سجن صيدنايا كان حديث العالم.. خفايا وأسرار خلف أسواره
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٩ إلى ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤. أنا نهاد الجريري. إلى العناوين:
- من هم سجّانو صيدنايا؟ الباحث السوري حسام جزماتي يكشف صور وأسماء ”طاقم“ السجن
- تدفق الدبلوماسيين الدوليين على دمشق وسط سؤال تصنيف هتش في قوائم الإرهاب
- أنصار داعش ”يلفقون“ فيديوهات تقول إنهم ”في خط المعركة“ في الشام
- ضيف الاسبوع الأستاذ حسام جزماتي، الباحث والكاتب السوري. ينشر في موقع تلفزيون سوريا اليوم.
سجّانو صيدنايا
أهلاً بكم إلى المرصد. ربما صحّ القول إن ”صيدنايا“ باتت كناية عن سجون نظام الأسد ليس فقط في العاصمة دمشق وإنما في رقعة سوريا كلها.
يأتي هذا مع تكشف مقابر جماعية يضمّ بعضها آلاف الجثث ظهرت عليها آثار تعذيب. نشطاء تناقلوا فيديوهات لمقابر جماعية في دمشق ودرعا. وفي حمص، أدلى حفّار القبور ”أبو شام“ شهادة قال فيها إنه كان يدفن يومياً ٥٠ جثة تأتيه من المشفى العسكري ظهر على أغلبها آثار تعذيب وحرق. أبو شام أحصى ٧٠٠٠ جثة دفنها بيديه.
بالعودة إلى صيدنايا، وفيما لا يزال الأهالي يبحثون عن المغيبين من أبنائهم، ينشغل بعضهم بالبحث عن السجانين الذين كانوا على تواصل يومي مع المعتقلين بتعذيبهم وقتلهم والتخلص من جثثهم.
في هذا الملف، نشر الباحث السوري حسام جزماتي صور وأسماء أفراد وضباط قال إنهم ”طاقم سجن صيدنايا.“ في منشور على الفيسبوك، قال جزماتي إنه بدأ قبل سنوات بحثاً استقصائياً عن طاقم السجن توصل من خلاله إلى تلك الأسماء. جزماتي نوه إلى أن ”حق الاستخدام مفتوح لأغراض التوثيق وجمع الشهادات واستكمال معرفة الضباط والعناصر وتحديد مرتكبي الانتهاكات، لا لأغراض الانتقام.“
الثأر والعدالة
لا شك أن تعقب أفراد وضباط شاركوا في ارتكاب مجاز ضد السوريين يشكل تحدياً للحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا؛ بل للمجتمع السوري في الداخل والخارج.
من ناحية تواترت إخباريات وفيديوهات توثق اعتقال متورطين في الدم السوري. ومن ناحية أخرى نُشرت فيديوهات توثق إعدامات مباشرة. من ناحية ثالثة، يأخذ سوريون على الحكومة الجديدة أنها سوّت أوضاع ”منتسبين“ لجيش النظام من دون التحقق من تورطهم في ملاحقة معارضين أو تعذيبهم.
معتقلو إدلب
على الجانب الآخر من هذا الملف، تظهر مفارقة.
حسابات على التلغرام معروفة بمعارضتها الهيئة في إدلب، وإن مدحت ”خطاب“ الحكومة الجديدة، إلا أنها أخذت عليهم قصورهم في التعامل مع هذا الملف. أبو هادي يقول: ”خطاباتكم ورسائلكم كانت ناجحة وعقلانية الى كل الدول والطوائف وهذا ساعد الثورة بتجنيبها كثير من الدم والمعارك الجانبية… ولكن هل يعقل أن سجون سوريا تفرغت بالكامل بإستثناء سجونكم في ادلب؟“
حساب أبو يحيى الشامي محمد الإبراهيم كتب: ”عدم إطلاق المعتقلين الذين في سجون إدلب، في الغالب سببه الخوف من أصواتهم التي ستنكر الكثير مما يحصل الآن.“ يشرح أن هذا ”الكتم“ للرأي سوف يعزز ”سياسة الاستبداد“ وسوف ”لن يسمح بتطور هذا البلد ونهضته.“
التصنيف
إذاً حكومة انتقالية لتصريف الأعمال في دمشق حتى مارس ٢٠٢٤ يرأسها رئيس مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام، محمد البشير.
في وقت قياسي، ازدحمت دمشق بمسؤولين ودبلوماسيين دوليين رفيعي المستوى التقوا البشير وأحمد الشرع/ الجولاني باعتباره ”قائد“ القيادة العامة – اللفظ الذي حلّ محلّ الهيئة. من لم يحضر إلى دمشق، بعث كتباً رسمية وفتح قنوات اتصال مع الشرع شخصياً.
كل هذا يأتي فيما يدور حديث عن تصنيف الشرع / الجولاني وهيئته في قوائم الإرهاب والعقوبات الدولية والأمريكية. الأمم المتحدة صنّفت الهيئة منظمة إرهابية بموجب القرار رقم ٢٢٥٤ في العام ٢٠١٥. واشنطن صنّفت الهيئة بكل نسخها – جبهة النصرة وفتح الشام – بموجب قرار تنفيذي رئاسي يحمل الرقم ١٣٢٢٤ في العام ٢٠١٤. أما أبو محمد الجولاني / الشرع، فهو على قائمة العقوبات الأمريكية منذ مايو ٢٠١٣؛ وعلى قائمة المطلوبين بمكافأة مقدارها ١٠ ملايين دولار منذ ذلك التاريخ أيضاً. اللافت أن منشور التصنيف يحمل أسماء الجولاني كلها بما فيها أحمد الشرع.
