التخطي إلى المحتوى

نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز

فيصل الحمد

خبير استراتيجي وعسكري.

انتهى اليوم الذي شهد متابعةً عالمية لأحداث الانتخابات الأمريكية، التي تُعَدّ الأكثر تأثيراً على الساحة الدولية. وقد أُعلِن عن فوز ترامب بنتيجة ساحقة جاءت نتيجةً لعدة عوامل داخلية وخارجية، اجتماعية واقتصادية وسياسية.

مع انقضاء هذه العاصفة الإعلامية، ينبغي النظر برويّة إلى كيفية تعامل ترامب مع الملفات العالمية، خاصةً باعتباره قائداً للدولة العظمى ذات التأثير الكبير على السياسات الدولية، أو ما يُطلق عليها “السوبر بور”. وقد برزت تساؤلات حول النهج الأمريكي للرئيس ترامب في السياسة الخارجية، خاصة تجاه منطقة الشرق الأوسط، في ظلّ ما أصبح يُعرف بـ “العقيدة الترامبية”.

تميزت هذه العقيدة بنهج غير تقليدي يعتمد على مجموعة من السياسات، ظهرت ملامحها من خلال سياسة “الضغط الأقصى” والتعامل المباشر والحازم مع ملفات المنطقة، مما يختلف عن الأسلوب الدبلوماسي الحذر الذي اعتمدته الإدارات الأمريكية السابقة.

خلال فترته الرئاسية السابقة، كرئيسٍ خامس وأربعين للولايات المتحدة، نفّذ ترامب بعض الوعود التي أثرت مباشرةً على المنطقة، من أبرزها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالجولان كجزء من إسرائيل، وهي خطوات أثارت ردود فعل واسعة، واعتُبرت تحيزاً أمريكياً صارخاً لإسرائيل.

أما في الملف الإيراني، فمن المتوقع أن يستأنف ترامب سياسة “الضغط الأقصى” عبر تقليص قدرة النظام الإيراني بشكل أكبر من خلال العقوبات الاقتصادية، في محاولة لاستكمال مساعيه الرامية إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، وإجبار إيران على تقديم تنازلات كبيرة تقلّل من قدراتها وأنشطتها النووية، خصوصاً في ظل دعم إيران للميليشيات المسلحة لاستهداف إسرائيل، ومحاولاتها للإخلال باستقرار المنطقة.

وفيما يتعلّق بملف غزة، فقد تعهّد ترامب سابقاً بالسعي إلى تحرير الرهائن والمحتجزين هناك، وتجريد حركة حماس من السلاح، وإعادة القطاع إلى سيطرة السلطة الفلسطينية في رام الله. ومن المتوقع أن يمارس ضغوطاً على القيادة الإسرائيلية للحدّ من استهداف المدنيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية، بينما يواصل دعم الجهود الرامية إلى استهداف الميليشيات المسلحة في المنطقة.

أما في ما يخص عملية السلام في الشرق الأوسط، فيعتبر ترامب أن المعاهدة الأمريكية الخاصة بالسلام “المعاهدة الإبراهيمية” هي الأساس لتحقيق الاستقرار، والتي يعتبرها إرثه الخاص. هذه المعاهدة أحدثت نقلة استراتيجية غير مسبوقة في مسار عملية السلام في المنطقة.

لكن من المتوقع أن تتخذ إدارته خطوات جديدة في هذا الملف، خاصةً في ظل تقدم المفاوضات بين واشنطن والرياض حول حل الدولتين وتعزيز العلاقات الاستراتيجية. ومن المرجح أن يسعى إلى صياغة خارطة طريق ترضي جميع الأطراف، وتشجّع بقية دول المنطقة على الانضمام إلى هذه المعاهدة.

قد تكون الفترة الرئاسية الثانية لترامب أكثر ميلاً إلى الدبلوماسية والعقلانية مقارنةً بفترته الأولى، إذ يواجه تحديات معقدة تتطلب منه نهجاً أكثر مرونة في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط والعالم.