نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز
سعود النداح
باحث دكتوراة في سياسات الرعاية الاجتماعية وإدارة المؤسسات، مستشار اجتماعي.
في أحد خطاباته، استخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مثالًا بسيطًا لكنه عميق: زجاجة الماء، وقال إنها تُباع بدولار في مكان، وبدولارين في مكان آخر، وقد يصل سعرها إلى سبعة دولارات في مطار أو فندق فاخر. هذا التفاوت الكبير في سعر السلعة الواحدة يوضح أن القيمة قد لا تكون مرتبطة بجوهر الشيء نفسه، بل بالظروف المحيطة به. ويمكننا أن نتعلم من هذا المثال درسًا مهمًا: قيمتنا في الحياة تتحدد بمدى ثقتنا بأنفسنا، وإيماننا بقدراتنا، وإصرارنا على فرض هذه القيمة على محيطنا.
الكثيرون يقعون في فخ انتظار التقدير الخارجي أو سماع الآخرين يحددون لهم مكانتهم. لكن الحقيقة أن الشخص الذي يدرك قيمته ويؤمن بقدرته على تحقيق أهدافه لا ينتظر أن يعترف الآخرون بأهميته. فهو من يقرر قيمته بنفسه، ولا يسمح لأي ظروف خارجية أن تقلل من شأنه. قد تجد من يحاول تقليل قيمتك، وقد تُواجه عقبات واختبارات، لكن هذا لا يعني أنك أقل مما تطمح إليه. تذكر أن ظروفك أو الأماكن التي تجد نفسك فيها لا تحدد قيمتك؛ بل أنت من يصنع قيمتك ويؤكد عليها.
عندما تحدد قيمتك بنفسك، تُصبح الظروف مجرد خلفية، لا تتحكم بك ولا بمسارك. والأهم من ذلك، أن إيمانك بذاتك لا يعني تجاهل الآخرين، بل يعني أنك تعرف أن رأيهم مهم ولكن ليس على حساب ثقتك بقدراتك. فالقيمة الحقيقية تبدأ من الداخل، من إدراكك لنقاط قوتك، من تطويرك لمهاراتك، ومن قدرتك على خلق تأثيرك في العالم.
لذا، كزجاجة الماء، قد تجد نفسك في أماكن تقدّر ما تملكه من إمكانيات وتدفعك للأمام، وقد تجد نفسك في أماكن تقلل من شأنك. لكن تذكر، في كل الأحوال، قيمتك الحقيقية هي التي تفرض نفسها بالنهاية، فلا تخفضها أبدًا من أجل ظروف مؤقتة.