إلى أكثر من 4 مليارات دولار في عام 2024".
وتابعت الصحيفة، "إن التحول الاقتصادي في المملكة يعتمد إلى حد كبير على الذات. فقد ضخ صندوق الاستثمار العام السعودي مليارات الدولارات في التكنولوجيا والترفيه والبنية الأساسية الأميركية، مما أدى إلى تأمين شراكات مربحة مع شركات غربية. كما استثمرت الصين بكثافة في السعودية، مما ساعد الرياض على تعزيز أجندتها الاقتصادية الطموحة. وعلى الصعيد الأمني، يزعم البعض أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل من شأنه أن يساعد في ترسيخ التحالف المناهض لإيران، وتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق العسكري، لكن إيران لم تعد تشكل التهديد الوجودي الذي كانت عليه في السابق. فبعد أن أصابها الشلل بسبب العقوبات والاضطرابات الداخلية والنكسات الإقليمية، لم تعد طهران في وضع يسمح لها بشن الحملات العدوانية التي كانت تحدد سياستها الخارجية ذات يوم".
وأضافت الصحيفة، "علاوة على ذلك، تظل المملكة حذرة من تحول نهج واشنطن تجاه إيران. فقد سعت إدارة باراك أوباما إلى الدبلوماسية، مما أدى إلى الاتفاق النووي لعام 2015. واتخذ الرئيس ترامب موقفا صارما، فانسحب من الاتفاق وأعاد فرض العقوبات. وأشارت إدارة جو بايدن إلى انفتاحها على المشاركة، مما خلق المزيد من عدم اليقين. ومع عودة ترامب إلى منصبه، فقد يحاول إبرام صفقة منفصلة مع إيران، مما قد يقوض المصالح السعودية. وفي غياب استراتيجية أميركية طويلة الأجل، فإن الرياض محقة في التردد قبل تقديم التزامات لا رجعة فيها. وبعيدا عن الاقتصاد والأمن، فإن الموقف الديني والثقافي الفريد للمملكة العربية السعودية يجعل التطبيع مساراً أكثر خطورة مما كان عليه الحال بالنسبة للبحرين أو الإمارات العربية المتحدة".
وبحسب الصحيفة، "باعتبارها الوصي على أقدس موقعين في الإسلام، مكة والمدينة، ترتبط المملكة العربية السعودية ارتباطًا وثيقًا بالعالم العربي والإسلامي الأوسع. إن هوية المملكة العربية السعودية ونفوذها يعتمدان على دورها كقلب العالم الإسلامي. وتظل فلسطين قضية عاطفية وسياسية للغاية في المنطقة، والتطبيع دون مسار واضح لدولة فلسطينية قد يثير غضبًا واسع النطاق. إن السياحة الدينية تشكل عاملاً آخر. تستقبل المملكة العربية السعودية ملايين الحجاج المسلمين للحج والعمرة كل عام، ويأتي العديد من هؤلاء الزوار من بلدان حيث الرأي العام مؤيد للفلسطينيين بشكل ساحق.
يُظهِر رفض المملكة السريع لفكرة ترامب عدم رغبتها في التنازل عما تعتبره قضية عربية وإسلامية وجودية".
ورأت الصحيفة أنه "من خلال تأخير التطبيع، تحتفظ الرياض بنفوذها. تستطيع المملكة الصمود من أجل الحصول على تنازلات أكبر، سواء في شكل ضمانات أمنية أو صفقات أسلحة متقدمة أو ضمانات سياسية ملموسة بشأن فلسطين. إذا كانت واشنطن تريد من الرياض التوقيع، فيجب أن تكون مستعدة لتقديم المزيد. وتمامًا كما تعطي الولايات المتحدة الأولوية لنهج "أمريكا أولاً"، فإن المملكة العربية السعودية ملتزمة بشدة باستراتيجية "السعودية أولاً"."