ثمان سنبلات خضر يا بلادي

د. جارح بن فارس المرشدي – أستاذ الإعلام السياسي

جادت لنا الأيام في الخامس من أبريل للعام 2016م بمستقبل سابق حاضرُه، عندما أطلق ولي العهد رؤية المملكة 2030 ببرامجها ومستهدفاتها المختلفة، في سعي حثيث لتغيير الحال وإصلاح الواقع الذي كان يواجه تحديات توهان بوصلة الاتجاه في عالمٍ تتلاطم فيه أمواج التحديات السياسية والاقتصادية، وتتحرك فيه حمم الظواهر الاجتماعية والفكرية مُلقيةً مؤثراتها على الفكر الفردي والجمعي. فتوشحت الأحلام بألوان التفاؤل، واندمجت الأفكار بواقع المستحيل؛ فالبناء للمستقبل لم يرتكز على إرثٍ لماضٍ عريق، بل تجاوزه متلهفًا للقيا مبتدأ طموحاتٍ أُخَر تنتهي إليها أهدافُ حاضرٍ شغوف.

إن جودة الحياة صولجان المواطن الذي يتكئ عليه متجاوزًا متاعب الحياة في ثنايا بذله الجهد لتحقيق طموحاته الخاصة وأهدافه المستقبلية، مسهمًا في بناء مجتمعه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وقد تم إطلاق برنامج “جودة الحياة” في الثالث من شهر مايو للعام 2018م للارتقاء بجودة الحياة للأفراد وأسرهم من مواطنين، مقيمين، وزوار عبر تكوين بيئة محفزة وملائمة للسياق العام المحيط، تعزز مشاركتهم في تنظيم وحضور الأنشطة الثقافية، الترفيهية، الرياضية، والسياحية.

اجتهد الجميع ليلحقوا بتطلعات عراب الرؤية وملهمها، ولي العهد، من أفراد وهيئات ومنظمات. لتدخل ثلاث مدن سعودية قائمة أفضل مئة مدينة للعيش على مستوى العالم، من خلال أنسنة تلك المدن عبر مسارات ومبادرات كثيرة أجمعت على أهمية العناية بالإنسان، عماد النجاح، وبصحته البدنية، وراحته واستقراره النفسي. كما شملت الجهود تهيئة الأماكن لتكون ملاذًا حقيقيًا للباحثين عن المتعة والراحة النفسية، فحُولت المساحات الفارغة إلى مسطحات خضراء ترتادها العائلات والأفراد ليمضوا فيها أوقاتهم بسعادة.

اجتهد الجميع ليلحق بتطلعات عراب الرؤية وملهمها، ولي العهد، من أفراد وهيئات ومنظمات لتدخل ثلاث مدن سعودية قائمة أفضل مئة مدينة للعيش على مستوى العالم من خلال أنسنه تلك المدن عبر مسارات ومبادرات كثيرة، أجمعت على أهمية العناية بالإنسان، عماد النجاح، وبصحته البدنية، وراحته واستقراره النفسي. كما شملت الجهود تهيئة الأماكن لتكون ملاذاً حقيقاً للباحثين عن المتعة والراحة النفسية فحُولت المساحات الفارغة إلى مسطحات خضراء ترتادها العائلات والأفراد ليمضوا فيها أوقاتهم بسعادة.

وقد تنوعت تلك المشاريع، فشملت الحدائق العامة التي تجاوز عددها 8328 حديقة، كما أُعلن في عام 2019 عن “حديقة الملك سلمان” على مساحة تبلغ 16 ألف كيلومتر مربع، وتُعدُّ أكبر حدائق المدن في العالم. شملت المشاريع أيضًا الملاعب الرياضية التي بلغ عددها 5515 ملعبًا، وزُرعت المسطحات الخضراء لتتجاوز مساحتها 222 مليون متر مربع، ليرتفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء والأماكن العامة بنسبة 132% مقارنة بما كان عليه عند إطلاق الرؤية.

