قد تكون مجرّد "صدفة" أن يأتي إعلان الولايات المتحدة فرض حزمة عقوبات جديدة ضدّ من وصفتهم بالمسؤولين في "حزب الله"، بعد أقلّ من 48 ساعة على إعلان الرئيس دونالد ترامب، من العاصمة السعودية الرياض، رفع العقوبات عن سوريا، باعتبار أنّ الخطوة تأتي في سياق ضغوط أميركية مستمرّة على الحزب، ترجمت بعقوبات مماثلة قبل ستة أسابيع فقط، شملت حينها خمسة أفراد وثلاث شركات تابعة لفريق التمويل في "حزب الله".
ولعلّ ما قالته نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلال حديث تلفزيوني، يؤكد هذا المنحى، فهي أكّدت أنّ العقوبات على الحزب ستتواصل، ستشمل كل مَن تثبت مساهمته في مساعدة حزب الله في الحصول على تمويل غير مشروع، مشدّدة على أنّ ذلك يندرج في سياق "حرص" الولايات المتحدة على ملاحقة من وصفتهم بـ"وكلاء الإرهاب" في أنحاء الشرق الأوسط كافة، وفق تعبيرها.
لكنّ هذا "التزامن"، ولو كان بريئًا، يطرح مجموعة من علامات الاستفهام، ولا سيما أنّ لبنان بدا "الغائب الأكبر" عن جولة الرئيس دونالد ترامب الخليجية، ولو حضر على هامشها، بصورة أو بأخرى، فهل توجّه الولايات المتحدة "رسائل" إلى "حزب الله"، ومن خلاله لبنان، غبر فرض حزمة جديدة من العقوبات عليه، فيما ترفعها عن سوريا مثلاً، علمًا أنّ أورتاغوس دعت صراحةً لبنان إلى "أخذ الدرس" في حديثها التلفزيوني؟!
استراتيجية "الضغوط القصوى"؟
في المبدأ، يمكن القول إنّ العقوبات الأميركية الجديدة على "حزب الله" قد لا تكون جديدة بالمعنى الحرفيّ للكلمة، ولعلّها ما كانت لتحصد كلّ هذه الضجّة لو لم تأتِ متزامنة مع جولة ترامب في المنطقة، ومع الإعلان عن رفع العقوبات عن سوريا، باعتبار أنّ الولايات المتحدة تفرض حزمات من العقوبات على مسؤولين في الحزب، وحتى على حلفائه وداعميه، بين الفينة والأخرى، وذلك بصورة دوريّة، أو بالحدّ الأدنى منتظمة.
من هنا، فإنّ الرسالة الأساسية من العقوبات قد تكون موجّهة لـ"حزب الله" في المقام الأول، ومن خلفه إلى إيران، على مستوى "تكثيف الضغط الاقتصادي على الأفراد الرئيسيين في النظام الإيراني ووكلائه"، وذلك في سياق استراتيجية "الضغوط القصوى" التي تُمارَس ضدّها، بالتوازي مع فتح قنوات الحوار والتواصل، التي كرّسها ترامب بجولته الأخيرة حين أعلن من العاصمة القطرية الدوحة أنّ الاتفاق مع الجمهورية الإسلامية يقترب.
وإذا كانت هذه العقوبات تأتي بعد ستّة أسابيع من عقوبات مماثلة أعلنتها الولايات المتحدة في إطار تصدّيها لتمويل "حزب الله"، فإنّ الرسالة من "تكثيفها" قد تكون وفقًا للعارفين، معزولة عن الوضع في سوريا، وإنما مرتبطة بوضعيّة الحزب نفسه، وهي وضعيّة ترى الإدارة الأميركية أنّها "مثالية" لضرب الحزب، فيما يحاول إعادة تنظيم صفوفه واستيعاب الخسائر الكبرى التي مني بها بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
"درس من الشرع"
مع ذلك، ثمّة من يرى رسالة أساسيّة من "الترابط" بين فرض العقوبات على "حزب الله"، ورفعها عن سوريا، وهي رسالة حضرت بين طيّات الموفدة الأميركية في حديثها التلفزيوني، حين أكّدت أنّ الرئيس السوري أحمد الشرع كان "ليّنًا كثيرًا"، بل ذهبت لحدّ القول إنّه "يمكن للبنان أن يتعلّم درسًا من الشرع، وكيف عمل مع السعودية للتحدث مع الرئيس دونالد ترامب وفريقنا حول فوائد رفع العقوبات وخصوصاً تلك المتعلقة بقانون قيصر".
