نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز
أماني بنت أحمد العقالي
إدارة تعليم الرّياض، باحثة دكتوراة بجامعة الإمام محمد بن سعود، ومهتمة بسياسات الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة في التعليم
تتجلى السياسات التعليمية كأحد الأعمدة الراسخة التي تعتمد عليها خطط الدول لتحقيق التنمية، فهي المنبع الأساسي لتأهيل الموارد البشرية في شتى المجالات، وتُمثل هذه السياسات الجسر الذي يربط بين احتياجات المجتمع ومتطلبات التنمية وبين التعليم والتدريب الذي يُقدَّم لأفراده، كما تعكس بوضوح الرؤية المجتمعية التي تستمد منها المؤسسات التعليمية أسسها وأيديولوجياتها، ومن خلال هذه السياسات، يسعى النظام التعليمي لتحقيق التكامل مع أهداف التنمية المستدامة، إذ تشكّل السياسات التعليمية المسار الذي ينظّم العمل ويوجه القرارات، ليصبح التعليم أكثر فاعلية وكفاءة، فيوفّر الوقت ويحدّ من التكاليف المهدرة.
وفي عصر تتسارع فيه التحولات التقنية، إذ يشهد العالم ثورة صناعية رابعة وطفرة في تقنيات الاتصال مع الأجيال الخامسة والسادسة، تبرز الحاجة الملحة لتصميم سياسات تعليمية حديثة تتناسب مع هذا التطور، ويعدّ الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في هذه المرحلة، ما يتطلب استثمارًا ذكيًا للموارد البشرية بوصفها الدعامة الأهم لتحقيق التنمية المستدامة ومواكبة متطلبات العصر، ويأتي دور سياسات الذكاء الاصطناعي في توجيه تطبيقات هذه التقنية لتحقيق رفاه الأفراد وتعزيز جودة الحياة.
إنّ المصطلح الحديث “سياسات الذكاء الاصطناعي”، ظهر تزامنًا مع الانتشار المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، ومنها التعليم، ليكون وسيلة أساسية لدعم أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، والتي تُعنى بتوفير تعليم شامل ومتميز، وتركز هذه السياسات على عدة جوانب محورية، منها:
تحسين جودة التعليم والتعلم:
حيث يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير مناهج تفاعلية تراعي الاحتياجات الفردية لكل طالب، مما يعزز كفاءة العملية التعليمية ويضمن تعلّمًا فعالًا يناسب قدرات الطلاب.
تأهيل الطلاب بمهارات سوق العمل:
تهدف السياسات إلى تزويد الطلاب بالمهارات اللازمة لسوق العمل المتجدد، والذي يعتمد بشكل متزايد على التقنية والمعرفة الرقمية.
تعزيز الابتكار في المجال التعليمي:
تدفع سياسات الذكاء الاصطناعي نحو تطوير أدوات تعليمية ذكية، منها المنصات الرقمية لتقييم الأداء، وبرامج التدريب عن بُعد، وأنظمة التفاعل المباشر بين المعلمين والطلاب.
هذه السياسات لا تسهم فقط في تطوير التعليم، بل تجعل من الذكاء الاصطناعي أداةً للتغيير الإيجابي الذي يضمن الوصول إلى تعليم مرن وشامل يدعم مستقبلًا مستدامًا ويواكب العصر.
ختامًا، واستجابةً لدعوة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس إدارة “سدايا” (أدعوكم جميعًا للعمل بروح التعاون لنرسم معًا مستقبل الذكاء الاصطناعي بما يخدم المجتمعات كافة، ويقدم المشاركة على التنافس، ويركز على سبل الاستخدام الموثوق والمسؤول للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، خدمة للبشرية)، أصبحت جهود المملكة في تأسيس سياسات متقدمة للذكاء الاصطناعي في مجال التعليم نموذجًا حيًا يُجسد رؤية 2030 بمرتكزاتها الثّلاث: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
هذه الرؤية تضع نصب أعينها إعداد جيل يمتلك المهارات والكفاءات اللازمة للاندماج في عالم رقمي متطور، وتسعى نحو نظام تعليمي متجدد يقود المملكة إلى نهضة اقتصادية واجتماعية شاملة. واليوم، بات التعليم في السعودية ركيزة أساسية تدفع عجلة التنمية، ويعتمد عليه الوطن في بناء مستقبله الواعد، بما يلبي تطلعات العصر الرقمي ويُضيء الطريق نحو مستقبل مشرق ومستدام.