التخطي إلى المحتوى

نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز

فيصل إبراهيم الشمري
كاتب ومحلل سياسي مختص بالشأن الأمريكي

الكشف عن مجموعة جديدة من الوثائق المتعلقة بالمليونير الأمريكي جيفري إبستين، الذي قدرت ثروته وقت انتحاره في سجن بمنهاتن، نيويورك، في أغسطس 2019 بنحو 560 مليون دولار، لم يكن مفاجئًا. الجميع كان على دراية بحياة هذا الممول الأمريكي المدان ومتحرش الأطفال. لكن الأسئلة الأهم المرتبطة بهذه الوثائق تكمن في علاقاته مع شخصيات بارزة في الولايات المتحدة والعالم.

تكشف هذه الوثائق أساليب الحياة الفاسدة وطرق الترفيه المفسدة بين شخصيات نافذة. وتُظهر كيفية عمل الدوائر الداخلية للقوة والثراء والنفوذ بين النخب الحاكمة في السياسة والأعمال بالولايات المتحدة وخارجها. إنها تفضح نخبة عالمية تمارس أساليب شريرة للحفاظ على قبضتها على مراكز القوى السياسية والتجارية والتكنولوجية. وتشير بجدية إلى تورط بعض وكالات الاستخبارات في إقامة علاقات وثيقة مع قادة عالميين بهدف التجسس عليهم. وليس ذلك فحسب، بل إن قضية إبستين تلقي الضوء على السرية والسياسات المعقدة التي تستخدمها “الدول العميقة” في العديد من البلدان لإدارة العالم.

أي محلل سياسي بارع سيجد في تفاصيل فضائح إبستين أدلة على وجود نخبة عالمية شريرة تدير حكومة خفية وعميقة تُكرّس قوتها على حساب مصالح الملايين من المواطنين العاديين حول العالم.

تتضمن القائمة أسماء مثل الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، والرئيس السابق دونالد ترامب، والأمير أندرو من بريطانيا، والمندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة بيل ريتشاردسون، والسيناتور الجمهوري السابق جورج ميتشل، والمحامي الشهير وأستاذ جامعة هارفارد آلان ديرشوفيتز. كما تشمل القائمة أسماء أخرى. ومع ذلك، فإن وجود اسم شخص ما في ملفات إبستين لا يعني بالضرورة تورطه في أفعال مشينة. فقد نفى معظم هؤلاء الأشخاص ارتكاب أي أفعال خاطئة. لكن القصة برمتها تظل مثيرة للجدل وذات تأثير مدمر على سمعة الأسماء الواردة في ملفات إبستين.

محور التحقيق في جرائم إبستين هو مجموعة النساء المعروفات بالضحايا. فهن شابات استغلهن إبستين لتقديم خدمات لعملائه، والذين كانوا يشملون شخصيات بارزة في مواقع مرموقة. فعلى سبيل المثال، توجد صور للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وهو يتلقى تدليكًا من إحدى هؤلاء الضحايا. وقد اشتكت جميع هؤلاء النساء عبر القنوات القانونية من تعرضهن للإجبار على أداء خدمات لا يرغبن بها.

وفي حين أن هناك تعاطفًا مع معاناتهن الحقيقية، إلا أن إذلالهن يرتبط بتكتيك تجسس معروف باسم “مصائد العسل”. تُعرَّف “مصائد العسل” على الإنترنت بأنها “أسلوب تحقيق يشمل استخدام علاقات رومانسية أو جنسية لأغراض سياسية (بما في ذلك التجسس)، أو مالية”. تهدف هذه المصائد إلى إغراء الأفراد بعلاقة زائفة للحصول على معلومات أو تحقيق تأثير عليهم.

تتبع هذه النخب أساليب خبيثة لتخويف العالم من أجنداتها المخفية، متحالفة مع وسائل الإعلام العالمية المرتبطة بالدولة العميقة. وتوهم هذه الجهات شعوب العالم بأنها تعمل لصالحهم، لكن الحقيقة هي العكس تمامًا. إنها تعمل ضد مصالح مليارات الناس حول العالم.

يبقى إبستين الشخصية المحورية في هذه الجريمة. ولسنوات، كانت شريكته غيسلين نويل ماريون ماكسويل، وهي اجتماعية بريطانية سابقة ومتحرشة مدانة. في عام 2021، أُدينت بتهمة الاتجار بالأطفال لأغراض جنسية وجرائم أخرى، وحُكم عليها بالسجن لمدة 20 عامًا.

كانت ماكسويل تُعرف بـ”المدام”، وكانت تُجند النساء لخدمة عملاء إبستين. الأكثر تهديدًا هو أن والدها هو المليونير البريطاني روبرت ماكسويل، الذي كان يملك إمبراطورية إعلامية. وعندما توفي في ظروف غامضة عام 1991، كان غارقًا في ديون تقدر بـ4 مليارات دولار. ووصفت صحيفة The Times of Israel روبرت ماكسويل بأنه كان مرتبطًا بوكالات استخبارات مثل MI6 البريطانية، والـKGB، والموساد.

مهمة الدولة العميقة العالمية هي زعزعة استقرار دول العالم. وتُظهر وثائق إبستين حقائق راسخة حول عقيدة سياسية تهدف إلى إساءة إدارة العالم لمصلحة فئة قليلة قوية. يجب على شعوب العالم أن تستيقظ لمواجهة هذه المؤامرات. فملفات إبستين ليست مجرد قضية قانونية، بل هي مسؤولية وطنية لجميع الشعوب لحماية مواطنتهم، وضمان حقوقهم، وصيانة حرياتهم.