ذكرت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أن "دعم إيران المستمر لروسيا ولحربها في أوكرانيا أثار توترات غير مسبوقة في قلب النظام الإسلامي، مما أدى إلى إقالة أحد أرفع المسؤولين في طهران. وأدت إقالة محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق الذي تفاوض على الاتفاق النووي، من منصبه كنائب للرئيس هذا الأسبوع إلى تفاقم الخلاف بين المعتدلين والمتشددين بشأن دعم إيران المستمر لروسيا. وأفاد الإعلان الإيراني الرسمي أن ظريف قد استقال بناءً على تعليمات من مسؤول كبير".
Advertisement
وبحسب الصحيفة، "سبب إجبار ظريف على ترك منصبه هو معارضته لعلاقات إيران الوثيقة مع روسيا، والدعم العسكري الذي قدمه النظام لغزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا. وجاءت إقالة ظريف من منصبه المؤثر للغاية كنائب رئيس إيران للشؤون الاستراتيجية، مما منحه مسؤولية الإشراف على سياسة إيران الخارجية، بعد وقت قصير من توقيع إيران وروسيا رسميًا على "اتفاقية التحالف الاستراتيجي" في كانون الثاني، قبل ثلاثة أيام فقط من تولي دونالد ترامب منصبه كرئيس للولايات المتحدة. وبموجب شروط التحالف، ستوفر إيران معدات عسكرية، مثل الطائرات من دون طيار والصواريخ الباليستية، لدعم هجوم روسيا في أوكرانيا، بينما ستقدم روسيا المساعدة التقنية في تطوير البرنامج النووي الإيراني. ويعتقد مسؤولو الاستخبارات الغربية أن البرنامج مصمم لتطوير أسلحة نووية".
وتابعت الصحيفة، "استخدمت روسيا طائرات إيرانية من دون طيار لاستهداف البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، مثل منشآت الطاقة. ويعتبر كلا البلدين تحالفهما المتنامي إشارةً للغرب بأنهما ليسا معزولين، وبإمكانهما تجميع مواردهما لحماية نفسيهما من العقوبات الغربية. مع ذلك، أثارت علاقات طهران مع روسيا انتقادات في إيران، حيث شكك الإصلاحيون وقادة المعارضة في تزايد التدخل الروسي في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتأثير السلبي لهذه العلاقات على الاقتصاد الإيراني. ويزعم المنتقدون أن السياسة الموالية لروسيا التي ينتهجها آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، تُمثل الآن العقبة الرئيسية أمام حل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، مما قد يؤدي في النهاية إلى انهيار النظام مع تزايد السخط الشعبي".
وبحسب الصحيفة، "يُعتبر ظريف، الذي اتهمه المتشددون بالتعاطف مع الغرب بسبب مشاركته في مفاوضات الاتفاق النووي، معارضًا رئيسيًا لسياسة النظام الموالية لروسيا. وكان وزير الخارجية السابق قد زعم سابقًا أن النظام لا يفهم روسيا جيدًا، وأن عليه الحذر من السعي إلى تحالف وثيق معها. وأثارت تصريحات ظريف غضب الكرملين. وجاءت إقالته، التي يُعتقد أنها بأوامر شخصية من آية الله خامنئي، بعد وقت قصير من زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لطهران نهاية الشهر الماضي لإجراء محادثات مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لمناقشة التعاون العسكري بين البلدين. وأيد خامنئي بحماس تعزيز العلاقات مع موسكو، مدعيًا أن "تركيز إيران يجب أن يكون على الشرق". وزعم أن "التوجه نحو الغرب وأوروبا وما شابههما لن يؤثر علينا إلا بالاضطراب والانكماش. يجب أن يكون تركيزنا على الشرق"."
وتابعت الصحيفة، "لكن سياسة خامنئي المؤيدة لروسيا لاقت انتقادات لاذعة، حيث خلصت افتتاحية نُشرت هذا الأسبوع في إحدى الصحف الموالية للنظام إلى أن "توقيع مثل هذه الاتفاقية مع روسيا، التي أثبتت عمليًا عدم امتثالها لاتفاقياتها ومعاهداتها وعقودها الأخرى مع الدول الأخرى، هو إجراء تجميلي وترويجي أكثر منه عملي". وتأتي هذه الانتقادات في وقتٍ يتعرض فيه النظام لضغوط متزايدة بسبب دعمه المستمر للفصائل الإسلامية مثل حزب الله وحماس، حيث تشير أحدث تقديرات الاستخبارات الغربية إلى أن طهران أنفقت حوالي 13 مليار جنيه إسترليني على تمويل وكلائها العديدين منذ عام 2012، حيث حصل حزب الله على حصة الأسد من التمويل الإيراني. ورغم الانتقادات الموجهة للنظام بضرورة إنفاق الأموال على تحسين مستوى معيشة الإيرانيين العاديين، بدلاً من تمويل المنظمات المسلحة، لا يزال خامنئي ملتزمًا بدعم ما يُسمى "محور المقاومة" في طهران".
وأضافت الصحيفة، "كان دعم إيران المستمر لهذه الفصائل أحد الأسباب التي استُخدمت لتبرير قرار ترامب، خلال ولايته الأولى كرئيس، بالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض "عقوبات قصوى" على إيران، والتي كان لها تأثير مدمر على الاقتصاد. ومع ذلك، طالما بقي خامنئي في السلطة، ستواصل إيران دعم وكلائها في الشرق الأوسط، حيث أفادت التقارير أن النظام عرض دفع تعويضات للعائلات التي عانت خلال الأعمال العدائية الأخيرة في لبنان تبلغ حوالي 12000 دولار. ومع إصرار المتشددين في النظام على الحفاظ على نهجهم المتشدد، تشير كل المؤشرات إلى أن إبعاد شخصيات بارزة مؤيدة للإصلاح مثل ظريف هو جزء من محاولة لإسكات الانتقادات الموجهة لنهج النظام المثير للجدل".
أخبار متعلقة :