نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز
عبدالله الشريف
نكأ صديق لي مواجع الزمن وغدر البعض من البشر.. كان عبدالله القحطاني ولا يزال مثالًا للرجل الصادق والمحب للخير.. مارس العمل الإعلامي باقتدار وشرف، وسنحت له الفرصة أن يستثمر ما يملكه من مال قليل في مشروع جديد وجميل، فافتتح مطعمًا واضطر أن يكمله بقرض بنكي ليكتمل عقد حلمه. بيد أن الأماني لا تأتي تباعًا.. والرياح التي تبحر بالسفن توقفت عند سفينته. تعامل عبدالله مع الجميع بطيبته المعهودة وسماحة نفس قلما توجد في عالم التجارة، فسرقه مدير المطعم بليلة ظلماء ونهب أغلب أجهزة مطعمه التي كان ينتظرها من بلد مدير مطعمه، وتعاقد عليها ودفع مبلغها عن طريق ذلك اللص الآفاك الذي اكتنز المال والمعدات لنفسه وهرب في دهاليز الحياة.
كانت ثقة عبدالله بالجميع أحد نقاط ضعفه، ولأنه يتسم بصفة الرجال الأوفياء ويملك شيمة العظماء، ترك الأمر واستعاد نشاطه مرة أخرى وشمر عن ساعديه لافتتاح المطعم من جديد. وهذه المرة واجهته معضلة كبيرة، إذ بعد الافتتاح بمدة ليست ببعيدة جاء مشروع قطار الرياض وأغلق عليه الشارع وحاصره من كل الاتجاهات ليصبح مكتوف الأيدي. وزاد الطين بلة أن صاحب العقار لم يعبأ بما حل به، بل طالبه بالإيجارات مما جعله يعيش في دوامة الضغوط، عدا عن البنك الذي أوقف خدماته جراء دين تجاوز المليون ريال.
ضاقت الأرض بهذا النبيل وهو صامت لا يشكو إلا إلى الله، ولم تفارقه الابتسامة الجميلة على محياه. تراه تتعجب من حالته، يحمل في صدره المشتعل آهات الغدر ومواجع الآلام، لكنه مؤمن بأن لله حكمة في كل ذلك. عبدالله الذي تخلى عنه الكثير ولم يعد أحد يهتم به، شمر عن ساعديه ليعمل على سيارته من أجل أطفاله، لا يريد أن يراهم مكسوري الجناح ويخفي عنهم الكثير مما يعانيه. أصابه بعض من الوهن، لكن لا تزال دواخله تردد كل يوم “بتزين بعون الله بتزين”، وستزين يا أبا حمود بمشيئة الله مهما طال الأمد.
فإن ذهب مشروعك ولم ينظر لمعاناتك بما أحدثوه، وغير آبهين بما حدث لك، لكن حتمًا ستتلقف أحلامك شرائع السماء لتحيا لنا بكل آمالك الجميلة. وثق أن هيبة أي مشروع وجبروته ستواجهها قطارات الإنسانية.. وكفى.