لم تتضح ظروف الاتفاق الذي حصل بين حركة حماس واسرائيل، لكن بنظرة سريعة على ما تسرب يبدو ان الضغوط الاميركية الحاسمة فرضت على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو تجرع الكأس والذهاب الى تسوية لا تعطيه عمليا اي انتصار فعلي على الارض بإستثناء الدمار والمجازر التي ارتكبها وهذا ما قد يعيد خلط الاوراق في المنطقة، وان بشكل بطيء.
Advertisement
وقع نتنياهو على غالبية شروط حركة حماس التي كانت تطالب بها مند اشهر، وبالشكل، حصل هذا الاتفاق على وقع العمليات غير المسبوقة للمقاومة الفلسطينية في شمال قطاع غزة حيث قتل عدد كبير من الجنود في الايام الاخيرة، وهذا يعني امام الرأي العام الاسرائيلي اولا والفلسطيني ثانيا ان حماس لا تزال موجودة وقوية او اقله قادرة على الترميم.
كما ان اسرائيل ستنسحب من غزة من دون ان تتمكن من تهجير السكان الى خارجها، ومن دون ان تحصل على ضمانات بمنع عودة الحركة الى تسليح نفسها، حتى ان ادارة القطاع التي تنازلت عنها حماس او عن جزء منها تؤدي حتماً الى تخفيف عبء وحمل ومسؤولية اعادة الاعمار عن الحركة وتضعها على عاتق الدول الراعية، وهذا ما يضمن حصول اعادة اعمار سريعة نسبيا في قطاع غزة.
والاهم هو ان عملية تبادل الاسرى ستحصل ما يخفف من "فشل" عملية طوفان الاقصى استراتيجيا. نهاية الحرب في غزة وانتهاء مهلة الـ ٦٠ يوما في لبنان سيؤدي الى عودة الحكومة الاسرائيلية الى الداخل الاسرائيلي حيث ستبدأ المحاسبة والصراع السياسي بين الاطراف ما قد يؤدي عمليا، وفق كل المتابعين الى انشغال اسرائيل في ازمتها السياسية الداخلية وهذا يعطي هوامش كبرى لخصومها من جديد، خصوصا اذا انشغلت الولايات المتحدة الاميركية بقضايا اخرى في روسيا والصين.
كما ان فشل التجربة العسكرية ضد حماس في قطاع غزة، ستعني حكما فشل اي تجربة حرب طويلة ضد أي قوة عسكرية اخرى من "حزب الله" الى ايران، على اعتبار ان قدرة القتال في حرب الشوارع لا متناهية ولا يمكن للجيش الاسرائيلي بالرغم من كل ما حصل، تحمل الاستنزاف التي تسببها له، لذا سيصبح ترميم الردع بين تل ابيب وخصومها ممكنا مع مرور الوقت.
في المرحلة المقبلة، وعندما تدخل اسرائيل في لا استقرار سياسي حاد، وعندما تبدأ بإعادة انعاش اقتصادها وتعود الى الحياة الطبيعية، يكون اعداؤها يرممون قدراتهم العسكرية بما هو متاح، ما يجعلها غير قادرة على المخاطرة مجددا بحرب وتدخل المنطقة تدريجيا في مسار تسلح وردع تراكمي جديد...
أخبار متعلقة :