Advertisement
من الواضح أن جنبلاط يريد التأكيد على أنه لن يتنازل عن دوره كزعيم درزي لصالح أي طرف آخر، لا سيما الشيخ موفق طريف، الذي يتمتع بدعم إقليمي متزايد. ورغم أن جنبلاط يدرك طبيعة التحديات الجديدة، فإنه يرسل رسالة واضحة بأنه لا يزال ممسكًا بمفاتيح القرار داخل طائفته، وأن أي محاولة لتجاوز دوره ستواجه بموقف صلب. لكنه في الوقت ذاته لا يرفع سقف المواجهة، بل يترك الباب مواربًا أمام إمكانية التفاهمات، وهو نهج اعتاده طوال مسيرته السياسية.
في السياق الداخلي، يبدو جنبلاط وكأنه يعيد تعريف موقعه السياسي، مقدمًا نفسه كوسيط قادر على لعب دور في المرحلة المقبلة. فهو يعلن دعمه لإعادة الإعمار، في موقف ينسجم مع التحولات التي يشهدها لبنان. كما يكرر موقفه المؤيد لانسحاب إسرائيل، في تأكيد على ثوابت ظل متمسكًا بها، رغم تغير الظروف المحيطة. وفي الوقت ذاته، يعبر عن تأييده للعهد الجديد، وهو موقف ينسجم مع رغبته في الحفاظ على قنوات تواصل مفتوحة مع السلطة الحالية وعدم الدخول في مواجهات غير محسوبة.
أما على المستوى الإقليمي، فإن جنبلاط يبدو حريصًا على إظهار موقف إيجابي تجاه الدولة الجديدة في سوريا. فبعد سنوات من التوتر بينه وبين دمشق، يدرك الرجل أن المرحلة القادمة قد تفرض معادلات جديدة تتطلب مقاربة مختلفة. لذلك، يسعى جنبلاط إلى إعادة صياغة علاقته مع القيادة السورية الجديدة بشكل يضمن له دورًا في المعادلة المستقبلية.
في المحصلة، فإن كلمة جنبلاط تعكس توجهًا واضحًا نحو التموضع ضمن موقع وسطي، يجمع بين الحفاظ على الزعامة الداخلية، والانفتاح على التحالفات الممكنة، والتكيف مع المتغيرات الإقليمية. وهو تموضع ينسجم مع طبيعة المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة، حيث لا مكان للرهانات الحادة، بل للأدوار المرنة التي تتيح هامشًا واسعًا للمناورة.
أخبار متعلقة :