خليج نيوز

تصريح المساء "بدّد" إيجابيات النهار.. ما الذي يؤخّر ولادة الحكومة؟! - خليج نيوز

فجأة، ومن دون سابق إنذار، هيمنت "الإيجابية" على ملف تأليف الحكومة طيلة نهار أمس، حتى قيل إنّ "الدخان الأبيض" سيتصاعد من قصر بعبدا، عقب اللقاء الرابع بين الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام، لتأتي المفاجأة بخروج الأخير بعد الاجتماع الذي صُنّف "حاسمًا"، بتصريح أقلّ ما يقال عنه إنّه "غامض"، رأى فيه كثيرون "تبديدًا" لإيجابيات النهار، ولا سيما أنه أعاد تسليط الضوء على إشكاليّة المعايير والثوابت، فضلاً عن الحملات.

Advertisement

 
قبل اللقاء المسائي بين عون وسلام، توالت التسريبات عن أنّ الحكومة وُضِعت على "نار حامية"، على وقع الحديث عن "تفاهم" أبرِم بين الرئيس المكلف و"القوات اللبنانية" حصلت بموجبه على "حصّة الأسد" إن جاز التعبير، ممثّلةً بحقيبة الخارجية السيادية، إضافة إلى ثلاث حقائب أساسية هي الطاقة والاتصالات والصناعة، ما أسهم في إنهاء حالة "الامتعاض" التي عبّرت عنها "القوات"، وكادت تطيح بالحكومة عن بكرة أبيها.
 
وكان الاعتقاد السائد بأنّ "حلحلة" عقدة "القوات"، إن صحّ التعبير، ستفضي تلقائيًا إلى "حلحلة" سائر العقد، خصوصًا إذا ما ضمن الرئيس المكلّف "الثقة" المطلوبة من البرلمان، بموجب تفاهماته المسبقة مع "الثنائي الشيعي" والعديد من أطراف المعارضة، بما فيها "الكتائب" والمستقلّين، فلماذا لم يتصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا كما كان متوقّعًا، ولم تُعلَن مراسيم الحكومة، وما الذي يؤخّر ولادتها عمليًا رغم كلّ شيء؟!
 
"توضيحات" سلام
 
لعلّ رفع سقف التوقعات، لحدّ الاعتقاد بأنّ "الحلحلة" التي طرأت على مفاوضات التأليف، ستؤدّي فورًا إلى ولادة الحكومة، باعتبار أنّ العقد المتبقية ليست أساسيّة، وهي قابلة للأخذ والردّ، هو ما أدّى إلى "خيبة الأمل" لدى كثيرين من عدم تصاعد الدخان الأبيض، ولعلّه أيضًا ما دفع إلى التعامل مع تصريح الرئيس المكلف من قصر بعبدا، الذي أعاد فيه الحديث عن المعايير، وتأكيد التمّسك بها، من منظور "سلبي"، وأوحى كأن الأمور لا تزال تراوح مكانها.
 
إلا أنّ هناك من يرى أنّ ما أراده الرجل من كلامه "المكرّر"، تبرئة ذمّته قبل أن تبصر حكومة العهد الأولى النور، والتأكيد على انسجامه مع نفسه، ومع خطاب القسم، ولكن قبل ذلك مع المبادئ التي طرحها منذ اليوم الأول، وهو أراد في هذا السياق التذكير بالمعايير التي وضعها وأعلنها على الملأ، وقوامها أن تكون حكومته إصلاحيّة، وأن تضمّ وزراء من غير الحزبيين وغير المرشحين للانتخاب، من دون أن يتبنّى الكثير ممّا أثير في الإعلام لاحقًا.
 
وإذا كان الرئيس المكلف سعى من خلال التركيز على هذه المعايير، إلى "الرد ضمنًا" على كلّ الاتهامات التي وُجّهت إليه باعتماد سياسة "المعايير المزدوجة"، أو "الكيل بمكيالين"، فإنّه تعمّد أيضًا الحديث عن "الحملات" التي تعرّض لها على امتداد الأيام الماضية، والتي اعتبرها "مجحفة" في حال حسُنت النوايا، علمًا أنّه تقصّد أن يوجّه هذا الكلام بشكل خاص إلى أولئك الذين كان يفترض أن يكونوا داعمين له، فإذا بهم يشاركون في الحملات ضدّه.
 
"اللمسات الأخيرة"
 
صحيح أنّ هناك من فهم تصريحات الرئيس المكلّف بصورة "سلبية"، ورأوا فيها "تراجعًا للخلف"، في تثبيت لمسارٍ بدأ منذ اليوم الأول، كانت كلّ خطوة إلى الأمام على خطه تُقابَل بخطوتين للخلف، إلا أنّ العارفين يستبعدون هذه الفرضية، ويعتبرون أنّ الأمر ليس بالضرورة على هذه الشاكلة، مشدّدين على أنّ الإيجابية لا تزال تتقدّم، وأنّ الحكومة هي فعلاً "قيد الولادة"، التي قد تنجَز في غضون ساعات قليلة، ربما لا تتخطى 24 ساعة، وفق بعض التوقعات.
 
وإذا كان صحيحًا أنّ "الحلحلة" التي طرأت بين الرئيس المكلف وبين "القوات اللبنانية" رفعت أسهم التفاؤل بولادة الحكومة أمس قبل اليوم، فإنّ العارفين يشيرون إلى أنّ اللقاء بين الرئيسين عون وسلام كان مجدولاً، قبل التطورات الأخيرة في مسار المفاوضات، وقد أرجئ أساسًا من الثلاثاء إلى الأربعاء، وقد كان مفيدًا من أجل جوجلة الأفكار بين الرجلين، وربما وضع "اللمسات الأخيرة" على التشكيلة الحكومية، بعد التفاهمات التي حصلت في اليومين الأخيرين.
 
ويلفت العارفون إلى أنّ حلّ "عقدة القوات"، على أهميته، كان يجب أن يُستتبَع بتفاهماتٍ أخرى مع القوى والأحزاب الأساسية الأخرى، التي يشكو الكثير منها من "التهميش" أساسًا، ومنها مثلاً تكتل "الاعتدال"، وحتى في الأوساط المسيحية، من أجل "تثبيت" الحقائب بين هذا الطرف وذاك، علمًا أنّ هناك من يقول إنّ الاتصالات مع "التيار الوطني الحر" بقيت قائمة حتى اللحظة الأخيرة، ولو كان المرجَّح أن يبقى خارج الحكومة، وينتقل إلى صفوف المعارضة.
 
لم يتصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا، يقول البعض، لكنّ الدخان الأسود لم يتصاعد أيضًا، فالأجواء لا تزال توحي بولادة حكوميّة قريبة، في غضون ساعات قليلة، علمًا أنّ تصريح الرئيس المكلّف يمكن أن يُفهَم بوصفه "محاولة لاحتواء" الحملات السابقة، وربما اللاحقة لإعلان مراسيم الولادة الحكومية، التي لا شكّ أنّ قائمة الممتعضين منها والمتحفظين عليها ليست بقليلة، وهي لا تقتصر بطبيعة الحال على "التيار الوطني الحر"!  

 

أخبار متعلقة :