خليج نيوز

"العشاء الميلادي" تقليد مستمر لبنانيا رغم الصعوبات - خليج نيوز

يستقبل لبنان عيد الميلاد المجيد هذا العام بأجواء من الفرح والبهجة، بعد أن نفض عن كاهله غبار الحرب القاسية التي عصفت به. في ليلة الميلاد، يترقب الكبار والصغار تلك اللحظة، حيث يحتفلون بولادة يسوع المسيح. وتكتسي هذه الليلة طابعًا خاصًا، إذ ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، فهي فرصة للقاء العائلات التي تلتئم حول مائدة واحدة، تعبيرًا عن الحب والتآلف. فالمائدة الميلادية ليست مجرد طعام، بل هي تقليد محبب في قلوب المسيحيين، يجسد روح الوحدة والمشاركة التي تزين هذا العيد المقدس. ولكن، كم أصبحت تكلفة المائدة الميلادية لهذا العام؟

Advertisement

بالطبع، من غير الممكن تحديد التكلفة النهائية للأطباق المتواجدة على المائدة الميلادية بدقة، وذلك نظرًا لاختلاف المنتجات من حيث النوعية والجودة، بالإضافة إلى تنوع طرق التحضير التي تؤثر بشكل مباشر على السعر النهائي. ومع ذلك، يمكن ملاحظة أن أسعار كل المكونات والأطباق قد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام.
في جولة على أسعار الأطباق الميلادية في المحلات التي تقدم الأطباق المنزلية الجاهزة "كايترينغ"، يبرز أولًا طبق "الحبش" أو الديك الرومي، الذي يعد من أشهر وأهم الأطباق في هذه المناسبة، وقد أصبح يشكل جزءًا أساسيًا من التقاليد الميلادية ورمزًا مميزًا لهذا العيد. يتراوح سعره بين 125$ و 150$، وهو كافٍ لتلبية احتياجات ما يقارب الـ 15 شخصًا.
بالإضافة إلى المازة اللبنانية التي لا تخلو منها الطاولة في هذه المناسبة، نجد أن أسعار بعض الأطباق التقليدية قد شهدت أيضًا تغييرات هذا العام. على سبيل المثال، يباع طبق ورق العنب بسعر 7$ للدزينة، بينما تباع الكبة المقلية بسعر12$ للدزينة. أما رقاقات الجبنة، فتبلغ أسعارها حوالى 10$ للدزينة.
ولا يمكننا أن ننسى أشهر الأطباق في المطبخ اللبناني، مثل "التبولة" التي تتراوح تكلفة تحضيرها حوالي 4$، وهو نفس السعر الذي ينطبق على طبق "الفتوش". بالإضافة إلى ذلك، نجد "الكبة النيّة" الذي يُباع بسعر حوالي مليون ليرة لبنانية للكيلو، أي ما يعادل نحو 11$ وهو السعر نفسه لكيلو "اللحم". 
أما بالنسبة للمشروب، فمن المعروف أن النبيذ الأحمر يتربع على عرش المشروبات في هذه الليلة، حيث يُعدّ الخيار الأكثر شيوعًا. تتفاوت أسعار قناني النبيذ بشكل كبير، حيث تبدأ من 10$ وتصل إلى 90$، ويعتمد السعر على نوعية النبيذ وجودته، فضلاً عن العلامة التجارية وبلد المنشأ.
ولا تكتمل الجلسة بعد الطعام إلا بتناول الكستناء المشوي، حيث يباع الكيلو بسعر 900 ألف ليرة لبنانية، ما يعادل حوالي 10$.
وبالنسبة للحلوى، فإن أبرز رموز المائدة الميلادية هي حلوى "حطب الميلاد" المعروفة بالفرنسية باسم "Buche de Noël" أصبحت هذه الحلوى من الأطباق الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في هذه المناسبة. يُباع قالب بحجم 30 سم من هذه الحلوى بسعر 30$، وهو يكفي تقريبًا لعشرة أشخاص.
هذا ولم نذكر بعد الأجبان الأوروبية مثل القشقوان، والـ"Cheddar"، وغيرها من الأصناف المميزة، الّتي تباع الوقية (حوالي 200 غرام) من أحد هذه الأنواع ب 8 دولارات.
وبذلك، تصل تكلفة هذه الأطعمة لعائلة واحدة إلى حوالي 300 دولار، وذلك فقط للأطباق الأساسية جداً، دون احتساب الأطعمة الأخرى التي قد تكون أكثر تكلفة.
وفي هذا السياق، يعبّر جوزيف، سائق التاكسي وربّ عائلة صغيرة، عن رأيه قائلاً: "تعتبر تكلفة المائدة الميلادية مرتفعة جداً بالنسبة للطبقة الوسطى والفقيرة، فنحن لا نستطيع أن ننفق كل ما نجنيه خلال شهر في ليلة واحدة."
ويضيف: "هذا العيد منحنا الأمل مجدداً بعد توقف الحرب، لكن السؤال يبقى: لماذا يكون العيد "لناس وناس"؟ هذه الظروف الاقتصادية الصعبة تجبرنا على التخلي عن فكرة المائدة الميلادية الكبيرة التي اعتدنا عليها، ونقتصر في هذا العام على الأطباق الأساسية جداً."
حالة جوزيف هي مرآة تعكس معاناة العديد من اللبنانيين الذين يترقبون عيد الميلاد المجيد هذا العام، ليجدوا أن الأزمة الاقتصادية قد سرقت منهم بهجة العيد التي طالما انتظروها طيلة العام. كانت العائلات اللبنانية في الماضي تجد في هذه المناسبة فرصة ثمينة للتجمع حول مائدة عامرة بالأطعمة والمشروبات، حيث تلتقي القلوب قبل الأطباق، لكن الواقع اليوم أصبح مريراً.
فبينما كانت هذه اللحظات تملأ البيوت بالفرح والتفاؤل، أصبحت الأسر اللبنانية مضطرة لتقليص احتفالاتها إلى الحد الأدنى، في ظل صعوبة تحمّل تكاليف العشاء الميلادي الفاخر الذي كان يتضمن العديد من الأطباق المتنوعة. بدلاً من ذلك، باتت العائلات تقتصر على الأطباق الرئيسية البسيطة، وأصبح السؤال يطرح نفسه بحزن عميق: "بأي حال عدت يا عيد؟".

أخبار متعلقة :