التخطي إلى المحتوى

نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز

سعود النداح

باحث دكتوراة في سياسات الرعاية الاجتماعية وإدارة المؤسسات، مستشار اجتماعي.

في رحلة الحياة، نقف مرارًا وتكرارًا أمام أبواب نطرقها بقلوب تفيض بالأمل والطموح، ننتظر فتحها لنعانق أحلامنا وتطلعاتنا. نحلم بأن تفتح لنا أبواب فرصٍ طالما سعينا إليها، ونظن أنها السبيل إلى سعادتنا، لكن أحيانًا تُغلق هذه الأبواب أمامنا، نواجه إحباطًا وحيرة ونسأل أنفسنا: لماذا لم تفتح لنا؟ لماذا قوبل شغفنا واندفاعنا بالصمت؟.

في تلك اللحظات، يبدأ مفهوم الرضا بالتبلور في داخلنا. الرضا ليس مجرد قبول بائس لواقع لا نحبه، بل هو فهم عميق وإدراك أن ما يُغلق أمامنا هو جزء من تدبير إلهي حكيم ورحمة خفية. نحن نرى جزءًا من المشهد، بينما الله يرى الصورة كاملة. قد يكون إغلاق الباب منعًا لنا من السير في طريق قد يؤذينا أو قد يقودنا إلى تجربة لم تكن لتتناسب مع أحلامنا وطموحاتنا.

الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون”. هذه الآية تذكير لنا بأن الله يعلم ما هو خير لنا، حتى وإن كنا لا ندركه في تلك اللحظة. أحيانًا، يتطلب الأمر منا أن نؤمن بأن ما يُحرمنا الله منه اليوم قد يكون خيرًا مما كنا نطمح إليه.

الأبواب المغلقة ليست مجرد حواجز تمنعنا من الوصول إلى ما نريد، بل هي حواجز تُوجهنا نحو طريق آخر، ربما كان أكثر إشراقًا وأكثر انسجامًا مع أحلامنا الحقيقية. حين تُغلق الأبواب، يكون في ذلك حماية إلهية، حماية من ألمٍ مستقبلي لم نكن نراه، أو من تجربة قد تجلب لنا العثرات. قد نعتقد أن الفرصة التي ضاعت كانت أفضل ما يمكن أن يحدث لنا، لكن في الحقيقة، الله بحكمته يرى ما هو أنسب لنا في كل مرحلة من مراحل حياتنا.

الرضا بأقدار الله ليس استسلامًا، بل هو سكون النفس واطمئنانها بأن الله يدبر لنا الخير في كل خطوة نخطوها، حتى وإن لم نفهم ذلك في البداية. هو أن ندرك أن الله يختار لنا بعناية ما يناسبنا، وأنه يبعدنا عن ما قد يضرنا أو يعطل سعادتنا الحقيقية.

لذلك، لا تحزن إذا أُغلقت أمامك الأبواب التي كنت تأمل فتحها، ولا تندم على الفرص التي ظننت أنها ضاعت منك، فقد تكون هذه الأبواب المغلقة هي إشارة إلى أن هناك طريقًا أفضل في انتظارك، طريقًا يحمل لك ما يناسبك وينسجم مع طموحاتك الحقيقية. تذكر دائمًا أن ما قدّره الله لك هو الأفضل، حتى وإن لم ترَ ذلك الآن.

كل نهاية غير سعيدة هي بداية لشيء جديد، لشيء قد يكون أعظم مما كنت تتوقعه. تعلّم أن تكون ممتنًا للأبواب المغلقة، فهي ليست نهاية الطريق بل هي بداية جديدة لنموك، لتطورك، وللوصول إلى ما هو مكتوب لك من خير، لتدرك في النهاية أن الأبواب المغلقة قد تكون أحيانًا أكبر الهدايا في حياتك.

في النهاية، كل باب مغلق يحمل وراءه فرصة للنمو.