بعد ثلاثة أيام على انتهاء المهلة الممدّدة للمرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لا توحي الأجواء العامة بأنّ مرحلة "حرب الإسناد" وما أعقبها، قد طويت عمليًا، حتى لو انسحبت القوات الإسرائيلية من معظم القرى الحدودية التي احتلّتها خلال الأسابيع الماضية، علمًا أنّها أبقت على وجودها في خمس نقاط، وصفها البعض بـ"الاستراتيجية"، فيما عزا آخرون احتلالها إلى "اعتبارات معنوية"، ليس إلا.
وإلى جانب استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير المبرّر لهذه النقاط الخمس، والذي دفع لبنان الرسميّ إلى مطالبة الدول الضامنة والراعية باتخاذ الإجراءات اللازمة لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل، تتمسّك إسرائيل بما تسمّيها بـ"حرية الحركة" التي قيل إنّ تفاهمًا "سريًا" جرى عليها من خارج اتفاق وقف إطلاق النار، حيث يواصل طيرانها شنّ الغارات على بلدات جنوبية عدّة، كما فعل في اليومين السابق والتالي للانسحاب من الجنوب.
يحصل كلّ ذلك عشيّة استحقاق "استثنائي" لشريحة واسعة من اللبنانيين، ألا وهو تشييع الأمينين العامين السابقين لـ"حزب الله"، السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، حيث يعتبر كثيرون أنّ "طيّ الصفحة" لن يكتمل قبل التشييع، فيما يرى آخرون أنّ "حزب الله" يريد تمرير هذا الاستحقاق أولاً، على أن يُبنى على كلّ شيء مقتضاه بعد ذلك، فكيف يمكن قراءة المشهد بكلّيته، وهل تنجح الدبلوماسية في وضع حدّ نهائي للخروقات الإسرائيلية؟
الدولة تتحرّك..
منذ اليوم الأول لانتهاء مهلة الانسحاب الإسرائيلي الذي بقي "منقوصًا"، تحرّكت الدولة اللبنانية على أعلى المستويات، حيث اجتمع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا، وخرجوا بـ"موقف وطني موحّد"، أكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، معتبرين استمرار الوجود الإسرائيلي في أيّ شبر من الأراضي اللبنانية "احتلالاً"، مع كلّ ما يترتّب على ذلك من نتائج قانونية وفق الشرعية الدولية.
ولم يكتفِ الرؤساء الثلاثة بذلك، بل أعلنوا أيضًا التوجّه إلى مجلس الأمن الدولي، الذي أقرّ القرار 1701، لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيلية وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية، وهو ما يعني وفقًا للعارفين، أنّ الدولة اللبنانية اختارت طريق "الدبلوماسية" للتصدّي للانتهاكات الإسرائيلية الفاقعة، وبالتالي تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته الكاملة في تطبيق الاتفاق.
لكن، بموازاة هذا الإعلان، الذي يفترض أن تتحرك وزارة الخارجية بموجبه مع المؤسسات الدولية المعنيّة، يسجّل العارفون أنّ أهمّ ما ورد في بيان الرؤساء الثلاثة، يبقى "وضوحه التام" في تسمية الأشياء بأسمائها، بما ينسجم مع البيان الوزاري للحكومة، ومع خطاب القسم، خصوصًا لجهة اعتبار أيّ وجود إسرائيلي داخل لبنان، "احتلالاً"، وهو ما يمكن أن يُفسَّر في مكانٍ ما، على أنّه تشريعٌ لكل وسائل التصدّي له، بموجب الشرائع الدوليّة.
ماذا عن موقف "حزب الله"؟
يتلاقى موقف الرؤساء الثلاثة مع الموقف المسبق الذي كان "حزب الله" قد أعلنه، على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم عشيّة مهلة الانسحاب الإسرائيلي، حين قال إنّ المقاومة ستعتبر أيّ بقاء إسرائيلي على الأرض اللبنانية احتلالاً، علمًا أنّ أيّ موقف رسمي عن الحزب لم يصدر بعد ذلك، حيث ينهمك الحزب في التحضير لحدث تشييع السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين المرتقب يوم الأحد، والذي بات واضحًا أنّ الحزب يتعامل معه بوصفه "استفتاء".
