خليج نيوز

عن أي شرق أوسط جديد يتحدّث نتنياهو؟ - خليج نيوز

عندما يتحدّث رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عن "أننا غيّرنا الشرق الأوسط" يتبادر فورًا إلى الأذهان الحكاية الشهيرة للشاعر الفرنسي جان لافونتين عن حوار الذئب والحمل، وكيف اتهم الأول الثاني بأنه عكّر له مياه النبع مع أن الحمل لم يكن يشرب من رأس النبع، حيث كان الماكر الغدّار يقف بكل عنجهية واقفًا في المكان، الذي اتهم فيه الحمل بأن بسببه قد تعوكرت المياه. وعندما واجهه ذاك المغلوب على أمره بالحقيقة، التي لا تقبل الجدل أو الخطأ سارع ذاك المتربص به شرًّا إلى اتهام أحد أجداد هذا الذي ليس له أي علاقة بالمياه العكرة لا من قريب ولا من بعيد بأنه هو الذي عوكر هذه المياه الصافية والعذبة عندما شرب من رأس النبع في وقت سابق.

Advertisement

فعن أي شرق جديد يتحدّث نتنياهو، خصوصًا أن كلامه تزامن مع اعتداء جديد قامت به طائراته على مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي يدّعي إعلامه بأنه مخزن أسلحة لـ "حزب الله"، وكيف لهذا الشرق الذي يتوافق مع نظرة تل أبيب القائمة على اغتصاب حقوق الآخرين أن يكون جديدًا في ظلّ ما اقترفت أيدي نتنياهو بالذات وحكومته اليمينية المتطرفة الملطخة بدماء الفلسطينيين في قطاع غزة المدّمر، والذي لم يعد صالحًا للسكن البشري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأبرياء الذين سقطوا في أكثر من منطقة لبنانية، وبالأخص في القرى الأمامية في الجنوب، ضحايا الإرهاب الإسرائيلي بعدما دمّر منازلهم فوق رؤوسهم؟
فهذا الشرق لن يكون جديدًا في نظر كثير من الدول الحرّة، إلاّ إذا قامت دولة متكاملة الأوصاف للفلسطينيين في ظل رفض إسرائيل وهي التي كانت عائقًا منذ وعد بلفور حتى اليوم في وجه المساعي التي كانت تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل في فلسطين أولًا، وفي دول الجوار ثانيًا، ومن بينها لبنان، الذي عانى الأمرّين نتيجة هذا الوجود غير الصحي في منطقة غير مهيأة لتقبّل قيام كيان غاصب لأرض الغير.
وانطلاقًا من هذا الواقع القائم على معادلات خاطئة من حيث المنطق، الذي خلص إليه لافونتين في حكايته عن الذئب والحمل بأن منطق القوي هي دائما الأفضل لم يسمع أحد أن أيًّا من الدول التي تدّعي العمل على حماية حقوق الانسان حتى مجرد ادانة لما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة أو في لبنان، وهي تحاول أن تذكّر الفلسطينيين واللبنانيين على حدّ سواء بأنها لا تزال موجودة وحاضرة للقيام بكل ما من شأنه إعاقة أي محاولة للنهوض، باستثناء التصريحات اللاذعة التي أدلى بها  الرئيس الإيرلندي مايكل د. هيغينز والتي وجّه فيها انتقادات قاسية لنتنياهو، معتبرًا أن العالم صمت طويلاً أمام "الخروقات الفاضحة" للقانون الدولي والإنساني، وقال إن كثيرين ممن ينتقدون سياسات نتنياهو داخل إسرائيل يتعرضون لاتهامات ظالمة بمعاداة السامية. وأضاف: "كان ينبغي مواجهة هذه الأكاذيب منذ البداية"، مشددًا على أنه من حق الجميع انتقاد حكومة تقود جيشًا ينتهك القانون الإنساني الدولي ويعتدي على المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال.
وأضاف: "من غير المقبول أن يتم تصوير من يندد بقتل المدنيين الأبرياء وكأنه يدعم النسخة العسكرية لحركة "حماس"، هذا تشويه للحقيقة"، مشيرًا إلى أن كثيرين من الأميركيين، شأنهم شأن الشعوب الأخرى، يشعرون بالصدمة من حجم الجرائم المرتكبة.
واستذكر هيغينز مشهدًا مؤلمًا تناقلته وسائل الإعلام مؤخرًا، يظهر طفلا فلسطينيا مبتور الأطراف يخاطب والدته قائلاً: "كيف سأحضنك الآن؟"
ومع هذه اللامبالاة اللافتة منذ أن بدأت إسرائيل حربيها المدمرتين في غزة ولبنان تستمر حكومة الحرب فيها باعتداءاتها المتمادية وكأن ليس في الأمر ما يقلق المجتمع الدولي عمّا يحّل من كوارث ومآسي في القطاع وفي لبنان بدءًا من جنوبه ووصولًا إلى الضاحية الجنوبية، التي لا تغيب عن سمائها المسيرات، التي تهدر ليلًا ونهارًا.
 

أخبار متعلقة :