خليج نيوز

جرمانا.. حرب مسلحين أم خطة ممنهجة ماذا حدث بالضبط؟ - خليج نيوز

تسجيل صوتي يشعل توترا في جرمانا واتفاق يعلّق الاشتباكات

في تطورٍ ينذر بالخطر، شهدت مدينة جرمانا في ريف دمشق، توترًا أمنيًا شديدًا بعد تداول تسجيل صوتي يتضمّن إساءة للنبي الكريم، نُسب إلى أحد شيوخ الطائفة الدرزية.

وعلى الرغم من نفي الشيخ المعني صلته بالتسجيل وتأكيده أن الصوت ليس صوته، إلا أن ذلك لم يحدّ من موجة الغضب العارمة التي اجتاحت الشارع، حيث اندلعت تظاهرات في عدة مناطق رُفعت فيها شعارات طائفية متطرفة دعت إلى استهداف أبناء الطائفة الدرزية على الرغم من استنكار عدد من شيوخ الدروز وعائلاتها للتسجيل المسرب ورفضهم للمساس بالرموز الدينية.

حصل هذا تزامنًا مع هجوم شنته مجموعات مسلحة على مدينة جرمانا. وقد أدّت هذه الأحداث إلى اشتباكات عنيفة بين القوى الأمنية والمجموعات المحلية من جهة، وبين الفصائل المهاجمة من جهة أخرى، ما أسفر عن وقوع عدد من القتلى والجرحى نتيجة الاشتباكات وقذائف هاون سقطت على المدينة.

محاسبة المتورطين

توصل ممثلون للحكومة السورية ودروز جرمانا ليل الثلاثاء إلى اتفاق نص على “محاسبة المتورطين في هجوم دامٍ تعرضت له المنطقة، والحد من التجييش الطائفي”، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)،

اندلع التوتر بشكل مفاجئ بعد هجوم شنّته مجموعات مسلحة، تخلله إطلاق نار كثيف، وأعقبته موجة من التكبيرات والاشتباكات المسلحة، وسقوط قذائف هاون، ما أدى إلى حالة من الذعر والقلق بين الأهالي.

وفي تطور سريع للأحداث، تبين أن التسجيل الصوتي الذي تسبب بالتصعيد مفبرك، وهو ما أكدته وزارة الدفاع السورية في بيان رسمي، موضحة أن التسجيل لا يعود للشخص الذي نُسب إليه.

ردود الفعل الرسمية والمحلية

أعلنت وزارة الداخلية السورية أنها تتابع عن كثب قضية التسجيل الصوتي المسيء، وتعمل على التحقق من هوية المتورط الفعلي. وأشارت إلى أن التحقيقات الأولية بيّنت أن الشخص الذي نُسب إليه التسجيل ليس هو صاحب الصوت الحقيقي. وعلى الرغم من هذا التوضيح، وصف سكان في المدينة بيان الحكومة بأنه لم يكن بيانًا حازمًا يردع الخطاب الطائفي المتصاعد، حيث اكتفى بالتأكيد على استمرار الجهود للكشف عن الفاعل وتقديمه إلى العدالة.

في أعقاب التصعيد الأمني الخطير عقد اجتماع طارئ ضم وفدًا حكوميًا وممثلين عن المجتمع الأهلي والديني في المدينة. شارك في الاجتماع الدكتور محمد علي عامر، مسؤول الغوطة الشرقية ممثلًا عن محافظ ريف دمشق، إلى جانب أحمد طعمة، مسؤول الشؤون السياسية في المحافظة، وعدد من مشايخ المدينة وشخصياتها الاجتماعية.

وقد تم التوصل خلال الاجتماع إلى جملة من البنود بهدف تهدئة التوتر واستعادة الاستقرار، أبرزها:

التعهد بإعادة الحقوق وجبر الضرر لعائلات الشبان الذين قضوا نتيجة الأحداث، والعمل على محاسبة المتورطين في الهجوم وتقديمهم للقضاء، بالإضافة إلى وضع حد للتجييش الإعلامي بكل أشكاله وتوضيح حقيقة ما جرى للرأي العام.