كما أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان شهادة “امتثال المباني” وأعطت مهلة تصحيحية لضمان أن يكون الانتفاع بالمباني مرهونًا بالمحافظة على البيئة المحيطة وإزالة التشوه البصري الذي يعكر صفو الفكر. كما قدمت الدعم للمستثمرين في الأندية الرياضية وفتحت المجال لمشاركة الجنسين في الألعاب الرياضية محليًا ودوليًا، ليتسنى للهواة والمحترفين ممارسة الرياضة التي تحقق لهم الاستقرار النفسي والصحة البدنية. وأيد هذا الاتجاه الإعلان عن تصميم المسار الرياضي الممتد 35 كيلومترًا على طريق الأمير محمد بن سلمان، ويتضمن برجًا رياضيًا ومسارًا للمشي والجري والدراجات الهوائية لخلق بيئة صحية رياضية لسكان وزوار مدينة الرياض.

اعتنت الرؤية بالجسد والنفس لصحة الفرد، ولم تهمل جانب الترفيه الذي يتطلب جهدًا كبيرًا، فنجد أن هيئة الترفيه عملت مع وزارتي الثقافة والسياحة ومع غيرها من الهيئات والوزارات لإقامة الأنشطة المتنوعة في مدن وأماكن متفرقة، ليتاح للمواطن والزائر والمقيم الوصول إليها بسهولة واختيار ما يناسبه ويلاقي تطلعاته هو وأسرته. فنجد أن موسم الرياض يستضيف في حديقة السويدي بعض الأسابيع المخصصة للجاليات، التي تقدم فيها الجاليات ثقافتها من موسيقى ولباس وأدوات وأكلات، لتشارك الآخرين من مواطنين ومقيمين من جنسيات أخرى، مما يعكس التنوع الثقافي في مجتمع حيوي.

من جانب آخر،يشمل الترفيه نشر الثقافة الرياضية في أوساط المجتمع السعودي، حيث استضافت المملكة العربية السعودية المسابقات الدولية كـ “راليات السيارات”، وأقوى منافسات الديربي في العالم (الإيطالي والإسباني)، وبطولة العالم للملاكمة، وللمصارعة “WWE”، ونظمت “كأس العالم للرياضات الإلكترونية”. وبذلك حضر الهواة تلك الفعاليات في أرض المملكة، مما كان له أثر إيجابي على الفرد والمجتمع.

وعلى صعيد آخر، غيرت المملكة، وعدلت، واستحدثت القوانين، ووضعت اللوائح التي تحفظ للنفس البشرية استقرارها. فبمجرد وجود جهات وقوانين واضحة تحفظ الحقوق وتحمي الممتلكات، تتهادى الأنفس وتستمتع بالحياة. ومن تلك القوانين ما يتعلق بالمرأة، والطفل، وكذلك المستثمرين الذين يحرصون على وجود قوانين واضحة للاستثمار في المملكة.

ولم تقتصر القوانين على تلك الفئات، بل شملت العمال ذوي المراتب، المناصب، الشهادات، والمهن المختلفة، ونظمت تعاملاتهم. وقد توافق مع تلك الجهود إنشاء اللجان العمالية، التي تُعدّ جهة رقابية تتيح للعامل الاستشارة القانونية من متطوعين قانونيين ومتخصصين يعملون مع اللجنة. ولا يقتصر دور تلك اللجان على السعوديين، بل يشمل جميع العاملين الخاضعين لنظام العمل والعمال في المملكة.

جودة الحياة واقع معاش في مملكتنا، وليست مفردة تذكر فتمر مرور الكرام، بل إنها نبراس حرك الإنسان والجماد ليلاقي تطلعات فارس الرؤية، الذي امتطى صهوة جواد العزم وروض الصعاب باتكال على الله، ثم بثقته بجبل طويق وبالأخص جيل الشباب. فنسمع كثيرًا أن نسبة الإشغال 100% لأماكن الإقامة أثناء المواسم، ونسبة التفاؤل هامة تطال عنان السماء وقامة لا تلين إلا بتحقيق كامل الطموح بمرور ثمان سنبلات خضر.