خليج نيوز

جرائم الشرف والعنف المنزلي: القتل والضرب ينهش أجساد وأرواح النساء اللبنانيات - خليج نيوز

لم تكن قضية الإعلامية المغدورة عبير رحال إلا مجرّد جرس إنذار لقضايا النساء في لبنان، اللواتي وعلى الرغم من ما تمر به البلاد، لا زلن يعانين من هاجس أمني واضح، يتمثل بأشخاص خارجين عن القانون، يتصرفون كما يحلو لهم، وكأنّ النساء ملكهم هم وحدهم.. ففي كل أزمة تمر بها الشعوب، تظهر النساء كإحدى أكثر الفئات تضررًا وهشاشة، خاصة في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة. الحرب الإسرائيلية على لبنان ليست استثناءً، إذ كشفت عن سلسلة من حوادث الاعتداء والعنف ضد النساء، إذ حسب الاحصاءات الأخيرة، فإنّ النساء في لبنان تعرضن خلال الحرب الأخيرة لعدد كبير من حالات العنف المتنوعة. الأرقام الصادمة التي تم تسجيلها حتى شهر تشرين الثاني تظهر حجم المعاناة بوضوح قرابة 557 حالة عنف جسدي، 3 حالات عنف جنسي، و5 حالات تعنيف وتهديد وتهويل. والأكثر إثارة للقلق هو أن معظم المعتدين كانوا من الأزواج أو الآباء، ما يكشف عن الطابع العائلي لهذه الجرائم وتعقيد الأبعاد النفسية والاجتماعية التي تترافق معها، حسب ما يوضح مصدر أمني لـ"لبنان24".

Advertisement


ويقول أحد أخصائي النفس الذي تواصل معه "لبنان24" إنّ العنف ضد النساء في الحروب ليس مجرد حدث عابر بل نتيجة حتمية لبيئة تعزز الهشاشة وتقلل من الحماية. فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القاسية، وتفكك الروابط المجتمعية، وغياب أنظمة الدعم الفعالة، جميعها عوامل تؤدي إلى تصاعد العنف خلال الأزمات. ويشير إلى أنّه "في لبنان، تفاقمت هذه الظاهرة بسبب غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمواجهة جذور المشكلة ووضع استراتيجيات مستدامة لحلها، ومن هنا برزت جريمة قتل الإعلامية عبير رحال كواحدة من الأمثلة الأكثر إيلامًا. عبير، التي كانت نموذجًا للمرأة المثقفة والمكافحة، لقيت حتفها على يد زوجها خليل مسعود داخل أروقة محكمة شحيم الشرعية في قضاء الشوف. هذه الجريمة، التي وقعت في مكان يُفترض أن يكون رمزًا للعدالة، تعكس مدى انتشار العنف ضد النساء، حتى في الأماكن التي من المفترض أن تكون آمنة".

وقال مصدر قانوني، لـ"لبنان24" أن "نواب التغيير"، المنتخبين في عام 2022 خارج المنظومة الطائفية التقليدية، حاولوا تمرير مشروع قانون جديد يهدف إلى معالجة العنف ضد النساء في لبنان. تم إعداد هذا المشروع بالتعاون مع منظمات نسائية لبنانية ودولية، واستند إلى اتفاقيات دولية مثل "اتفاقية إسطنبول" وقرار مجلس الأمن رقم 1325. يهدف التشريع إلى سد الثغرات القانونية التي طالما استفاد منها المعتدون، خاصة في الجرائم المرتبطة بـ"الشرف" والعنف الزوجي.

ويشير المصدر إلى أنّه "رغم أن القانون المقترح يعد خطوة طموحة، فإنه يواجه تحديات جمة في مجلس النواب الذي لا يزال يخضع لنفوذ الزعماء الطائفيين. هذا النفوذ يعوق الإصلاحات القانونية، مثل تجريم الاغتصاب الزوجي أو إنهاء الإعفاءات القائمة على العادات والتقاليد. ويبقى التنفيذ الفعلي ضعيفًا، كما ظهر في قضايا بارزة مثل مقتل زينة كنجو ومنال عاصي، حيث فشلت السلطات في توفير الحماية اللازمة أو إنفاذ العقوبات بصرامة".

مع ذلك، يبرز دور المنظمات غير الحكومية في مواجهة هذه الأزمة، حسب المصدر، إذ من خلال العمل القانوني وحملات التوعية والدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، تواصل هذه المنظمات كسر الصمت حول قضية العنف ضد النساء. ويسعى القانون الجديد إلى تعزيز هذا الدور من خلال تخصيص تمويل إضافي للملاجئ وتدريب العاملين في القضاء وإنفاذ القانون.

وعلى الرغم من المحاولات، فإنّ القضية ستظل معقدة، في ظل نظام طائفي وديني يعزز التمييز ضد المرأة، طالما أنّ الجمعيات لا تزال هي رأس حربة في هذا الموضوع، في وقت يجب أن يكون القانون والمحاكم هي الفاصل والرادع الأول والأخير.

 

أخبار متعلقة :