Advertisement
في المقابل، تفيد مصادر أمنية بأن الجانبين الإيراني والإسرائيلي تخطّيا معظم الخطوط الحمراء التقليدية، ما يفتح الباب أمام سيناريو الحرب المفتوحة، لا سيما مع تعدّد الأهداف التي يسعى الاحتلال لتحقيقها، وعلى رأسها اغتيال المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، وتدمير المنشآت النووية الإيرانية.
وتشير مصادر استخباراتية مطلعة إلى أن تل أبيب تُولي أهمية خاصة لمحاولة استهداف المرشد الأعلى، مستندة في ذلك إلى قدرات تجسسية أثبتت فاعليتها في الأسابيع الأخيرة، بعدما تمكّنت من اختراق مواقع عسكرية وأمنية حساسة داخل إيران، طالت ضباطاً في الحرس الثوري وقادة في أجهزة الاستخبارات. رغم ذلك، ترى دوائر أمنية أن المهمة تبقى معقدة للغاية، في ظل ما وُصف بإجراءات استثنائية اتخذتها طهران لحماية القيادة العليا وتأمين حركتها.
أما الهدف الثاني المتمثّل في ضرب المنشآت النووية، فتوضح مصادر عسكرية أن الاحتلال يدرس خيارات متعدّدة تشمل استهداف مواقع سبق أن تضرّرت جزئياً مثل "نطنز" و"أراك"، لكنه يتجنّب حتى اللحظة المساس بمنشأة "فوردو"، نظراً إلى تحصينها الشديد، وإلى ما قد يترتب على استهدافها من تداعيات إقليمية بالغة الخطورة. وتلفت المصادر نفسها إلى أن المهمة قد أُحيلت فعلياً إلى الجانب الأميركي، إذ تُعتبر قدرات واشنطن الجوية والميدانية أكثر ملاءمة لتنفيذ مثل هذه الضربة المعقّدة، وهو ما يفسّر وصول حاملات طائرات وقاذفات بعيدة المدى إلى الساحة.
وتفيد معلومات من مصادر دبلوماسية غربية بأن ترامب يرى في استهداف "فوردو" فرصة لإعلان نهاية التهديد النووي الإيراني، وتجاوز الحاجة إلى أي مسار تفاوضي جديد. إلا أن هذا السيناريو لا يخلو من محاذير، حيث تُبدي دوائر القرار الأميركية خشية من إخفاق الضربة أو من ردّ إيراني واسع يستهدف المصالح الأميركية في الخليج، فضلاً عن احتمال لجوء طهران إلى إغلاق مضيق "هرمز"، بما يحمله ذلك من تداعيات على أسعار الطاقة وسلاسل الإمداد العالمية.
في المقابل، تؤكّد مصادر إيرانية مطّلعة أن طهران لا تستعجل الحسم العسكري، بل تسعى إلى استنزاف الاحتلال من خلال ضربات متدرجة، دقيقة، ومتزايدة القوة، مستندة إلى ترسانة صاروخية متطورة دخلت المعركة خلال الأيام الماضية، من بينها نماذج جديدة مثل "فتاح" و"سجّيل"، ما أدى إلى إرباك في منظومة الردع الصهيونية، وخلل واضح في قدراتها الاعتراضية.
وترى مصادر مقرّبة من دوائر القرار الإيرانية أن المعركة ما زالت تحت سقف قابل للضبط، لكنها قد تتوسع في حال تمّ تجاوز الخطوط السيادية الحمراء، بما في ذلك احتمال إدخال أطراف إقليمية داعمة إلى مسرح المواجهة، مثل "حزب الله" وقوى من العراق واليمن، إضافة إلى ساحة الداخل الفلسطيني، التي تشكّل أحد مكامن الضغط الشعبي والأمني على الكيان.
في هذا السياق، توضح مصادر سياسية أن المرشد الأعلى يتابع تطورات المواجهة بشكل مباشر، وقد أطلق سلسلة قرارات تهدف إلى ملء الشواغر في المواقع الحساسة داخل الحرس الثوري والقوات المسلحة، ما يعكس جهوزية تامة للتعامل مع المرحلة المقبلة. وتؤكّد المصادر ذاتها أن الجمهورية الإسلامية لا ترى أي داعٍ للعودة إلى طاولة التفاوض في ظل العدوان القائم، معتبرة أن ما يجري لا يتعلق فقط بالبرنامج النووي، بل بحق سيادي أصيل في مواجهة الاعتداءات الصهيونية.
من جهة أخرى، تتابع مصادر دبلوماسية الاتصالات الجارية على أكثر من خط بين عواصم غربية وإقليمية، حيث يُفهم أن بعض الأطراف تسعى لتطويق التصعيد ومنع انزلاق الأمور نحو مواجهة شاملة، لكن طبيعة الأهداف التي حددها كل طرف تجعل فرص التسوية الفورية شبه معدومة في الوقت الراهن.
في المحصلة، يراهن الاحتلال على ضربة سريعة تُنهي التهديد الإيراني من دون التورّط في حرب مفتوحة، بينما تمضي إيران في خيار الاستنزاف طويل النفس، مع الحفاظ على مفاجآت جاهزة في حال فُرضت المواجهة الكبرى.
أخبار متعلقة :