نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القيادة التحويلية: من رؤية وطنية إلى ممارسة مؤسسية, اليوم الخميس 19 يونيو 2025 01:45 صباحاً
سنتناول كيف يمكن تفعيل هذا النمط القيادي في الممارسة اليومية، من خلال ثلاثة محاور: الكاريزما، والتحفيز والإلهام، والاهتمام الفردي. فهي ليست وصفة جاهزة، بل رحلة واعية تبدأ من القائد، وتنعكس أثرا فيمن حوله.
فالقائد الكاريزمي لا يُلهم فريقه بكثرة التوجيه، بل بتجسيده للقيم التي يدعو إليها، واتساق سلوكه مع مبادئه، مما يجعله قدوة حقيقية في أعين موظفيه. هذه المكانة لا تُفرض، بل تُكتسب بالثبات، والعدل، والمبادرة في الأزمات، حيث يصبح وجوده مصدر طمأنينة ووضوح للفريق.
أما التحفيز والإلهام، فهو ما يزرع في الأفراد طاقة تتجاوز حدود المهام، ويجعلهم يرون في أعمالهم غاية أعمق ترتبط برؤية جماعية واضحة. القائد الملهم هو من يزرع الأمل، ويرفع سقف التوقعات، ويحفز الموظفين على أن يكونوا أفضل مما اعتادوا أن يكونوا.
أما الاهتمام الفردي، فهو الركن الذي يكشف عمق إنسانية القائد، حين يرى كل موظف كحالة خاصة تستحق الاستماع والمساندة والتطوير، وليس كرقم في هيكل وظيفي. هذا الاهتمام لا يكون عبر المجاملة، بل من خلال التوجيه والتطوير والتقدير المتزن.
من خلال تجربتي، وجدت أن ما يحتاجه الموظف اليوم ليس التوجيه الصارم أو التقييم الدوري فحسب، بل الاعتراف بقيمته، وتمكينه، وإشراكه في صنع القرار.
في بيئة العمل، لا تحتاج القيادة التحويلية إلى موارد إضافية بقدر ما تحتاج إلى حضور ذهني ووجداني من القائد: أن يستمع، يلاحظ، ويتفاعل، أن يتقبل الرأي المختلف، ويحفز على الابتكار، ويجعل من كل تحدٍّ فرصة للتطوير، وفي كل موظف مشروعاً للتمكين. وهذا لا يعني إلغاء المتابعة أو المحاسبة بطبيعة الحال، بل ممارستهما من منطلق تطويري، لا عقابي. فالقائد التحويلي يؤمن بأن تحسين الأداء يأتي من الداخل، لا من فرض السيطرة.
القيادة التحويلية، حين تُمارس بصدق واتساق، تُحدث تحولا في عقلية الموظف: من متلقٍ إلى شريك، ومن منفّذ إلى مُبادر. كما أن الربط بين الرؤية الوطنية والبيئة المؤسسية لا يتم من خلال اللوائح فقط، بل من خلال قادة يؤمنون بأنهم سفراء للتغيير، وأن دورهم لا يكتمل إلا حين يرون من حولهم يكبرون، ويتجاوزون أنفسهم. وهكذا تتحول بيئة العمل إلى مساحة إبداع لا بيئة أوامر، وإلى حاضنة للنمو لا ساحة للمنافسة السلبية.
وقد وضع عرّاب رؤية المملكة 2030، سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - رعاه الله - الإنسان في صلب التنمية، إيمانا منه بأهمية الدور البشري في تحقيق الأهداف الوطنية، ولتصبح الحاجة إلى هذا النوع من القيادة أكثر إلحاحا.
إن نجاح التحول الوطني لا يتحقق فقط من خلال الخطط العليا - رغم أهميتها -، بل من خلال من يُترجمون تلك الخطط داخل مكاتبهم وفِرَقهم. وهكذا، لا يكون القائد التحويلي صانع نتائج فقط، بل صانع إنسان، ومهندس بيئة تدفع الجميع نحو التميز. وهنا، تبدأ القيادة التحويلية رحلتها الحقيقية.
أخبار متعلقة :