التخطي إلى المحتوى

نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز

د. عائشة بنت مفتي السيد حسن القرشي

خبير الحماية من الفيضانات وهيدرولوجيا المناطق الجافة

أحد أكبر التحديات التي يواجهها العالم اليوم هي مشكلة توفر المياه الصالحة للاستخدام البشري، حيث يعتبر ذلك من مسؤوليات الحكومات بناء على قوانين الأمم المتحدة وقرارها الذي يعتبر التوفر على المياه النظيفة والصرف الصحي من حقوق الإنسان الأساسية.

إن عدم توفر المياه التي تلبي الاحتياجات المختلفة للسكان يهدد أمن واستقرار الشعوب وقد يؤدي إلى الحروب أو الهجرات من الدول والمناطق التي تعاني إلى الدول والمناطق ذات الوفرة مما قد يتسبب في ضغوطات قد لا تحتملها هذه الدول والمناطق وبناها المائية الحالية خاصة إن كانت من الدول النامية التي تعاني من التضخم السكاني مع عدم وجود الخدمات الأساسية لعدد السكان الحاليين.

تقول أودري أزولاي -المديرة العامة لليونسكو-: (كلما تفاقم الإجهاد المائي، تعاظمت مخاطر اشتعال النزاعات على الصعيدَين المحلي والإقليمي. وإن رسالة اليونسكو واضحة في هذا الصدد: إن أردنا الحفاظ على السلام، يجب علينا العمل بسرعة ليس فقط لحماية الموارد المائية، بل أيضاً للدفع بعجلة التعاون الإقليمي والعالمي في هذا المضمار).

وتوضح الإحصاءات في البلدان العربية أن نسبة المياه المتاحة منخفضة مع توقع تفاقم الأزمة مستقبلا ليعيش حوالي 90% من السكان في مناطق تعاني من نقص في المياه، حيث يقع الوطن العربي ضمن الحزام الجاف وشبه الجاف وتتراوح المعدلات السنوية لهطول الأمطار بين 250 -400 ملم، ولا تتجاوز الألف ملم إلا في بعض المناطق، مع عدم وجود أنهار كبيرة إلا في دول معينة كنهر النيل في مصر والسودان، والفرات ودجلة في سورية والعراق، وهي أنهار دولية مصادرها من خارج المنطقة العربية، مع استغلال مياه البحار بعد تحليتها كما في دول الخليج، ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي ليمكن استخدامها في بعض المجالات.

تقارير المياه من قبل الأمم المتحدة والتي تنشرها بين حين وآخر تدعو إلى القلق حيث تبين “أن حوالي مليار ونصف شخص في العالم ليس لديهم مصادر نقية للمياه، وحوالي 3 مليار شخص يعيشون دون نظام صرف صحي، ويموت نحو 35 ألف شخص في العالم يوميا من بينهم آلاف الأطفال بسبب نقص في المياه أو استخدام الملوث منها “، ويخلص التقرير الاقتصادي العربي الموحد إلى أن تزايد الطلب على المياه في المنطقة العربية سيؤدي إلى خفض نصيب الفرد الى 46 متر مكعب بحلول 2025م (والذي يعتبر تحت مستوى فقر المياه المدقع وفق التصنيفات الدولية).

في ظل موقع المنطقة العربية ضمن الحزام الجاف وتغير المناخ الذي أدى إلى زيادة الفيضانات في بعض المناطق والجفاف في مناطق أخرى: تعتبر الزراعة أحد الأسباب الرئيسية في أزمة المياه في المنطقة العربية بسبب الاستخدام المفرط للمياه فيها حيث تستخدم نحو 85% من الموارد المائية الطبيعية مقابل معدل عالمي لا يتعدى 70%، وقد تصل إلى أكثر من 90% في بعض البلدان دون مردود مناسب، بالإضافة إلى الاستخدام المفرط للمياه الجوفية بسبب تعاظم الاحتياجات في ظل زيادة السكان والتنمية بمختلف أنواعها مع نقص كميات الامطار لتغذية الخزانات الجوفية لتوازن العرض مع الطلب.

وعليه فإن الإدارة الذكية والفاعلة والمتكاملة للمياه في غاية الأهمية من خلال ترشيد استهلاك المياه في جميع المجالات ووضع الترتيبات اللازمة للمحافظة على المياه ونشر الوعي البيئي في المجتمع للمحافظة على المكونات البيئية المختلفة مع حسن استغلال الموارد، وتنمية الموارد المائية غير التقليدية (كمياه الصرف الصحي والمياه الرمادية المعالجة، ومياه التحلية، والاستمطار الصناعي حيثما امكن) ، والموازنة بين العرض والطلب، مع تطوير التعاون العربي والإقليمي ومتابعة أحدث التقنيات في مجال مراقبة وتقييم وتنمية الموارد المائية، ودراسة تغير المناخ لفهم اعمق والتكيف مع تداعياته والذي أصبح ضرورة لا غنى عنها لضمان عدم تاثير ازمة المياه على نواحي الحياة والتنمية في بلداننا ومنطقتنا العربية.

تم نشر هذه المقالة حديث الأرض (1) للمرة الأولي علي الوئام.