خليج نيوز

«حزب الله».. من التخريب إلى التهريب - خليج نيوز

لا شيء يعبّر بدقة عما آلت إليه الأمور داخل حزب الله، بفعل حرب الإسناد والضربات الإسرائيلية التي وُجهت له واغتيال قادته، وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، إلا صورة المضبوطات التي تمكنت أجهزة الأمن العام اللبناني من كشفها في مطار رفيق الحريري الدولي خلال أسبوع واحد.

العملية الأولى التي تمت بفعل «وشاية» من «فاعل خير» تمّ خلالها ضبط 2.5 مليون دولار قادمة من إيران عبر تركيا إلى خزائن الحزب ومؤسساته. وما هي إلا أيام حتى تمّ القبض على رجل يحمل جواز سفر أرمنياً وقد أخفى في ثيابه ومتاعه 10 كيلوغرامات من الذهب، ودائماً وجهتها حزب الله ومؤسساته.

تحوّل حزب الله بعد حرب الإسناد وما آلت إليه أموره من حزب يهدد بالصواريخ البعيدة المدى منها والقصير، ويتفاخر بتأثيره وهيمنته على عدد من العواصم العربية، إلى حزب يمتهن التهريب.

الحقيقة والوقائع تقول إنّ التهريب كان أداة من أدوات الحزب في مواجهاته العسكرية والأمنية والاقتصادية، إذ يدرك اللبنانيون أنّ المواد الغذائية والألبسة والكماليات إن أرادوا الحصول عليها بأسعار منخفضة توجهوا إلى مناطق نفوذ الحزب، وتحديداً في الضاحية الجنوبية؛ لأنّ البضائع في أكثرية المحال التجارية هناك دخلت عبر الحزب دون رسوم جمركية.

كما يدرك التجار اللبنانيون قبل حرب الإسناد أنّ من يريد إدخال حاوية مستوردة بسعر منخفض عليه التوجه للضاحية الجنوبية. فيما الأحاديث والأقاويل وما كشف عن تجارة حبوب الكبتاغون في المناطق التي كان يهيمن عليها الحزب تروي حكاية متعددة الفصول عن التهريب ومساراته. هذا إن استثنينا من الحديث تهريب السلاح والصواريخ والمقاتلين من مختلف الجنسيات والأشكال والألوان حوثية وغير حوثية.

يعيش حزب الله اليوم حصاراً مطبقاً ليس من قبل إسرائيل وأمريكا وحسب، بل من قبل الدولة اللبنانية ومؤسساتها الأمنية التي بدأت بالتراكم والتعاضد توسع دائرة الهيبة وإحكام السيطرة والتحكم وتحديداً في المنافذ البحرية والبرية والجوية. ومن هنا ليس مستغرباً ما أقبل عليه أنصار الحزب قبل فترة من قطع للطريق في مطار رفيق الحريري الدولي وافتعال أعمال الشغب بوجه القوى الأمنية هناك.

حصار يكاد يقطع الماء والهواء عن الحزب، فتلك المنظومة التي اعتادت على ميزانية تتجاوز الـ100 مليون دولار شهرياً لا يمكنها أن تستمر بدراهم معدودة لا تكفي في النفير ولا في العير.

التحدي المالي الذي يواجهه الحزب أقسى من كل التحديات التي واجهها عسكرية وغير عسكرية؛ لأنّ المال عصب العسكري وعصب التربية والاحتياجات الاجتماعية فلا مسار يجري من دون مال.

من التهريب وإلى التهريب يعود الحزب، ولا سبيل إلى ذلك إلا حقائب يحملها مسافرون تضم في داخلها رزمات من المال، أو سبائك من الذهب. هي ما تسمى بالمقاومة في أبهى نسخة لها. مقاومة تبحث عن «فلس الأرملة» لكي تتكاثر الأرامل والأيتام في المجتمع اللبناني.

التهريب آخر معارك حزب الله، والمعركة الأخيرة من المؤكد أنّ الدولة اللبنانية ستحسمها لأنّ قرار ولادة الدولة وموت «الدويلة» قد اتخذ.

أخبار ذات صلة

 

أخبار متعلقة :