الآن،هل سيؤثر هذا على الانتقال السياسي في سوريا؟ على الأرجح لا. ماثيو ميلير، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قال في ٩ ديسمبر ٢٠٢٤ إن ”القانون“ الدولي والأمريكي لا يمنعان التعامل مع الهيئة بالرغم من تصنيفها. قال: ”كل هذا محكوم بالمصالح الأمريكية … لدينا وسائل للتواصل مع مجموعات على الأرض إما مباشرة أو من خلال وسطاء داخل سوريا أو خارجها.“
ميلر أشار إلى التجربة مع طالبان التي لا تزال حتى اليوم مصنفة إرهابياً كمنظمة وأفراد، لكن هذا لم يمنع الإدارة الأمريكية من التعامل معها لتوقيع اتفاق الدوحة في فبراير ٢٠٢٠ وتنفيذ الانسحاب العسكري في أغسطس ٢٠٢١.
الموقف نفسه ينطبق على الأمم المتحدة. فتصنيف ”الجماعات“ لا يمنع التعامل معها لأغراض ”إنسانية؛“ كما حدث في أفغانستان. فما المطلوب حتى تُرفع الهيئة من قوائم الإرهاب؟ مسؤول أممي أوضح أن الأمر يبدأ بطلب من دولة عضو في مجلس الأمن، يًصار بعده إلى التصويت ”ولا بد من أن يُتخذ قرار بالإجماع للموافقة على الاقتراح.“
المقاتلون الأجانب – المهاجرون
ما مصير المقاتلين ”الأجانب“ – المهاجرين – المنضوين تحت راية الهيئة تحديداً والمشاركين في ردع العدوان منذ ٢٧ نوفمبر؟
تواترت أنباء عن أن ”القيادة العامة“ في سوريا – التي حلّت اليوم محلّ الهيئة، ستمنح هؤلاء الجنسية السورية. فهل يكون هذا حلاً للمعضلة؟ حساب أس الصراع في الشام التابع للشيخ صالح الحموي، أحد مؤسسي جبهة النصرة في الشام في ٢٠١٢، لخص هذا التحدي بأن أمام الهيئة اليوم حلاً من اثنين: فإمّا يُسلم هؤلاء إلى المجتمع الدولي ”وهكذا ستظهر (الهيئة) بأعين أتباعها خائنة وباعتهم؛“ وإما أن تمتنع عن تسليمهم مقابل ”التعاون“ الأمني مع المجتمع المدني ”وهذا لن تقبله الدول منها.“
القرداحة / إدلب
بالعودة إلى الحكومة الانتقالية، وبعد نشوة الفرح بإسقاط النظام، تخوف بعض السوريين من أمرين.
الأول، أن وُضع علم أبيض – شبّهه البعض بعلم طالبان- إلى جانب رئيس وزراء تصريف الأعمال البشير.
الأمر الثاني تعلق بتشكيلة الحكومة أو الإدارة الانتقالية. الصحفي السوري حازم داكل كتب على الفيسبوك ”إلى الآن، لم نشهد تعيين شخصية تكنوقراط واحدة!“ وحذّر: ”بدكم تبدلوا القرداحة بإدلب يعني؟ بهيك عقلية، الناس رح تثور عليكم.. والله!“
داعش وسوريا الجديدة
كشفت قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي عن زيف فيديو تناقله أنصار داعش قالوا إنه لمقاتليهم في حمص.
الحساب قال إن المسؤول عن نشر الفيديو هو مندوب ديوان الإعلام لولاية الشام المعروف بأبي محمد الحسيني. وأوضح أن الصوت المنسوب لمقاتلي داعش أضيف إلى الفيديو زوراً.
وهكذا لا يزال إعلام التنظيم وأنصاره يروجون إلى صواب نهجهم مقللين مما تحقق في سوريا خلال الأسبوعين الماضيين. فنشروا فيديوهات أرشيفية تُذكر بتقتيلهم أتباع النظام في الوقت الذي تثار فيه علامات استفهام حول تعامل حكام دمشق الجدد مع عناصر النظام السابق.
مسألة أخرى ينشغلون بها هي أن الإدارة الجديدة تمثل، بحسبهم، ”إذعان الحركات الجهادية“ في سوريا. تقول افتتاحية صحيفة النبأ الأسبوعية في عددها ٤٧٣ الصادر بتاريخ ١٢ ديسمبر إن ما حدث في سوريا اليوم هو ”تدجين“ جهاديين سابقين ”بما يضمن مصالح النظام الدولي الكفري، ويشبع رغبة المفتونين بالحكم.“ وعليه، يهدد داعش رسمياً بأن ”الخلاف“ في سوريا سوف ”يتفاقم“ لأن المشكلة ليست مع ”الأسد وعائله وحاشيته،“ وإنما مع ”نظام مرتد يقوم على تعطيل الشريعة (مقابل) الاحتكام للمجالس الانتخابية والدساتير الكفرية.“
أخبار متعلقة :