Advertisement
في هذا السياق، تخوض "القوات اللبنانية" الاستحقاق الحالي بزخم ملحوظ، محاولة استثمار مناخ التعبئة الشعبية العالي لتحقيق إنجازات نوعية على المستوى البلدي. حيث يبدو أن الرهان كبير على أن تترجم "القوات" هذا الدفع في صناديق الاقتراع بما يعزز موقعها على الساحة المسيحية ويفتح أمامها آفاقاً أوسع في الانتخابات النيابية المقبلة. إذ إنّ نجاحها اليوم، سيُعتبر بمثابة "بروفة" انتخابية تؤكد قدرتها على استعادة زمام المبادرة وتوسيع قاعدتها الشعبية في مواجهة منافسيها التقليديين.
في المقابل، يبدو "التيار الوطني الحر" في موقف دفاعي، وسط مؤشرات واضحة على تراجع شعبيته واهتزاز تحالفاته. فالتيار، الذي كان لاعباً رئيسياً في معظم الاستحقاقات السابقة، يخوض هذه الانتخابات معزولاً وضعيفاً إلى حد كبير، من دون دعم فعّال من شخصيات سياسية وازنة أو تحالفات محلية مؤثرة. هذا المشهد يعكس أزمة أعمق تعصف بالتيار، وتطرح علامات استفهام حول قدرته على الصمود في الاستحقاق النيابي المقبل إذا ما استمرّ على هذا النحو من دون مراجعة شاملة لمساره وخياراته السياسية.
على الساحة الدرزية، تُراقب المعركة البلدية اليوم عن كثب، إذ يُنتظر أن تكشف عن اتجاهات المزاج الشعبي في ضوء التغيرات التي طرأت على الواقع الدرزي مؤخراً في لبنان وسوريا. حيث أنّ الأنظار تتجه إلى ما إذا كانت الغالبية ستجدد ولاءها التقليدي للزعيم وليد جنبلاط، أم أن هناك تبدلات جدية تعيد خلط الأوراق داخل الطائفة. وعلى الرغم من أن الانتخابات البلدية لا تعكس دائماً بشكل دقيق الاصطفافات السياسية الكبرى، إلا أن نتائج اليوم ستوفر بلا شك مؤشرات بالغة الأهمية حول طبيعة التحولات داخل هذا المكون الأساسي.
أما على الساحة الشيعية، وتحديداً في بلديات الضاحية الجنوبية، فالمشهد يبدو أكثر استقراراً مقارنة بالانتخابات السابقة التي شهدت بعض محاولات الاختراق من قبل مجموعات المجتمع المدني. اليوم، تغيب المنافسة الجدية فعلياً، وذلك في ظل الحشد الكبير الذي يقوده "الثنائي الشيعي" لتعزيز حضوره وترسيخ نفوذه في مناطقه التقليدية، ما يجعل من الصعب توقّع أي مفاجآت تذكر في هذا السياق.
في المحصلة، يتجاوز هذا الاستحقاق الطابع البلدي الضيق ليُشكّل محطة سياسية مؤثرة على طريق الانتخابات النيابية المقبلة. فنتائج اليوم ستكون بمثابة قراءة مبكرة لموازين القوى، ومؤشراً واضحاً على ما ينتظر البلاد في المرحلة المقبلة، سواء لناحية إعادة توزيع الأحجام أو لجهة قدرة الأحزاب على تجديد شرعيتها الشعبية وسط الأزمات المتلاحقة التي يعانيها لبنان على مختلف المستويات.
أخبار متعلقة :