بهذا المعنى، يمكن فهم رسالة هذا "التزامن" على أنّها أبعد من "حزب الله"، من حيث أنّها موجّهة للدولة اللبنانية، لضرورة إبداء "الليونة" نفسها ربما، والأهمّ من ذلك، تنفيد المطالب الأميركية المعروفة والواضحة، والتي عادت أورتاغوس لتؤكدها في حديثها الأخير، حول "نزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب الليطاني بل من البلد كلّه"، وبعيدًا عن أيّ شكل من أشكال المماطلة أو التمييع، تحت عنوان حوار ثنائي من هنا، أو جماعي من هناك.
ولعلّ هذه الرسالة "تتكامل" مع رسالة "الدعم" التي وجّهها الرئيس دونالد ترامب على هامش جولته الخليجية إلى العهد الجديد، ممثّلاً برئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام، ولا تتناقض معها، فهي تؤكد في مكانٍ ما "انفتاح" الولايات المتحدة على مساعدة لبنان على تخطّي أزماته، وربما فتح أبواب الاستثمار في لبنان كما في سوريا، ولكن بعد أن ينجز لبنان في المقام الأول ما عليه، حتى لا يقع في الفوضى والظلمة.
لا شكّ أنّ العقوبات على مسؤولي "حزب الله" ليست استراتيجية أميركية جديدة، فهي مستمرّة منذ سنوات طويلة، حيث يتمّ الإعلان عن دفعات جديدة منها بين الفينة والأخرى، وسبق أن شملت هذه العقوبات حلفاء للحزب، حتى على المستوى السياسي. لكن لا شكّ أيضًا أنّ هذه الحزمة تحديدًا، في توقيتها على هامش "الشرق الأوسط الجديد" الذي يرسمه ترامب في المنطقة، تبدو حمّالة لرسائل بالجملة، ليس واضحًا بعد كيف يمكن أن يتلقّفها لبنان!
Advertisement
ولعلّ ما قالته نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلال حديث تلفزيوني، يؤكد هذا المنحى، فهي أكّدت أنّ العقوبات على الحزب ستتواصل، ستشمل كل مَن تثبت مساهمته في مساعدة حزب الله في الحصول على تمويل غير مشروع، مشدّدة على أنّ ذلك يندرج في سياق "حرص" الولايات المتحدة على ملاحقة من وصفتهم بـ"وكلاء الإرهاب" في أنحاء الشرق الأوسط كافة، وفق تعبيرها.
لكنّ هذا "التزامن"، ولو كان بريئًا، يطرح مجموعة من علامات الاستفهام، ولا سيما أنّ لبنان بدا "الغائب الأكبر" عن جولة الرئيس دونالد ترامب الخليجية، ولو حضر على هامشها، بصورة أو بأخرى، فهل توجّه الولايات المتحدة "رسائل" إلى "حزب الله"، ومن خلاله لبنان، غبر فرض حزمة جديدة من العقوبات عليه، فيما ترفعها عن سوريا مثلاً، علمًا أنّ أورتاغوس دعت صراحةً لبنان إلى "أخذ الدرس" في حديثها التلفزيوني؟!
استراتيجية "الضغوط القصوى"؟
في المبدأ، يمكن القول إنّ العقوبات الأميركية الجديدة على "حزب الله" قد لا تكون جديدة بالمعنى الحرفيّ للكلمة، ولعلّها ما كانت لتحصد كلّ هذه الضجّة لو لم تأتِ متزامنة مع جولة ترامب في المنطقة، ومع الإعلان عن رفع العقوبات عن سوريا، باعتبار أنّ الولايات المتحدة تفرض حزمات من العقوبات على مسؤولين في الحزب، وحتى على حلفائه وداعميه، بين الفينة والأخرى، وذلك بصورة دوريّة، أو بالحدّ الأدنى منتظمة.
