التوصل إلى هدنة بين حماس وإسرائيل في غزة
أخيرًا، تنفست غزة الصعداء، بعد أيام طويلة من القصف والدمار، جاء الإعلان عن الهدنة كنسمة هواء باردة في صيف قائظ، المشهد في الشوارع تغيّر بين ليلة وضحاها، من صمت ثقيل يقطعه صوت الطائرات والانفجارات إلى حركة نابضة بالحياة، ووجوه يملؤها الأمل رغم الألم.
منذ اللحظة الأولى لإعلان الهدنة، خرج الناس من بيوتهم التي تحولت خلال أيام العدوان إلى ملاجئ صغيرة. أطفال يركضون في الأزقة، نساء يتبادلن التهاني بسلامة الأحبة، ورجال يقفون أمام بقايا منازلهم يتفقدون الأضرار ويحمدون الله على السلامة.
أطفال يترقبون الاعلان عن الهدنة (رويترز)
أهالي غزة قالوا بعيون تملؤها الدموع: “الهدنة جاءت وكأنها رحمة من السماء. كنا نعيش تحت القصف، نخشى على أطفالنا مع كل انفجار، الحمد لله على توقف النار، لكن الجراح التي خلفتها الحرب في قلوبنا ستحتاج وقتًا طويلًا لتلتئم.”
رغم فرحة الهدنة، يبقى الحزن حاضرًا في كل زاوية من المدينة، هناك من فقد بيته، ومن فقد أحبته، وهناك من فقد الأمل في حياة آمنة.
فرحة أهالي غزة بالتوصل إلى اتفاق هدنة (رويترز)
المحال التجارية ستفتح أبوابها من جديد، وتعود الحركة تدريجيًا إلى الأسواق، الناس يتبادلون التهاني بسلامة بعضهم البعض، لكن في قلوبهم شعور بالقلق من المستقبل. فالهدنة هي بداية لالتقاط الأنفاس، لكنها ليست الحل وأهالي غزة بحاجة إلى وقف دائم للحرب فهم يستحقون حياة طبيعية مثل باقي البشر، دون أن يخافوا من أن نستيقظوا على صوت انفجار.”
ورغم كل الجراح، يبقى الأمل هو السمة الأبرز التي لا تفارق الفلسطينيين، شعب تعوّد على النهوض من تحت الركام، شعب يأبى الانكسار رغم كل المحاولات.
اليوم في غزة، تنبض الحياة من جديد، والعيون تترقب غدًا أفضل. فالكل هنا يحمل أمنية واحدة
غزة اليوم تعيد بناء الأمل من تحت الركام، وتبعث رسالة للعالم: رغم الألم… لا يزال هناك أمل.”
افراح الجالية الفلسطينية في برلين (رويترز)
احتجاجات في إسرائيل
قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مئات الإسرائيليين قاموا بمظاهرات أمام مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فى القدس للمطالبة بإبرام صفقة شاملة،
كما تباينت ردود الفعل داخل إسرائيل بشأن الاتفاق الذي توصلت إليه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و”حماس” بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل السجناء والرهائن.
فقد أصدر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تهديدا مبطنا بالاستقالة بدلا من قبول الاتفاق، وقال الوزير اليميني المتشدد، في بيان، نيابة عن حزبه الصهيونية الدينية، الذي يعارض تقديم أي تنازل لـ”حماس”: “الصفقة التي ستُعرض على الحكومة هي صفقة سيئة وخطيرة على الأمن القومي لدولة إسرائيل، ونحن نعارضها بكل قوة”.
احتجاجات في إسرائيل للمطالبة باتفاق شامل (رويترز)
وأضاف: “الشرط الواضح لبقائنا في الحكومة هو اليقين المطلق بالعودة إلى الحرب بقوة كبيرة، على نطاق كامل وبتشكيلة جديدة حتى تحقيق النصر الكامل، وفي المقام الأول تدمير منظمة حماس الإرهابية وإعادة جميع المختطفين إلى ديارهم”.
ويأتي بيانه في أعقاب بيان مماثل من منتدى تيكفا، وهي مجموعة يمينية مناصرة للرهائن كانت ناشدت أعضاء حكومة نتنياهو معارضة اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال سموتريتش “خلال اليومين الماضيين، أجرينا أنا ورئيس الوزراء محادثات محمومة بشأن هذه المسألة. إنه يعرف المطالب التفصيلية للصهيونية الدينية والكرة في ملعبه”.
القوات الإسرائيلية تفرق محتجين أمام منزل نتنياهو (رويترز)
ماذا يتضمن الاتفاق؟
من المتوقع أن يبدأ سريان الاتفاق اعتبارًا من يوم 19 يناير 2025.
ويتضمن الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان ثلاثة مراحل، تشتمل المرحلة الأولى ومدتها ٤٢ يومًا على وقف لإطلاق النار، وانسحاب وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات المتوفين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكناهم في قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج.
و تتضمن المرحلة الأولى تكثيف إدخال والتوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدني والوقود، وإدخال مستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب.
وأكدت مصر و قطر وأمريكا أن سياستهم كضامنين لهذا الاتفاق هي التأكيد على أن جميع مراحله الثلاث ستنفذ بشكل كامل من قبل الطرفين. وعليه، فإن الوسطاء سيعملون بشكل مشترك لضمان تنفيذ الأطراف لالتزاماتهم في الاتفاق والاستمرار الكامل للمراحل الثلاث.
وأكدت الدول الثلاثة أن الضامنين سيعملون أيضًا بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول المانحة والشركاء من جميع أنحاء العالم لدعم الزيادة السريعة والمستدامة في المساعدات الإنسانية إلى غزة بموجب الشروط المنصوص عليها في الاتفاق.
وحث الوسطاء الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي على دعم هذه الجهود بموجب الآليات المتبعة في تنفيذ الاتفاق.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد أكد، أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صيغ خلال إدارته لكن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستنفذ شروطه.
وصرح بايدن خلال مؤتمر صحفي أن إسرائيل وحركة حماس توصلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى من شأنه إنهاء القتال في غزة وزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.
أخبار متعلقة :