نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز
عيد صالح بن عيد
الخبير الاقتصادي
رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتسهيلات
منذ منتصف السبعينيات، ومع ارتفاع أسعار النفط، أدركت السعودية دور الاقتصاد في تعزيز مكانتها السياسية والدبلوماسية، فبادرت إلى إنشاء كيانات اقتصادية ساهمت في توثيق علاقاتها مع دول العالم النامي من خلال تقديم قروض تنموية.
وتأسس “الصندوق السعودي للتنمية” كذراع رئيسي لهذه المساعدات، إلى جانب مؤسسات أخرى تساهم فيها المملكة مثل البنك الإسلامي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق الأوبك للتنمية.
هذا التوجه عزز دور السعودية كشريك اقتصادي وداعم للتنمية المستدامة في العديد من الدول.
وفي المجال الإنساني، أنشأت المملكة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عام 2015 لتنظيم وتنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، سواء في حالات الأزمات أو الكوارث الطبيعية.
وقد أصبح هذا المركز من أبرز المؤسسات الإنسانية عالمياً، حيث يسهم بفعالية في مناطق الأزمات والصراعات، ويقدم دعماً للمتضررين من الأوبئة والكوارث الطبيعية، مما أكسب المملكة تقديراً عالمياً واسعاً من الدول المستفيدة والمؤسسات الدولية.
الدبلوماسية الاقتصادية السعودية تميزت بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستفيدة، مما جعلها نموذجاً مثالياً، حيث إنها لا تفرض أجندات خاصة أو أهداف تتعارض مع مصالح الدول الأخرى.
على عكس بعض المانحين الدوليين، لا تضع السعودية شروطاً مجحفة تتعلق بتنفيذ المشاريع أو اختيار الموردين أو الشركات، ما يضمن تنمية حقيقية تتماشى مع أولويات الدول المستفيدة ويعزز العلاقات الثنائية معها.
وجاءت “رؤية 2030” لتؤكد هذا النهج من خلال فتح الأبواب للاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث أجرت السعودية إصلاحات قانونية واسعة لدعم بيئة استثمارية جاذبة، مما جعلها وجهة مهمة للاستثمارات الدولية.
كما شجعت المملكة الشركات الوطنية على الاستثمار الخارجي، وخاصة في الأسواق الناشئة، عبر مؤسسات مثل صندوق الاستثمارات العامة، وأقامت منتديات اقتصادية مع دول مثل دول آسيا الوسطى وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، لتعزيز التبادل التجاري وتشجيع الشراكات التنموية.
بهذا النهج، استطاعت السعودية تعزيز مكانتها كداعم اقتصادي عالمي وفاعل في تحقيق التنمية المستدامة والشراكات الاقتصادية المتوازنة.