كما تم الاتفاق على ضمان تأمين حركة المرور بين دمشق والسويداء أمام المدنيين. وأكد المجتمعون أن تنفيذ هذه البنود سيبدأ على الفور من قبل الجهات الحكومية المختصة.

حكمت الهجري

أصدر الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، بياناً منفرداً عن شيوخ العقل في السويداء، بشأن الأحداث التي شهدتها منطقة جرمانا بريف دمشق، متهماً عصابات “إرهابية تكفيرية” بالوقوف خلفها.

وقال الهجري في بيانه: “أيادي الغدر، والعصابات الإرهابية التكفيرية، قتلت أبناء جرمانا”، مضيفاً: “ندين هذه الاعتداءات الإرهابية المقيتة على المدنيين الآمنين، لأنها لا تهدف سوى إلى شق الصف، وبث الفتنة، ونشر القتل والإرهاب والعنف”.

وأضاف أن “الكثير انشغلوا ببعضهم، وحرضوا على النيل من بعضهم بتهم وتخوين وتكفير”، زاعماً أن “من ينتقد يتم تجريمه، ومن يطالب بحقه يتعرض للهجوم من قبل جهات موتورة ومرفوضة”.

وحذّر من الإساءة إلى الأديان والمعتقدات والأصول والكبار، من قبل أي جهة كانت أو أي شخص كان، ومن مغبة “إشعال الفتن، لأن نارها ستأكل الجميع”.

الهجري يهاجم الحكومة

واعتبر الهجري أن الشعب السوري لم يجنِ حتى الآن ثمار الانتصار، قائلاً: “لم يُعقد مؤتمر شعبي حر وصحيح، ولم يصغْ دستور يرضي عطش الشعب لتصحيح مساراته وتوجيهها، ولم يُبنَ شيء على مبادئ سليمة، ولا نزال تحت وطأة فكر اللون الواحد والإقصاء، أو الفرض وعدم الاستماع لما يجب أن يكون”.

كما زعم أن “مفاسد النظام المخلوع لا تزال مخيمة على الأداء الحالي، بل هي أكثر عمقاً وفتنة في الوضع الراهن، لما تتخذه من عناوين طائفية ممنهجة”، مضيفاً: “هذا ما نرفضه كسوريين، لأنه لا يخدم مصلحتنا العامة في بناء دولة القانون والمواطنة”.

نبذ الطائفية

دعت مشيخة العقل لطائفة المسلمين الموحدين الدروز إلى الاحتكام إلى لغة الإيمان والعقل، في بيان صدر عنها، وحمل توقيع الشيخين يوسف جربوع وحمود الحناوي، مؤكدة أن سوريا تتعرض لفتنة كبرى.

وأكدت المشيخة في بيانها أن موقفها الوطني والديني “كان ولا يزال إلى جانب أبناء الوطن الواحد”، مشددة على شعارها القائم على “الدين لله والوطن للجميع”، ومعربة عن ثقتها بأن وحدة الشعب السوري وأراضيه تجعل من سوريا دولة عصية على المؤامرات.

ورأت المشيخة أن “الأصوات النشاز التي مست الرسول الأكرم نفحت سموماً فتنوياً”، ووصفت تلك الأصوات بأنها “مأجورة من أعداء الوطن والدين”، وتهدف إلى زرع الانقسام والتشرذم داخل النسيج السوري الواحد.

وشددت في ختام بيانها على ضرورة التمسك بلغة العقل والإيمان في مواجهة الفتنة، محذّرة من خطورة تداعيات الانقسامات في ظل المرحلة الإقليمية والدولية الراهنة.

يُشار إلى أن مدينة جرمانا بريف دمشق شهدت خلال الساعات الماضية توترات كبيرة، على خلفية انتشار تسجيل صوتي منسوب لشخص من الطائفة الدرزية، يتضمن إساءة للنبي محمد، لتندلع اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل 13 شخصاً، وسط تضارب في الروايات بشأن هوية المسلحين وطبيعة الاشتباك.

أخبار متعلقة :