من هنا، فإنّ الرسالة الأساسية من العقوبات قد تكون موجّهة لـ"حزب الله" في المقام الأول، ومن خلفه إلى إيران، على مستوى "تكثيف الضغط الاقتصادي على الأفراد الرئيسيين في النظام الإيراني ووكلائه"، وذلك في سياق استراتيجية "الضغوط القصوى" التي تُمارَس ضدّها، بالتوازي مع فتح قنوات الحوار والتواصل، التي كرّسها ترامب بجولته الأخيرة حين أعلن من العاصمة القطرية الدوحة أنّ الاتفاق مع الجمهورية الإسلامية يقترب.
وإذا كانت هذه العقوبات تأتي بعد ستّة أسابيع من عقوبات مماثلة أعلنتها الولايات المتحدة في إطار تصدّيها لتمويل "حزب الله"، فإنّ الرسالة من "تكثيفها" قد تكون وفقًا للعارفين، معزولة عن الوضع في سوريا، وإنما مرتبطة بوضعيّة الحزب نفسه، وهي وضعيّة ترى الإدارة الأميركية أنّها "مثالية" لضرب الحزب، فيما يحاول إعادة تنظيم صفوفه واستيعاب الخسائر الكبرى التي مني بها بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
"درس من الشرع"
مع ذلك، ثمّة من يرى رسالة أساسيّة من "الترابط" بين فرض العقوبات على "حزب الله"، ورفعها عن سوريا، وهي رسالة حضرت بين طيّات الموفدة الأميركية في حديثها التلفزيوني، حين أكّدت أنّ الرئيس السوري أحمد الشرع كان "ليّنًا كثيرًا"، بل ذهبت لحدّ القول إنّه "يمكن للبنان أن يتعلّم درسًا من الشرع، وكيف عمل مع السعودية للتحدث مع الرئيس دونالد ترامب وفريقنا حول فوائد رفع العقوبات وخصوصاً تلك المتعلقة بقانون قيصر".
بهذا المعنى، يمكن فهم رسالة هذا "التزامن" على أنّها أبعد من "حزب الله"، من حيث أنّها موجّهة للدولة اللبنانية، لضرورة إبداء "الليونة" نفسها ربما، والأهمّ من ذلك، تنفيد المطالب الأميركية المعروفة والواضحة، والتي عادت أورتاغوس لتؤكدها في حديثها الأخير، حول "نزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب الليطاني بل من البلد كلّه"، وبعيدًا عن أيّ شكل من أشكال المماطلة أو التمييع، تحت عنوان حوار ثنائي من هنا، أو جماعي من هناك.
ولعلّ هذه الرسالة "تتكامل" مع رسالة "الدعم" التي وجّهها الرئيس دونالد ترامب على هامش جولته الخليجية إلى العهد الجديد، ممثّلاً برئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام، ولا تتناقض معها، فهي تؤكد في مكانٍ ما "انفتاح" الولايات المتحدة على مساعدة لبنان على تخطّي أزماته، وربما فتح أبواب الاستثمار في لبنان كما في سوريا، ولكن بعد أن ينجز لبنان في المقام الأول ما عليه، حتى لا يقع في الفوضى والظلمة.
لا شكّ أنّ العقوبات على مسؤولي "حزب الله" ليست استراتيجية أميركية جديدة، فهي مستمرّة منذ سنوات طويلة، حيث يتمّ الإعلان عن دفعات جديدة منها بين الفينة والأخرى، وسبق أن شملت هذه العقوبات حلفاء للحزب، حتى على المستوى السياسي. لكن لا شكّ أيضًا أنّ هذه الحزمة تحديدًا، في توقيتها على هامش "الشرق الأوسط الجديد" الذي يرسمه ترامب في المنطقة، تبدو حمّالة لرسائل بالجملة، ليس واضحًا بعد كيف يمكن أن يتلقّفها لبنان!
أخبار متعلقة :