تطورات متسلرعة في سوريا على خلفية أحداث الساحل، المتمثلة في العملية العسكرية والأمنية الحكومية لملاحقة فلول النظام المخلوع، وما رافقها من انتهاكات ارتكبتها مجموعات خارجة عن القانون، وعدت الدولة السورية بمحاسبتها.
39 مجزرة وأكثر من ألف قتيل
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، فجر الاثنين، إن 973 مدنياً أعدموا، بينهم نساء وأطفال، في 39 “مجزرة”.
وسجل المرصد السوري مجازر جديدة في حارة القنيطرة بطرطوس، ومدينة بانياس وحي الدعتور في اللاذقية وقرية الرملية وقرية الرصافة في ريف مصياف.
وأوضح بيان سابق للمنظمة الحقوقية أن من بين الضحايا “عائلات قُتلت داخل منازلها”، في منطقة الساحل منذ يوم الخميس الماضي، فيما هُجّر “عشرات الآلاف منهم”.
واتهم مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، مجموعات تتبع الأمن العام ووزارة الدفاع بارتكاب ما وصفها بـ “المجازر” بحق المدنيين بدوافع انتقامية.
وأفاد في بيان منفصل بمقتل 481 من المقاتلين، بينهم 231 من قوى الأمن وعناصر وزارة الدفاع السورية، ما يرفع الحصيلة الإجمالية للقتلى في منطقة الساحل منذ الخميس الماضي إلى 1311 بين مدنيين وعسكريين.
الشرع يتعهد بالمحاسبة
وجه رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، كلمةً إلى الشعب السوري تناول فيها التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، وحذر من محاولات فلول النظام السابق، بدعم من جهات خارجية، لخلق الفتنة وجر البلاد إلى مستنقع الفوضى والحرب الأهلية، بهدف تقسيمها وزعزعة استقرارها.
وأكد الشرع في كلمته على مجموعةٍ من النقاط،
أبرزها أنه لن يتسامح مع فلول النظام الساقط الذين ارتكبوا الجرائم ضد قوات الجيش ومؤسسات الدولة، وهاجموا المستشفيات، وقتلوا المدنيين، وبثوا الفوضى في المناطق الآمنة. مشيرا إلى أنه ليس أمامهم سوى خيارٍ واحد، وهو تسليم أنفسهم للقانون فوراً”.
وأكد الشرع على أنه سوف يحاسب بكل حزم ودون تهاون، كل من تورّط في دماء المدنيين أو أساء للمدنيين، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة. ولن يكون هناك أي شخص فوق القانون، وكل من تلطّخت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلاً غير آجل”.
وتابع الشرع قائلا: “إننا نُجرّم أي دعوة أو نداء يسعى للتدخل في شؤون بلادنا أو يدعو إلى بثّ الفتنة وتقسيم سوريا. فلا مكان بيننا لمثل تلك الدعوات.. سوريا، بكل مكوناتها، ستظل موحدة بعزيمة شعبها وقوة جيشها، ولن نسمح لأي جهةٍ كانت أن تعبث بوحدتها الوطنية أو تُفسد السلم الأهلي”.
مجلس الأمن يجتمع بسبب سوريا
وفي سياق التطورات السياسية، طلبت الولايات المتحدة وروسيا عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، اليوم الإثنين، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” عن دبلوماسيين مطّلعين بشأن “تصاعد العنف في سوريا”.
بدوره، أدان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ما وصفها بـ “المجازر التي تُرتكب بحق أقليات في سوريا”، وحضّ السلطات الانتقالية على محاسبة المسؤولين عنها.
وقالت الأمم المتحدة، إنها تتلقى تقارير “مقلقة للغاية” بشأن مقتل عائلات بأكملها في شمال غرب سوريا، ودعت إلى وقف فوري للعنف.
وجاء في بيان للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك: “قتل المدنيين في مناطق ساحلية في شمال غرب سوريا يجب أن يتوقّف فوراً”.
وندد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بما وصفها بـ “المجازر المروعة” بحق المدنيين في شمال غربي سوريا.
وطالب لامي، في تغريدة على منصة إكس، السلطات في دمشق بـ “ضمان حماية جميع السوريين وتحديد مسار واضح للعدالة الانتقالية”.
لجنة للحفاظ على المدنيين
وفي إطار الإجراءات الرسمية لمواجهة التوترات المتصاعدة، أعلنت رئاسة الجمهورية السورية عن تشكيل لجنةٍ عليا للحفاظ على السلم الأهلي، بهدف التواصل مع الأهالي في الساحل، وضمان أمنهم واستقرارهم، ووفقاً لبيانٍ صادر عن الرئاسة، تضم اللجنة الدكتور أنس عيروط، والسيد حسن صوفان، والدكتور خالد الأحمد، حيث أوكلت إليهم مسؤولية تنفيذ مهام اللجنة والإشراف على تحقيق أهدافها.
سبق ذلك صدورُ قرارٍ رئاسي بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في أحداث الساحل السوري التي وقعت في السادس من آذار 2025، وتهدف اللجنة إلى الكشف عن أسباب الأحداث والملابسات المحيطة بها، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرّض لها المدنيون، بالإضافة إلى تحديد المسؤولين عن الاعتداءات التي طالت المؤسسات العامة وعناصر الجيش والأمن، كما أكد البيان ضرورة تعاون الجهات الحكومية مع اللجنة، التي ستقدّم تقريرها النهائي إلى رئاسة الجمهورية خلال ثلاثين يوماً.
تحذير من حملات تحريضية
حذّرت وزارة الإعلام السورية من تصاعد حملات تحريضية تقودها جهات معادية عبر وسائل الإعلام، بهدف إثارة الفوضى ونشر التضليل الإعلامي في البلاد، مؤكدة أن هذه الحملات تركز على التلاعب بالرأي العام عبر إعادة تداول صور ومقاطع فيديو قديمة، لا تمتّ للواقع بصلة.
ورصدت الجهات المختصة خلال اليومين الماضيين محاولاتٍ ممنهجة لإعادة نشر صور وفيديوهات تعود لسنوات سابقة أو مأخوذة من خارج سوريا، مع تقديمها على أنها مشاهد حديثة من الساحل السوري. واعتبرت الوزارة أن هذه الممارسات تهدف إلى تأجيج الفتنة وزعزعة الاستقرار.
ودعت وزارة الإعلام المواطنين إلى التحلي بالوعي وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة، التي تستهدف النسيج الاجتماعي في سوريا، كما شددت على أهمية الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة، لما لذلك من دورٍ أساسي في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي.
أخبار متعلقة :