بهذا المعنى، يقول المطّلعون على أدبيّات "حزب الله"، إنّ كلّ الأمور تبقى مؤجّلة لما بعد "حدث" التشييع، بما في ذلك مناقشة موضوع الخروقات الإسرائيلية المستمرّة وما يترتّب عليها، فضلاً عن استمرار الغارات والاغتيالات في البلدات الجنوبية، خصوصًا أنّ "أولويته" الآن إنجاح التشييع، الذي يريد من خلاله توجيه الرسائل للقاصي والداني، وللصديق قبل العدوّ، وهو لا يريد أن يعكّر صفوه، أو يشوّش عليه بأيّ شكل من الأشكال.
أما بعد إنجاز التشييع، فيقول العارفون، إن المعادلات ستكون مختلفة، من دون أن يعني ذلك أنّ "حزب الله" في صدد تغيير "التكتيك" الذي اعتمده أخيرًا، وهو رمي الكرة في ملعب الدولة، التي يقع على عاتقها الضغط من أجل إجبار إسرائيل على الانسحاب، إلا أنه سيكون واضحًا أيضًا أنّ ذلك لا يعني "إقفال" كلّ الأبواب الأخرى، بما في ذلك العودة إلى "تكتيكات" ما قبل العام 2000، علمًا أنّ الأمم المتحدة تشرّع المقاومة في هذه الحالات.
بـ"الدبلوماسية"، تتسلّح الدولة من أجل إنجاز التحرير الكامل للأراضي اللبنانية، إضافة إلى إطلاق سراح الأسرى، وهي تدرك أنّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي ليس استراتيجيًا بقدر ما هو "نفسي"، في محاولة لتكريس "الغلبة". لكن، ماذا لو أصرّت إسرائيل على تماديها وانتهاكاتها، ومن يضمن في هذه الحال ديمومة الاستقرار، وألا يعيد التاريخ نفسه، فتنشأ مقاومات جديدة إن تقاعست تلك الموجودة عن المواجهة؟!
Advertisement
وإلى جانب استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير المبرّر لهذه النقاط الخمس، والذي دفع لبنان الرسميّ إلى مطالبة الدول الضامنة والراعية باتخاذ الإجراءات اللازمة لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل، تتمسّك إسرائيل بما تسمّيها بـ"حرية الحركة" التي قيل إنّ تفاهمًا "سريًا" جرى عليها من خارج اتفاق وقف إطلاق النار، حيث يواصل طيرانها شنّ الغارات على بلدات جنوبية عدّة، كما فعل في اليومين السابق والتالي للانسحاب من الجنوب.
يحصل كلّ ذلك عشيّة استحقاق "استثنائي" لشريحة واسعة من اللبنانيين، ألا وهو تشييع الأمينين العامين السابقين لـ"حزب الله"، السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، حيث يعتبر كثيرون أنّ "طيّ الصفحة" لن يكتمل قبل التشييع، فيما يرى آخرون أنّ "حزب الله" يريد تمرير هذا الاستحقاق أولاً، على أن يُبنى على كلّ شيء مقتضاه بعد ذلك، فكيف يمكن قراءة المشهد بكلّيته، وهل تنجح الدبلوماسية في وضع حدّ نهائي للخروقات الإسرائيلية؟
الدولة تتحرّك..
منذ اليوم الأول لانتهاء مهلة الانسحاب الإسرائيلي الذي بقي "منقوصًا"، تحرّكت الدولة اللبنانية على أعلى المستويات، حيث اجتمع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا، وخرجوا بـ"موقف وطني موحّد"، أكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، معتبرين استمرار الوجود الإسرائيلي في أيّ شبر من الأراضي اللبنانية "احتلالاً"، مع كلّ ما يترتّب على ذلك من نتائج قانونية وفق الشرعية الدولية.
