Advertisement
وبحسب الصحيفة، " تأتي العملية الإسرائيلية، التي شُنّت بهدفٍ مُعلنٍ وهو القضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس وتأمين عودة رهائنها، بعد أشهرٍ من وقف إطلاق النار غير الحاسم، والمفاوضات الفاشلة، والإحباط المُتزايد. إن هدنة كانون الثاني، التي رُحِّب بها آنذاك باعتبارها نقطة تحول محتملة، لم تمسّ بقيادة حماس، والرهائن لا يزالون مختبئين، وقنوات المساعدات الإنسانية مُستغَلّة من قِبَل المنظمة نفسها المتهمة ببدء الحرب. لم يحقق وقف إطلاق النار هذا السلام ولا المساءلة، بل كان مجرد توقف مؤقت سمح لحماس بإعادة تنظيم صفوفها. هذه المرة، يبدو أن إسرائيل عازمة على عدم تكرار الخطأ نفسه. إن هذا الهجوم، الشرس والواسع النطاق، يستهدف معاقل حماس المتبقية، بما في ذلك شبكات الأنفاق الكثيفة والمواقع الحضرية المحصنة التي عقّدت عمليات الجيش الإسرائيلي لفترة طويلة. ووصف رئيس الأركان إيال زامير الحملة بأنها "حرب متعددة القطاعات" لم تخترها إسرائيل، بل أُجبرت على خوضها في "يوم السابع من تشرين الأول الأسود"."
وتابعت الصحيفة، "من منظور استراتيجي، تعكس هذه المرحلة من الحرب عقيدةً مُعادَ تقييمها. فمع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتغيّر موقف واشنطن، أصبحت القيود التي تواجهها إسرائيل أقل. فالعملية، في جوهرها، مُقامرة: محاولة أخيرة لكسر قبضة حماس على غزة، حتى لو كلّف ذلك انتقادات دولية. ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه المُقامرة ستُؤتي ثمارها، لكن من الواضح أن إسرائيل تعتقد أنه لا يوجد بديل مُجدٍ. مع ذلك، يُشكّل رد الفعل الدولي المتزايد تحديًا من نوع مختلف. فوصف وزير الخارجية البريطانية ديفيد لامي للهجوم بأنه "غير مبرر أخلاقيًا" يُجسّد المشاعر السائدة الآن في العواصم الأوروبية. ومع ذلك، فإن إشادة حماس العلنية بالمملكة المتحدة وفرنسا وكندا ردًا على هذه الانتقادات ينبغي أن تُثير تساؤلات لدى صانعي السياسات. فعندما تُشيد جماعة إرهابية بالإدانة، وتحتجز الرهائن وتُعذبهم وتُجوّعهم، وتستخدم مدنييها دروعًا بشرية، وتُخزّن الصواريخ في المدارس، وتُنشئ مراكز قيادة تحت المستشفيات، ينبغي إعادة النظر في الحسابات السياسية".
وأضافت الصحيفة، "إن الجزء الأكبر من الغضب الحالي ينبع من القلق المشروع بشأن معاناة المدنيين، لكن التدقيق يكشف أن العديد من الادعاءات التي تُحرك هذه الرواية إما غير قابلة للتحقق، أو مُبالغ فيها، أو صادرة عن منظمات ذات صدقية ضعيفة. علاوة على ذلك، في حين يوبخ بعض القادة الغربيين إسرائيل، تتزايد الاحتجاجات ضد حماس داخل غزة نفسها. ففي خان يونس، أدان المتظاهرون قيادة حماس مباشرةً، كما تصاعد الغضب بعد ظهور مقابلة من شهر آذار، والتي قلل فيها المسؤول الكبير في حماس سامي أبو زهري من شأن مقتل عشرات الآلاف في غزة، مؤكدًا أنه يمكن تعويضهم. وبالنسبة للعديد من سكان غزة، بدت هذه التصريحات بمثابة خيانة".
وبحسب الصحيفة، "لا يعني هذا أن العملية الإسرائيلية خالية من المخاطر، فالعواقب الإنسانية وخيمة، وكلما طال أمد الحملة، ازدادت عزلة إسرائيل. ويلوح في الأفق أسوأ السيناريوهات: تعثر الهجوم، وصمود حماس، وبقاء الأهداف الجوهرية للحرب دون تحقيق. لكن ما لا يقل خطورة هو الوقف المبكر للعملية تحت ضغط خارجي، مما يترك حماس أكثر جرأة، والرهائن في الأسر، ومستقبل غزة قاتمًا. هذه هي تعقيدات اللحظة الراهنة. وكما جرت العادة عبر تاريخها، تسير إسرائيل على حبل مشدود بين الضرورة الاستراتيجية والمساءلة الأخلاقية، وغالبًا ما تُقيّم أفعالها تحت المجهر بمعزل عن سياق عدوها. هناك معاناة حقيقية، وهناك مخاطر حقيقية، ولكن ثمة وضوح آخذ في الظهور بأن حماس، وليس إسرائيل، هي المُدبّر الرئيسي لهذه الحرب والعائق الرئيسي أمام إنهائها".
أخبار متعلقة :