Advertisement
ويقول أحد أخصائي النفس الذي تواصل معه "لبنان24" إنّ العنف ضد النساء في الحروب ليس مجرد حدث عابر بل نتيجة حتمية لبيئة تعزز الهشاشة وتقلل من الحماية. فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القاسية، وتفكك الروابط المجتمعية، وغياب أنظمة الدعم الفعالة، جميعها عوامل تؤدي إلى تصاعد العنف خلال الأزمات. ويشير إلى أنّه "في لبنان، تفاقمت هذه الظاهرة بسبب غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمواجهة جذور المشكلة ووضع استراتيجيات مستدامة لحلها، ومن هنا برزت جريمة قتل الإعلامية عبير رحال كواحدة من الأمثلة الأكثر إيلامًا. عبير، التي كانت نموذجًا للمرأة المثقفة والمكافحة، لقيت حتفها على يد زوجها خليل مسعود داخل أروقة محكمة شحيم الشرعية في قضاء الشوف. هذه الجريمة، التي وقعت في مكان يُفترض أن يكون رمزًا للعدالة، تعكس مدى انتشار العنف ضد النساء، حتى في الأماكن التي من المفترض أن تكون آمنة".
وقال مصدر قانوني، لـ"لبنان24" أن "نواب التغيير"، المنتخبين في عام 2022 خارج المنظومة الطائفية التقليدية، حاولوا تمرير مشروع قانون جديد يهدف إلى معالجة العنف ضد النساء في لبنان. تم إعداد هذا المشروع بالتعاون مع منظمات نسائية لبنانية ودولية، واستند إلى اتفاقيات دولية مثل "اتفاقية إسطنبول" وقرار مجلس الأمن رقم 1325. يهدف التشريع إلى سد الثغرات القانونية التي طالما استفاد منها المعتدون، خاصة في الجرائم المرتبطة بـ"الشرف" والعنف الزوجي.
ويشير المصدر إلى أنّه "رغم أن القانون المقترح يعد خطوة طموحة، فإنه يواجه تحديات جمة في مجلس النواب الذي لا يزال يخضع لنفوذ الزعماء الطائفيين. هذا النفوذ يعوق الإصلاحات القانونية، مثل تجريم الاغتصاب الزوجي أو إنهاء الإعفاءات القائمة على العادات والتقاليد. ويبقى التنفيذ الفعلي ضعيفًا، كما ظهر في قضايا بارزة مثل مقتل زينة كنجو ومنال عاصي، حيث فشلت السلطات في توفير الحماية اللازمة أو إنفاذ العقوبات بصرامة".
مع ذلك، يبرز دور المنظمات غير الحكومية في مواجهة هذه الأزمة، حسب المصدر، إذ من خلال العمل القانوني وحملات التوعية والدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، تواصل هذه المنظمات كسر الصمت حول قضية العنف ضد النساء. ويسعى القانون الجديد إلى تعزيز هذا الدور من خلال تخصيص تمويل إضافي للملاجئ وتدريب العاملين في القضاء وإنفاذ القانون.
وعلى الرغم من المحاولات، فإنّ القضية ستظل معقدة، في ظل نظام طائفي وديني يعزز التمييز ضد المرأة، طالما أنّ الجمعيات لا تزال هي رأس حربة في هذا الموضوع، في وقت يجب أن يكون القانون والمحاكم هي الفاصل والرادع الأول والأخير.
أخبار متعلقة :