ولم يكتفِ الرؤساء الثلاثة بذلك، بل أعلنوا أيضًا التوجّه إلى مجلس الأمن الدولي، الذي أقرّ القرار 1701، لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيلية وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية، وهو ما يعني وفقًا للعارفين، أنّ الدولة اللبنانية اختارت طريق "الدبلوماسية" للتصدّي للانتهاكات الإسرائيلية الفاقعة، وبالتالي تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته الكاملة في تطبيق الاتفاق.
لكن، بموازاة هذا الإعلان، الذي يفترض أن تتحرك وزارة الخارجية بموجبه مع المؤسسات الدولية المعنيّة، يسجّل العارفون أنّ أهمّ ما ورد في بيان الرؤساء الثلاثة، يبقى "وضوحه التام" في تسمية الأشياء بأسمائها، بما ينسجم مع البيان الوزاري للحكومة، ومع خطاب القسم، خصوصًا لجهة اعتبار أيّ وجود إسرائيلي داخل لبنان، "احتلالاً"، وهو ما يمكن أن يُفسَّر في مكانٍ ما، على أنّه تشريعٌ لكل وسائل التصدّي له، بموجب الشرائع الدوليّة.
ماذا عن موقف "حزب الله"؟
يتلاقى موقف الرؤساء الثلاثة مع الموقف المسبق الذي كان "حزب الله" قد أعلنه، على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم عشيّة مهلة الانسحاب الإسرائيلي، حين قال إنّ المقاومة ستعتبر أيّ بقاء إسرائيلي على الأرض اللبنانية احتلالاً، علمًا أنّ أيّ موقف رسمي عن الحزب لم يصدر بعد ذلك، حيث ينهمك الحزب في التحضير لحدث تشييع السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين المرتقب يوم الأحد، والذي بات واضحًا أنّ الحزب يتعامل معه بوصفه "استفتاء".
بهذا المعنى، يقول المطّلعون على أدبيّات "حزب الله"، إنّ كلّ الأمور تبقى مؤجّلة لما بعد "حدث" التشييع، بما في ذلك مناقشة موضوع الخروقات الإسرائيلية المستمرّة وما يترتّب عليها، فضلاً عن استمرار الغارات والاغتيالات في البلدات الجنوبية، خصوصًا أنّ "أولويته" الآن إنجاح التشييع، الذي يريد من خلاله توجيه الرسائل للقاصي والداني، وللصديق قبل العدوّ، وهو لا يريد أن يعكّر صفوه، أو يشوّش عليه بأيّ شكل من الأشكال.
أما بعد إنجاز التشييع، فيقول العارفون، إن المعادلات ستكون مختلفة، من دون أن يعني ذلك أنّ "حزب الله" في صدد تغيير "التكتيك" الذي اعتمده أخيرًا، وهو رمي الكرة في ملعب الدولة، التي يقع على عاتقها الضغط من أجل إجبار إسرائيل على الانسحاب، إلا أنه سيكون واضحًا أيضًا أنّ ذلك لا يعني "إقفال" كلّ الأبواب الأخرى، بما في ذلك العودة إلى "تكتيكات" ما قبل العام 2000، علمًا أنّ الأمم المتحدة تشرّع المقاومة في هذه الحالات.
بـ"الدبلوماسية"، تتسلّح الدولة من أجل إنجاز التحرير الكامل للأراضي اللبنانية، إضافة إلى إطلاق سراح الأسرى، وهي تدرك أنّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي ليس استراتيجيًا بقدر ما هو "نفسي"، في محاولة لتكريس "الغلبة". لكن، ماذا لو أصرّت إسرائيل على تماديها وانتهاكاتها، ومن يضمن في هذه الحال ديمومة الاستقرار، وألا يعيد التاريخ نفسه، فتنشأ مقاومات جديدة إن تقاعست تلك الموجودة عن المواجهة؟!
أخبار متعلقة :