خليج نيوز

"حزب الله" يتريّث في الحكم على القوى الجديدة في سوريا.. كيف يُقرَأ ذلك؟ - خليج نيوز

انتظر "حزب الله" أسبوعًا كاملاً بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، قبل أن يعلّق رسميًا على الأمر، ويحاول الإيحاء بأنّه "تجاوزه" بشكل أو بآخر، بعدما اكتفى على المستوى الرسمي في الأيام السابقة ببياناتٍ تندّد بالتحركات الإسرائيلية "المريبة" في سوريا، من دون أيّ إشارة للمتغيّرات السياسية التي حصلت، التي تجنّب الحديث عنها قياديّوه أيضًا، باستثناء تصريحات "مقتضبة" لبعض قياديّيه، أضفت طابع "الخطورة" على الأحداث.

Advertisement

 
ففي خطابه الأخير، الذي بدا أنّ الهدف الأساسيّ منه كان إطلاق الموقف من أحداث سوريا، ولو تُرِك للمحور الأخير، بعد محوريْن بدا "مكرّرَين"، تقاطعا على تثبيت فرضية "الانتصار" في الحرب الأخيرة، لم يتطرّق الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم إلى النظام المخلوع، فيما اختار التريّث في الحكم على القوى السياسية الجديدة، بانتظار استقرار الوضع وانتظامه، مكتفيًا في الوقت الحالي ببعض الأمنيات من نوع اعتبار إسرائيل "عدوًا".
 
لم يأتِ كلام الشيخ قاسم مطابقًا، أو حتى متناغمًا، مع أجواء "بيئته الحاضنة"، إن صحّ التعبير، التي غرّدت خارج السرب العام على امتداد الأيام اللاحقة لسقوط نظام الأسد، إما بمواصلتها الدفاع عنه، والحديث عن "مؤامرة" تعرّض لها، أو بالهجوم المُبالَغ به على القوى السياسية الجديدة، ولا سيما "هيئة تحرير الشام"، فهل جاء موقف "حزب الله" ليعيد "تصويب" الأمور بشكل أو بآخر، وهل يمكن اعتباره براغماتيًا، أم واقعيًا؟
 
"حزب الله" غير راضٍ؟
 
ليس سرًا أنّ "حزب الله" لم يكن مرتاحًا لسقوط النظام السوري، وهو الذي ساهم في نصرته منذ المراحل الأولى لاندلاع الثورة الشعبية في العام 2011، حتى إنّ كثيرين ينسبون له "الفضل" في إطالة "عمر" النظام، كما أنه بقي ثابتًا على موقفه حتى الأيام الأخيرة، إذ إنّ أمينه العام كرّر قبل أيام، أو ربما ساعات من سقوطه، الحديث عن "حرب أميركية إسرائيلية" يتعرّض لها، والقول إنّ الحزب سيواصل العمل على إسناده، بما يتوافر له من إمكانيات.
 
أكثر من ذلك، ثمّة من يعتقد في أوساط المقرّبين من الحزب، أو المحسوبين عليه، بأنّ عملية إسقاط النظام ما كانت لتنجح، لو لم يتمّ استغلال "ثغرة" الحرب الإسرائيلية على لبنان، وانشغال "حزب الله" بها، ليختار خصوم الحزب والنظام لحظة وقف إطلاق النار ليطلقوا ما أسموها بعملية "ردع العدوان"، التي ما كان بالإمكان "ردعها"، هذا من دون الحديث فعليًا عن الدعم الدولي الذي يُقال إنّ المعارضة حظيت به، وجعلها تتقدّم بهذه السرعة.
 
لهذه الأسباب، فإنّ الموقف الطبيعي الذي تبنّاه جمهور "حزب الله" عفويًا، مباشر بعد الإعلان الرسمي عن سقوط النظام، كان الوقوف على الضفة الأخرى، على الرغم من أنّها فرغت سريعًا، بعدما انقلب السوريون المؤيّدون تاريخيًا للنظام سريعًا عليه، إما لقناعتهم بأنّ الحكم الجديد أفضل، أو لنفورهم من طريقة "هروب" الأسد، علمًا أنّ ما عزّز من امتعاض الحزب، تمثّل في رفع خصومه للسقف، باعتبار سقوط النظام "هزيمة استراتيجية" له.
 
هاجس "حزب الله" الأول
 
على امتداد الأسبوع، عكس جمهور "حزب الله" بشكل أو بآخر هذا الموقف الذي قد يصفه البعض بـ"المتضعضع"، فعلى الرغم من أنّ هذا الجمهور تدرّج في موقفه، من تبنّي حقّ السوريين في تقرير مصيرهم بأنفسهم، إلى عدم الرغبة في الدفاع عن النظام، إلا أنّه بقي بشكل أو بآخر "أسير" مثل هذا الدفاع، تارة عبر القول إنّ الأسد لم يكن "الظالم الوحيد"، وطورًا عبر التشكيك بما يُثار عن ممارساته، وتسليط الضوء على المبالغات التي وقع البعض في فخّها.
 
وفي مقابل هذه "المبالغات"، وقع جمهور الحزب في "مبالغات" من نوع آخر، عبر التصويب على الحكّام الجُدُد لسوريا، ولا سيما قائد إدارة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة أحمد الشرع، الذي يبدو أنه يمهّد الطريق ليكون الرئيس السوري المقبل، قبل أن ينهي الشيخ قاسم الجدل، في خطابه الأخير، حين أعلن "عدم إمكانية" الحكم بانتظار أن تتخذ هذه القوى الجديدة مواقف واضحة، يمكن الانطلاق منها للحكم عليها.
 
ثمّة من قرأ في موقف الشيخ قاسم "براغماتية"، وثمّة من رأى فيه "واقعيّة"، في التعاطي مع الحكم الجديد، تمهيدًا ربما لـ"التطبيع" معه، وبالتالي تجاوز المرحلة السابقة، إلا أنّ العارفين يشيرون إلى أنّ موقف الحزب يبقى مرهونًا بالهاجس الأساسيّ الذي بنى عليه كلّ موقفه، والذي تحدّث عنه الأمين العام للحزب صراحةً، حين قال إنّ الحزب "خسر طريق الإمداد العسكري عبر سوريا"، ولو حاول التقليل من شأنه باعتباره "تفصيلاً في العمل المقاوم".
 
لعلّ هذه النقطة بالتحديد تشكّل "كلمة السرّ" في تعاطي "حزب الله" مع أحداث سوريا منذ اليوم الأول، ولعلّها قد تشكّل "جوهر" تعاطي الحزب مع الحكم الجديد لسوريا في القادم من الأيام، علمًا أنّ الانطباعات حتى الآن لا تبدو "إيجابية"، ولو التزم أمينه العام بخطاب يبدو "دبلوماسيًا" لكثيرين، يتناقض مع ما يقوله محسوبون عليه بأن ما حصل ويحصل في سوريا، جاء ليكمّل على الأرض، ما بدأته إسرائيل في حربها على لبنان!

 

أخبار متعلقة :