أردوغان يتعهد بتقديم الدعم لسوريا الجديدة
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، لعبت تركيا دورًا محوريًا في مسار الصراع، متأرجحة بين الدعم المباشر للمعارضة المسلحة، والتدخل العسكري، والمفاوضات السياسية مع الأطراف الإقليمية والدولية.
ومع تغير المعطيات على الأرض، تحولت أنقرة من قوة داعمة للمعارضة إلى فاعل رئيسي يسعى إلى تثبيت نفوذه في شمال سوريا، وسط تداخل المصالح الدولية والإقليمية.
واليوم بوبعد سقوط نظام الأسد وهروب رئيسه بشار إلى روسيا، وتسلم أحمد الشرع الرئاسة لفترة انتقالية قد تمتد إلى 4 أو 5 سنوات، تعود العلاقات التركية السورية إلى مسارها الصحيح.
تركيا وسوريا الجديدة
في تطور لافت على الساحة الإقليمية، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في أنقرة، حيث ناقشا تعزيز التعاون الدفاعي والاقتصادي بين البلدين. وتضمنت المباحثات إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا وتدريب الجيش السوري الجديد، مما يشير إلى دور تركي متزايد في الشأن السوري (بحسب رويترز)
هذا التعاون يهدف إلى مواجهة التهديدات المشتركة، خاصة تلك المتعلقة بالجماعات الكردية المسلحة في شمال شرق سوريا، والتي تعتبرها أنقرة تهديدًا لأمنها القومي، كما تم التركيز على إعادة بناء الاقتصاد السوري وتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة.
من جانبه، أكد الرئيس التركي استعداد بلاده لدعم سوريا في مواجهة تنظيم “داعش” والجماعات الكردية المسلحة، معربًا عن أمله في عودة اللاجئين السوريين مع تحسن الأوضاع الأمنية، كما دعا إلى رفع العقوبات الدولية عن سوريا وحث الدول العربية والإسلامية على تقديم الدعم المالي للحكومة السورية خلال فترة الانتقال.
هذا التقارب التركي-السوري يعكس تحولًا في ديناميكيات المنطقة، حيث تسعى تركيا إلى لعب دور محوري في إعادة تشكيل المشهد السوري بعد سنوات من الصراع. ومع استمرار هذه الجهود، يبقى السؤال حول كيفية تأثير هذا التعاون على التوازنات الإقليمية والدولية في المستقبل.
تركيا منذ بداية الأزمة السورية
في بدايات الثورة السورية، دعمت تركيا المعارضة السياسية والعسكرية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، حيث استضافت أنقرة شخصيات معارضة، مثل قادة “الائتلاف الوطني السوري” و”الجيش السوري الحر”، ووفرت لهم غطاء دبلوماسيل وعسكريا.
لكن الدور التركي لم يكن مجرد موقف سياسي؛ بل شمل تقديم دعم لوجستي للمقاتلين، وفتح الحدود أمام المقاتلين والأسلحة. كما استقبلت تركيا ملايين اللاجئين السوريين، ليصبح ملف اللاجئين أحد أهم عوامل التأثير في السياسة الداخلية التركية.
لم يقتصر الدور التركي على الدعم غير المباشر، بل تحول إلى تدخل عسكري فعلي من خلال عمليات عسكرية متتالية، أبرزها:
- عملية درع الفرات (2016-2017): هدفت إلى طرد تنظيم “داعش” من مدينة جرابلس ومنع سيطرة الأكراد على مناطق شمال سوريا.
- عملية غصن الزيتون (2018): استهدفت مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، التي تعتبرها تركيا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK).
- عملية نبع السلام (2019): هدفت إلى إقامة منطقة آمنة شرق الفرات، وإبعاد القوات الكردية عن الحدود التركية، مع إعلان أنقرة نيتها إعادة توطين اللاجئين السوريين في هذه المناطق.
التنافس مع القوى الدولية والإقليمية
بينما ركزت تركيا على محاربة الأكراد واحتواء النظام السوري، واجهت تحديات من قوى كبرى، أبرزها:
- روسيا وإيران: رغم العداء التركي للنظام السوري، اضطرت أنقرة إلى التعاون مع موسكو وطهران في إطار محادثات أستانا، لضبط التوازنات العسكرية وتقليل التصعيد في إدلب.
- الولايات المتحدة: كانت العلاقة مع واشنطن متوترة بسبب الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا، مما دفع تركيا إلى تعزيز تعاونها مع روسيا، خاصة بعد شراء منظومة S-400.
- أوروبا: استخدمت تركيا ورقة اللاجئين للضغط على الاتحاد الأوروبي، مهددة بفتح الحدود أمام تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا إذا لم تحصل على دعم مالي وسياسي.
مستقبل الدور التركي في سوريا
التوسع العسكري: رغم الضغوط الدولية، يبدو أن تركيا ستستمر في تعزيز وجودها العسكري، خاصة في إدلب والمناطق الحدودية.
كما أن أنقرة قد تسعى إلى لعب دور الوسيط في حل النزاع السوري، خاصة إذا حصلت على ضمانات بشأن محاربة “قسد” وإعادة اللاجئين.
أخبار متعلقة :